الحكومة التونسية تجتاز عقبة أول مساءلة برلمانية

«الاتحاد العام للشغل» يحذر من المس بالفئات الفقيرة عبر مراجعة دعم المواد الغذائية

وزيرة السياحة التونسية آمال كربول لدى وصولها إلى البرلمان أول من أمس للإجابة عن تساؤلات النواب احتجاجا على دخول 61 سائحا إسرائيليا الأراضي التونسية أثناء قيامهم برحلة بحرية في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

تخطت الحكومة التونسية عقبة أول مساءلة برلمانية بسلام، بعد أن سحب المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) في وقت متأخر من مساء أول من أمس لائحتي اللوم ضد وزيرين بشأن ملف السياح الإسرائيليين.

وكان أكثر من 80 نائبا وقعوا على عريضة لسحب الثقة من وزيرة السياحة آمال كربول والوزير المكلف بالأمن رضا صفر احتجاجا على دخول 61 سائحا إسرائيليا الأراضي التونسية أثناء قيامهم برحلة بحرية في أبريل (نيسان) الماضي.

ووجه عدد من النواب انتقادات حادة للوزيرين وسط اتهامات للحكومة «بالتطبيع مع إسرائيل والخضوع لإملاءات غربية».

وقالت النائبة إقبال مصدع عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في مداخلة بالمجلس التأسيسي: «قرارات الوزيرين مست خطوطا حمراء كما مست العلاقات الخارجية للدولة، ويجب أن يخضعا للمساءلة».

وتعارض أحزاب سياسية استقبال إسرائيليين في تونس حيث تعده تطبيعا مع الدولة العبرية على حساب القضية الفلسطينية، إلا أن مجموعة أخرى من النواب رفضت مبدأ التصعيد ضد الحكومة، وعدت العريضة «مزايدات سياسية وحملة انتخابية مبكرة».

وقال الناطق باسم حزب المسار إن الهدف من العريضة هو الإطاحة بالحكومة.

وكان يفترض التصويت على لائحتي اللوم لكن رئيس المجلس التأسيسي أعلن في نهاية المطاف عن سحبهما واكتفى المجلس بتوجيه بيان ضد الحكومة.

وخلال جلسة المساءلة قال الوزير رضا صفر ردا على أسئلة النواب: «إن الوزارة لا تتعامل مع جوازات أو وثائق إسرائيلية رسمية وإنما يتعلق الأمر برخصة تمنح للسياح العابرين لبضع ساعات».

وطالب معظم نواب المعارضة بعرض أمر سحب الثقة من الوزيرين على التصويت، ولم يحظ إلا بـ80 صوتا، وهو نصاب غير كاف لسحب الثقة منهما، حسب ما ينص عليه الدستور التونسي، الذي يطلب توفر أغلبية بـ109 أصوات.

ورأى بعض النواب أن مساءلة عضوي الحكومة تدخل في خانة المزايدات السياسية وتصفية الحسابات لا غير، وطالبوا الكثير من الأحزاب بالتريث، ودعوا إلى التذكير بالثوابت الوطنية وخاصة منها نصرة الشعب الفلسطيني.

وجاءت جلسة المساءلة قبل أيام من انطلاق احتفالات معبد الغريبة بجزيرة جربة الذي يتوقع أن يجذب الآلاف من السياح اليهود.

وكان رئيس الحكومة مهدي جمعة حذر من أن التشويش على احتفالات الغريبة سيؤثر على نجاح باقي الموسم السياحي.

وسبق أن منعت السلطات التونسية في مارس (آذار) الماضي 14 سائحا من دخول تونس وهم على متن رحلة بحرية كانت راسية بميناء حلق الوادي بالعاصمة بدعوى تعذر استيفائهم للإجراءات القانونية ما جلب انتقادات دولية لتونس.

وأوضح صفر: «هذا التصرف صدر عن مسؤول في الميناء بشكل فردي وكان منطلقا لشن حملة دولية من شأنها الإضرار بمصالح تونس».

وتقول الحكومة إن دخول الإسرائيليين إلى تونس إجراء معمول به مع الحكومات السابقة لكن بشكل غير علني، وإن الحكومة الحالية ستتعاطى مع هذا الملف بشفافية أمام الرأي العام.

لكن يبدو أن الأزمة بدأت تلقي بظلالها على تدفق السائحين إلى تونس، حيث كشف النائب محمود البارودي رئيس لجنة القطاعات الخدمية بالمجلس الوطني التأسيسي يوم الخميس الماضي عن إلغاء شركة أميركية لرحلة بحرية تضم ألفي سائح كان من المقرر أن تتوقف في تونس أمس السبت وإلغاء رحلة أخرى يوم 26 من الشهر الجاري على خلفية الجدل الدائر حول السياح الإسرائيليين.

وقال بيريز الطرابلسي رئيس الطائفة اليهودية بتونس، أمس، إن عدد الزائرين لمعبد الغريبة هذا العام لن يتجاوز الألفين في أفضل الحالات، أي نصف العدد المتوقع، بسبب الأزمة.

وبدوره، قال محمد علي التومي رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار، في تصريح إعلامي، إن إلغاء الرحلات البحرية التي كانت ستحط الرحال أمس السبت في تونس، نتج عنه خسائر مالية تتراوح بين 150 و200 ألف دولار.

من ناحية أخرى، حذر الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر المنظمات العمالية) من مغبة المس بالفئات الفقيرة عبر مراجعة دعم المواد الغذائية. وقال أمينه العام حسين العباسي، في افتتاح مؤتمر نقابي عقد أمس بالحمامات (شرق)، إن الحكومة التونسية ستعلن قريبا عن زيادة في الأجر الأدنى المضمون، وكذلك عن انطلاق المفاوضات بين الحكومة واتحاد الشغل ونقابة رجال الأعمال حول الزيادة في الأجور في القطاع الخاص نهاية شهر مايو (أيار) الحالي.

وأضاف أن المنظمة العمالية توافق على إجراءات ظرفية يتطلبها الواقع الاقتصادي ولكنها ترفض تحميل مسؤولية تردي الأوضاع في تونس للعمال والأجراء، ومن ثم الترويج لصعوبات حالية في دفع الأجور والامتناع بعد ذلك عن الدخول في مفاوضات للزيادة في الأجور وتحسين القدرة الشرائية للتونسيين.