ارتفاع أسهم المرشحين التوافقيين للرئاسة اللبنانية مع تراجع حظوظ «الأقطاب»

بكركي تسعى لإنجاز الاستحقاق في موعده الدستوري

TT

مع اقتراب موعد انقضاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في 25 من الشهر الحالي، تتراجع حظوظ الأقطاب الموارنة، مقابل ارتفاع أسهم المرشحين «التوافقيين»، بعد تعذر التوصل لتفاهم مسيحي تحت كنف البطريركية المارونية على أحد المرشحين الأربعة، رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات سمير جعجع، رئيس حزب الكتائب أمين الجميل ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.

ولم ينجح جعجع المرشح الرسمي الوحيد، خلال الجلسات النيابية الثلاثة الماضية والتي كانت مخصصة لانتخاب رئيس جديد، بتأمين الأكثرية المطلوبة لانتخابه. إذ وبعد حصوله في الجلسة الأولى على 48 صوتا، قاطعت كتلتا عون و«حزب الله» في قوى «8 آذار» الجلستين اللاحقتين ما أطاح بالنصاب الدستوري المطلوب وبحظوظ جعجع الرئاسية، علما أن فوز أي مرشح للرئاسة يتطلب حصوله على ثلثي عدد النواب، أي 86 صوتا (من أصل 128) في الدورة الأولى والنصف زائد واحد، أي 65 في الدورات التالية.

ولا يبدو أن تحرك عون باتجاه رئيس تيار المستقبل رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري ستنتج توافقا على انتخابه رئيسا، تماما كجولة الجميل على الأقطاب لمحاولة تبيان إمكانية دعم ترشيحه، ما يفعل عملية التداول بأسماء شخصيات توافقية لم تعلن معظمها ترشيحها رسميا. ومن أبرز الأسماء المتداولة كوسطية توافقية قد تنتخب في إطار تسوية سياسية، قائد الجيش جان قهوجي والوزراء السابقون جان عبيد وزياد بارود ودميانوس قطار إضافة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس الرابطة المارونية جوزيف طربيه ورئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن، كما يتداول أيضا اسمي وزير الاتصالات بطرس حرب والنائب روبير غانم، علما أنهما يعتبران أقرب إلى فريق «14 آذار».

وبدا لافتا ما أعلنه النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم أخيرا عن أن بكركي (أي البطريركية المارونية) لا تمانع حصول توافق على شخصية من غير المرشحين الكبار، أي الأقطاب، لأن المهم عدم حصول شغور في موقع رئاسة الجمهورية.

وفي هذا الإطار، قال المسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض لـ«الشرق الأوسط» إن «البطريركية سعت منذ البداية كي ينتخب الرئيس من الأقطاب الموارنة، لكن ما يهمها هو إنجاز الاستحقاق في موعده الدستوري»، لافتا إلى أن البطريرك بشارة الراعي يبذل جهده كي لا يكون القصر الجمهوري خال بعد تاريخ 25 مايو (أيار) المقبل.

وأوضح غياض أن ما يسعى إليه الراعي هو «صون دور بكركي الوطني وإبقاء القرار بالاستحقاق الرئاسي داخلي»، معربا عن تفاؤله بتحركات الأقطاب الموارنة والتي من الممكن أن تنتج حلحلة بالملف الرئاسي.

ونفى غياض نفيا قاطعا ما أشيع عن مساع للبطريرك لتمديد ولاية الرئيس الحالي ميشال سليمان، وقال: «التمديد لم يطرح نهائيا ولم يتحدث به البطريرك، كما أن الرئيس أعلن بنفسه أكثر من مرة أنه لا يرغب بالتمديد». بدورها، قالت مصادر في قوى «8 آذار»: «أننا دخلنا مرحلة التصفيات في الانتخابات الرئاسية»، لافتة إلى أنه وفي هذه المرحلة «لم يعد هناك حظوظ للأقطاب بعد رفضهم التنازل لأحد المرشحين من بينهم».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «أصبح لدى جعجع قناعة بأنه لا حظوظ له على الإطلاق، كما نتوقع أن يصل عون إلى القناعة نفسها في حال أبلغه الحريري الأسبوع المقبل جوابا نهائيا قد لا يدعم ترشيحه».

وأوضحت المصادر أن حظوظ الجميل في الرئاسة متدنية أيضا باعتبار أن قوى «8 آذار» أبلغته أنها لا تدعم ترشيحه، علما أن القوات وحتى تيار المستقبل لا يسيران به»، ولفتت إلى أنه «وفي مقابل تراجع حظوظ الأقطاب ترتفع أسهم المرشحين التوافقيين وفي طليعتهم قائد الجيش جان قهوجي الذي يبدو أن هناك توافقا دوليا عليه».

وقالت المصادر: «المرحلة التي نعيشها في لبنان والمنطقة ككل مرحلة أمنية بامتياز تتطلب شخصية أمنية في سدة الرئاسة، من هذا المنطلق يتقدم قهوجي على سواه من المرشحين التوافقيين».

وما تزال القوى السياسية الرئيسة متمسكة علنا بمواقفها على الرغم من المفاوضات التي تجري في الكواليس للتوافق على رئيس «تسووي». وفي هذا السياق، لفت النائب في كتلة المستقبل عاطف مجدلاني إلى أن الاصطفافات السياسية لا تزال على حالها، إذ لا يزال مرشح قوى«14 آذار» هو جعجع. وأوضح مجدلاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قوى «14 آذار» ما تزال تنتظر إعلان قوى «8 آذار» عن مرشحها والذهاب إلى المجلس النيابي للدخول في منافسة ديمقراطية تؤدي إلى انتخاب الرئيس الذي يحظى بالأغلبية المطلوبة. وأشار إلى أن المفاوضات الحاصلة بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» الذي يرأسه عون تبحث «بضرورة عدم الوصول إلى الفراغ ووجوب تأمين نصاب الجلسات النيابية المخصصة لانتخاب رئيس جديد للبلاد يحظى بحيثية مسيحية». وتواكب حركة الأقطاب الأربعة والبطريرك الماروني، جهود يبذلها رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للخروج بتسوية رئاسية تجنب البلاد الفراغ.

وأشار ميشال موسى، النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري إلى أن هناك مساعي لتحقيق «اختراق معين» بالملف الرئاسي، ولكن لم ينتج عنها شيء حتى الساعة، لافتا إلى أن استمرار الاصطفاف السياسي على ما هو عليه يؤدي لمراوحة قاتلة، باعتبار أنه لا أحد من الفرقاء قادر على تأمين الأصوات اللازمة لضمان فوز مرشحه أو بحد أدنى لتأمين النصاب لعقد جلسة جديدة لانتخاب رئيس.

وقال موسى لـ«الشرق الأوسط»: «الاتصالات والمشاورات ناشطة على أكثر من خط لكن لا إيجابيات حتى الساعة أو نقاط يمكن التعويل عليها»، لافتا إلى أنه «كلما اقترب موعد انقضاء المهلة الدستورية ازداد التخوف من دخول البلاد في الفراغ وشغور سدة الرئاسة».