ضابطان أميركيان يقتلان مسلحين حاولا اختطافهما في صنعاء

جرى نقلهما إلى خارج البلاد

TT

قتل ضابط بقوات العمليات الخاصة لقوات الـ«كوماندوز» الأميركية وآخر بوكالة المخابرات المركزية الأميركية في اليمن بإطلاق النار، وقتل اثنان من المدنيين اليمنيين المسلحين، اللذين حاولا اختطافهما أثناء وجودهما في صالون للحلاقة بالعاصمة اليمنية قبل أسبوعين، وذلك حسب ما ذكره مسؤولون أميركيون يوم الجمعة.

وحسب ما ذكره مسؤولون أميركيون، فقد جرى نقل الأميركيين - الملحقين بالسفارة الأميركية - خارج هذا البلد المضطرب، الذي يقع بمنطقة الشرق الأوسط، وذلك في غضون أيام قليلة من إطلاق النار، وبمباركة من الحكومة اليمنية.

وتأتي الأنباء عن عمليات إطلاق النار هذه في ظل فترة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لحكومة الرئيسي اليمني عبد ربه منصور هادي؛ حيث إن تعاونه بشأن الهجمات التي تقوم بها الطائرات الأميركية من دون طيار ضد الأفراد المشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة، أثار بالفعل مشاعر السخط والغصب في اليمن.

ويعتقد اليمنيون - في ظل توافر بعض الأدلة - أن الهجمات التي تشنها الطائرات من دون طيار، عادة ما تتسبب في قتل مدنيين موجودين بالقرب من الأشخاص المستهدفين، وبالتالي فإن أي دليل يشير إلى أن حكومة الرئيس هادي ساعدت في التستر على مسألة قتل يمنيين على يد قوات الـ«كوماندوز» الأميركية قد يؤدي إلى إثارة المشكلات.

تتزايد أعمال العنف في اليمن؛ ففي يوم الجمعة، هاجم مسلحون إحدى نقاط التفتيش الموجودة خارج القصر الرئاسي، وعلى ما يبدو أن هذا الهجوم جاء رد فعل انتقامي على الهجوم الذي شنته الحكومة اليمنية، لنحو عشرة أيام، ضد معاقل تنظيم القاعدة.

لم يتضح بالتحديد ما الذي كان يفعله الأميركيان وقت إطلاق النار يوم 24 أبريل (نيسان)، وذكر بعض المسؤولين الأميركيين أنهما كانا يحلقان شعرهما فحسب في صالون للحلاقة في شارع حدة بصنعاء، والذي يوجد في حي راق كثيرا ما يتردد عليه الأجانب، مما يقوض من أي مزاعم تشير إلى أنهما كانا في مهمة سرية.

وفي الجمعة الماضية، رفض كل من البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية التعليق على حادث إطلاق النار، ووجها كل الأسئلة بشأن الحادث إلى وزارة الخارجية الأميركية.

وحسب ما ذكرته ماري هارف، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية عبر البريد الإلكتروني ردا على أسئلة أثارتها صحيفة «نيويورك تايمز»: «يمكننا أن نؤكد أنه في الشهر الماضي، قام الضابطان الملحقان بالسفارة الأميركية في اليمن بإطلاق النار بعد أن تعرض لهما أفراد مسلحون في محاولة لاختطافهما في محل للأعمال التجارية الصغيرة في صنعاء»، وأضافت: «قتل اثنان من الأفراد المسلحين. وغادر الضابطان التابعان للسفارة اليمن».

وذكر محمد الباشا، المتحدث باسم السفارة اليمنية في واشنطن، أنه كان على بينة بحادث إطلاق النار، ولكن لم يكن لديه أي معلومات عن دور أميركا في الأمر، أو رد فعل حكومته حيال هذا الدور.

ونشرت وسائل الإعلام الإخبارية اليمنية أنباء عن عمليات القتل التي وقعت في الأيام التي أعقبت إطلاق النار، ولكن نسب الأمر إلى مسلحين مجهولين.

ورفض مسؤولون أميركيون الكشف عن هوية الأميركيين أو طبيعة عملهم في اليمن؛ حيث يقوم البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية بتدريب قوات الأمن اليمنية، بالإضافة إلى تنفيذ هجمات الطائرات من دون طيار، بينما ذكر أحد كبار المسؤولين الأميركيين، أن أحد الأفراد المتورطين في حادث إطلاق النار كان ضابطا كبيرا برتبة عقيد (لفتنانت كولونيل) بقيادة العمليات الخاصة المشتركة، والآخر كان ضابطا بوكالة الاستخبارات المركزية. ولم يكن من الواضح ما إذا كان الضابطان الأميركيان قد انتهكا البروتوكولات الأمنية للسفارة الأميركية أم لا عندما زارا صالون الحلاقة، وعلى ما يبدو أنهما كانا بمفردهما؛ ففي الدول المحفوفة بالمخاطر أمثال اليمن، وباكستان، عادة ما تفرض قيود مشددة على الموظفين الدبلوماسيين الأميركيين في كل مكان، وكذلك عندما ينتقلون خارج جدران السفارة، وعادة ما يرافقهم رجال أمن مسلحون.

وذكرت هارف عبر البريد الإلكتروني: «وفقا للإجراءات الاعتيادية لأي حادث من هذا القبيل يشمل ضباط السفارة الأميركية بالخارج، يكون الأمر قيد النظر».

يذكر أن أعمال القتل هذه تجد صداها في قضية مماثلة تعود لعام 2011؛ عندما سجن ريموند اية ديفيس، ضابط بوكالة الاستخبارات المركزية، لعدة أسابيع عقب قيامه بقتل اثنين من الباكستانيين في شارع مزدحم بمدينة لاهور، وأسفرت الضجة التي تلت ذلك الحادث عن تدهور مستوى العلاقات بين وكالة الاستخبارات المركزية وجهاز المخابرات الباكستاني، وربما وصلت العلاقات بينهما إلى أدنى مستوياتها منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) .

تعد الحكومة اليمنية حليفا قويا لمكافحة الإرهاب، ومن دون شك، يعمل المسؤولون بالإدارة الأميركية لتجنب تكرار الكارثة التي وقعت عام 2011. وحسب ما أفاد به أحد المسؤولين الأميركيين: «بالتأكيد، سيتم إجراء تحقيق في الحادث، ومن المفترض أنه سيتم الإفادة بمعلومات تتعلق بما حدث في باكستان».

لم تكن قضية ريموند إيه ديفيس، التي حدثت في يناير (كانون الثاني) 2011، هي وحدها التي «جعلت العلاقات بين وكالة الاستخبارات المركزية وجهاز المخابرات الباكستاني تصل ربما إلى...

إنني أشعر بالدهشة، فقد كنت في صنعاء منذ أسابيع قليلة وكنت أشعر بالأمان تماما. من المثير للدهشة تدهور الأوضاع بهذه السرعة!» كما أن حقيقة أن كلا من الولايات المتحدة واليمن انتظرا لأسابيع للتصدي لهذا الأمر، يدع مجالا للشك. ففي الحقيقة انتظرت الولايات المتحدة الأميركية حتى يوم الجمعة.

وقد أعرب المسؤولون الأميركيون عن مخاوفهم بشأن أعمال العنف التي اندلعت في اليمن، وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية يوم الأربعاء أنها أغلقت سفارتها في صنعاء نظرا للدواعي الأمنية، مشيرة إلى الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها المصالح الغربية في اليمن بوصفه سببا لتعليق عملياتها بشكل مؤقت.

لقد وقعت أعمال العنف يوم الجمعة بالقرب من أعتاب الرئيس، عندما هاجم مسلحون - والذين من المعتقد انتماؤهم لتنظيم القاعدة - سيارة تابعة لرجال الأمن، وقتلوا ثلاثة من الجنود في المنطقة المحيطة بالقصر الرئاسي، وحسب ما ذكرته تقارير إخبارية، فقد دخل المسلحون في تبادل لإطلاق النار لفترة طويلة في شوارع العاصمة قبل هروبهم. وفي هجوم ثان شهدته محافظة البيضاء اليمنية، قام مسلحون - من المعتقد أنهم على صلة بتنظيم القاعدة - بقتل جنديين، بالإضافة إلى إصابة كثيرين في كمين نصب لهم، وذلك حسب ما ذكره مسؤولون بالمنطقة.

وفي هجوم ثالث وقع في اليوم ذاته، هاجم مقاتلون مسلحون من قبيلة عبيدة، بمحافظة مأرب المضطربة، نقاط التفتيش الأمنية، وأبراج الكهرباء، فضلا عن أنابيب النفط والغاز، وذلك حسب ما أفاد به المقيمون بالمحافظة.

على ما يبدو أن كل الهجمات التي وقعت يوم الجمعة كانت بمثابة رد فعل انتقامي على الحملة التي شنتها الحكومة اليمنية ضد معاقل تنظيم القاعدة؛ حيث جاء ذلك عقب سلسلة من هجمات الطائرات من دون طيار وقعت الشهر الماضي، وأسفرت عن مصرع أكثر من 13 من المسلحين الذين ينتمون إلى تنظيم القاعدة في اليمن، في واحدة من أصعب الهجمات التي وقعت في السنوات الأخيرة.

* خدمة «نيويورك تايمز»