خروج آخر دفعة لمقاتلي المعارضة من حمص القديمة

الخارجية السورية تطالب الأمم المتحدة مجددا بإدراج «الجبهة الإسلامية» على قائمة الإرهاب بعد تفجير الـ«كارلتون»

مدنيان سوريان يحملان أمتعتهما في حي الحميدية عقب الاتفاق بين المسلحين والقوات الموالية للنظام في مدينة حمص أمس (رويترز)
TT

خرجت أمس آخر دفعة من مقاتلي المعارضة من حمص القديمة بينما جددت وزارة الخارجية السورية طلبها من الأمم المتحدة إدراج «الجبهة الإسلامية» على قائمة الإرهاب، داعية إلى اتخاذ إجراءات فورية بحق الدول الراعية لهذه المجموعات الإرهابية وإلزامها بالتوقف عن تقديم الدعم المالي واللوجيستي لها.

جاء ذلك بعد يوم من تبني «الجبهة الإسلامية» في حلب عملية تفجير مبنى فندق الـ«كارلتون» الأثري الذي تتخذه قوات النظام مقرا لها، و«الجبهة الإسلامية» تحالف يضم عددا من الكتائب الإسلامية المقاتلة والجيش الحر في حلب، وتشكلت العام الماضي على خلفية محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق (داعش) التابع لتنظيم القاعدة في العراق، حيث تتهم الجبهة الإسلامية تنظيم داعش بالعمل لمصلحة النظام.

وقالت وزارة الخارجية السورية في رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي إن «تفجير فندق الـ«كارلتون» الأثري في حلب دليل إضافي يدعم الطلب الذي كانت قد تقدمت به سوريا إلى مجلس الأمن لإدراج (الجبهة الإسلامية) على قائمة الإرهاب». وأوضحت أنها ليست «الجريمة الأولى التي تطول التراث الثقافي والديني والحضاري لمدينة حلب، فقد تعرض فندق الـ«كارلتون» نفسه إلى محاولتين سابقتين لتدميره.. إضافة إلى قيام المجموعات الإرهابية سابقا بإحراق سوق المدينة، وهي أقدم سوق تجارية في العالم، واستهداف الجامع الأموي الكبير في المدينة». ودعت مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة إلى إصدار إدانة واضحة وشديدة لهذه الجرائم وإلى التحرك السريع نحو إدراج «الجبهة الإسلامية» على قائمة الإرهاب وإلى اتخاذ إجراءات فورية بحق الدول الراعية لهذه المجموعات الإرهابية وإلزامها بالتوقف عن تقديم الدعم المالي واللوجيستي لها.

ويعود تاريخ مبنى فندق الـ«كارلتون» إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى حيث بناه العثمانيون ليكون مشفى، ثم تحول إلى فندق، وفي عهد بشار الأسد جرى تأجيره لمؤسسة الآغاخان لـ99 سنة حيث رممته مع بعض مباني حلب القديمة. وكانت مدينة حلب استيقظت على صوت تفجير ضخم هز أرجاء المدينة صباح أول من أمس الخميس، وذلك لدى تفجير نفق حفر تحت فندق الـ«كارلتون» في حلب القديمة في عملية تبنتها «الجبهة الإسلامية» ودمرت الفندق الأثري بشكل كامل، وتعد هذه العملية الثانية من نوعها التي تستهدف الفندق، علما بأنه في المرة الأولى تسببت في تدمير جزئي. وقدر ناشطون عدد القتلى من قوات النظام في هذه العملية بأكثر من خمسين عسكريا، حيث تلا التفجير اشتباكات عنيفة، في حين أعلن النظام أن هذه الاشتباكات تتزامن مع سقوط قذائف هاون على عدة أحياء خاضعة لسيطرة النظام.

ويعد تفجير الـ«كارلتون» هو الرابع في حلب القديمة، إضافة للقصر العدلي ومبنى الأحزاب وغرفة الصناع.

في سياق آخر أعلن محافظ حمص طلال البرازي عن بدء وحدات الهندسة بتمشيط وتفكيك العبوات الناسفة بأحياء حمص القديمة، مشيرا إلى أنه جرى «توجيه دعوة إلى جميع الفعاليات التجارية ومواطني حمص القديمة لمراجعة قسم شرطة حي الحميدية من أجل تسهيل عملية دخولهم إلى المدينة القديمة»، لافتا إلى أن عمال المؤسسات الخدمية في المدينة القديمة قاموا يوم أمس الجمعة بـ«يوم عمل طوعي للإسراع بإعادة هذه المؤسسات إلى وضعها الطبيعي».

وبعد تعثر في تنفيذ آخر مرحلة من الاتفاق بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام القاضي بخروج آمن للمقاتلين من أحياء حمص المحاصرة، قالت مصادر حكومية سورية ومعارضة، إن آخر دفعة من مقاتلي المعارضة خرجت من حمص القديمة، وذلك بعد التوصل لاتفاق بشأن دخول مساعدات إلى بلدتين في ريف حلب خاضعتين لحصار من قبل مقاتلي الجيش الحر. وتعرقلت المرحلة الأخيرة حيث احتجزت نحو 270 مقاتلا كان مقررا خروجهم من حمص يوم الخميس، لأن لواء التوحيد في حلب عرقل دخول سيارات المساعدات الإنسانية إلى بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين المواليتين للنظام والمحاصرتين من قبل قوات المعارضة في ريف حلب. وتضمن الاتفاق تأمين خروج المقاتلين من أحياء حمص القديمة بسلاحهم إلى ريف حمص الشمالي، مقابل السماح بوصول قوافل الأغذية إلى بلدتي نبل والزهراء في حلب، ودخلت «الجبهة الإسلامية» في حلب ضمن عملية التفاوض التي تضمن أيضا إطلاق سراح عشرات من المخطفوين من قوات النظام ومدنيين موالين له، وجرى إطلاق سراح أكثر من 40 مخطوفا في الساحل وحلب وحمص. وجرى تنفيذ الاتفاق تحت إشراف الأمم المتحدة وبوجود روس وإيرانيين.

وكانت هيئة الإغاثة التركية أعلنت أن شاحنة تابعة لها تعرضت الخميس لقصف جوي سوري، فيما كانت متوجهة إلى مدينة حلب. وأوضحت في بيان لها صدر أمس أن «شاحنة مساعدات تعرضت للقصف عند مدخل مدينة حلب وكانت تحمل الطحين ومواد إغاثية لصالح هيئة الشباب المسلم السورية، العاملة مع الهيئة التركية في سوريا». وأدى القصف إلى مقتل سوري وإصابة آخر بجروح خطيرة.

في غضون ذلك، استمرت الاشتباكات بين قوات النظام والكتائب الإسلامية المقاتلة والجيش في مناطق متفرقة في البلاد، لا سيما في محافظة حماه، حيث اتهم ناشطون قوات النظام بقصف بلدة كفر زيتا بغاز الكلور السام، مما أسفر عن وقوع حالات اختناق، وقال «اتحاد تنسيقيات الثورة» إن قوات النظام استهدفت بلدة كفرزيتا بريف حماه ببرميل يحتوي على غاز الكلور السام، في حين قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة بلدة مورك ومحيط بلدة اللطامنة، مما أسفر عن سقوط ضحايا.

كما ذكر ناشطون أن 20 جنديا من قوات النظام قتلوا لدى استهداف موكبهم بـ«لغم أرضي» كان الجيش الحر زرعه على طريق أريحا - اللاذقية في ريف إدلب.

وبذلك انتهت أمس المرحلة الأخيرة من اتفاق حمص لإجلاء عناصر المعارضة السورية من أحياء المدينة القديمة، بعد خروج نحو 270 مقاتلا باتجاه الريف الشمالي، تزامنا مع دخول 12 شاحنة من المساعدات الإغاثية إلى بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين في حلب، بحسب بنود الاتفاق الذي أشرفت الأمم المتحدة على تطبيقه. وقال محافظ المدينة طلال البرازي: «أنهينا عملية إجلاء المسلحين من مدينة حمص القديمة»، حيث أجلي بالإجمال نحو ألفي شخص أغلبهم من المعارضين منذ الأربعاء الفائت.

وأفاد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» بأن «الاتفاق وصل إلى خواتيمه بنجاح رغم العراقيل التي حصلت أول من أمس بسبب اعتراض إحدى الكتائب الإسلامية لقوافل المساعدات المتجهة إلى بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين في حلب». ومنع النظام السوري أول من أمس خروج الدفعة الأخيرة من المقاتلين المعارضين التي تتكون من 270 عنصرا، بعد رفض كتائب المعارضة في حلب إدخال شاحنات المساعدات الإغاثية إلى بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين.

وأوضح عبد الرحمن أن «اتصالات مكثفة من قبل وسطاء ساهمت في إقناع كتائب المعارضة باستكمال تنفيذ الاتفاق عبر السماح بإدخال 12 شاحنة مساعدات غذائية إلى مدينتي نبل والزهراء بعد أن قامت إحدى الكتائب الإسلامية بمنعها»، وبينما اتهم ناشطون «جبهة «النصرة» بمنع قوافل المساعدات من دخول البلدتين»، كتب أحد أعضاء لجنة المفاوضات عن المعارضة، أبو رامي الحمصي، في صفحته على موقع «فيسبوك»: «نحن محتجزون ضمن سبع حافلات لدى النظام في حمص، ليس لأن النظام غدر بنا، إنما لأن (لواء التوحيد) ضمن (الجبهة الإسلامية) لم يرضَ أن يسير القوافل المتفق عليها إلى نبل والزهراء، مع العلم بأن الجبهة تعهدت بضمان الطريق وإيصال المساعدات».