أكاديميون سودانيون بارزون ينددون بالعنف ضد الطلاب المعتصمين

مدير جامعة الخرطوم يقدم استقالته.. ولجنة الوساطة تتهم الدولة العميقة بالوقوف وراء الأحداث

TT

اتهم أكاديميون بارزون بجامعة الخرطوم، أعرق الجامعات السودانية، جهات موالية للسلطة الحاكمة بإثارة العنف وبالاعتداء على طلاب الجامعة المعتصمين، احتجاجا على اغتيال أحد زملائهم برصاصة في حرم الجامعة، وبحرق مكاتب الأساتذة وبتهديدهم، وبحرق بعض الغرف في السكن الجامعي للطلاب.

وكشف رئيس لجنة المبادرة الطوعية المكونة من أساتذة وطلاب، البروفسور عبد الرحيم السيد كرار، في مؤتمر صحافي أمس، عن جهات – لم يسمها – هاجمت الطلاب واعتدت عليهم بالضرب في مجمعي «الوسط وشمبات» الأسبوع الماضي، وأحرقت مساكنهم، وبعض مكاتب الأساتذة.

وقال البروفسور كرار إن اللجنة الطوعية التي يرأسها وتتكون من أساتذة وطلاب، وتسعى لوقف العنف بين طلاب الجامعة، تلقت نفيا من الشرطة وأجهزة الأمن القومية والولائية، والسلطات المكفول لها دستورا باستخدام العنف كافة، لعلاقتها بالمجموعات التي اعتدت على الطلاب، واتهمها بالوقوف «متفرجة» على المجموعات المسلحة بالأسلحة البيضاء، وعلى سيارات نصف نقل، وهي تدخل الجامعة وتعتدي على الطلاب دون أن تبدي أي رد فعل لوقفها عند حدها. وأضاف «بل قالت إنها لا تملك سلطة عليهم».

وجدد البروفسور كرار اتهام «جهات نافذة في السلطة»، بتعطيل كاميرات المراقبة في بوابات الجامعة حين تبدأ أحداث، وقال إن عدم تعاون الأجهزة الأمنية من شرطة وأمن مع إدارة الجامعة دفع بمدير الجامعة البروفسور صديق حياتو لتقديم استقالته للجهات المسؤولة، بيد أنها لم تبت في تلك الاستقالة بعد.

واندلعت أحداث العنف في جامعة الخرطوم إثر اغتيال الطالب «علي أبكر» برصاصة في حرم الجامعة، في أحداث عنف طلابي بين طلاب الإسلاميين وطلاب آخرين بعضهم موالون لأحزاب معارضة وحركات مسلحة، في 11 مارس (آذار) الماضي. وأصدرت الإدارة وقتها قرارا بإغلاق الجامعة، وبعيد إعادة افتتاحها دخل الطلاب في اعتصام مفتوح مطالبين بالتحقيق في مقتل زميلهم وتقديم الجاني أو الجناة لمحاكمات، وتفكيك أماكن في الجامعة «مسجد الجامعة، وحدات يطلق عليها الوحدات الجهادية»، يزعمون أن الطلاب الإسلاميين يستخدمونها كأوكار ينطلقون منها للاعتداء على الطلاب غير الموالين للحكم، وأن جهات في الدولة لم تستجب لقرار مدير الجامعة بأيلولة مسجد الجامعة للإدارة وتفكيك الوحدات «الجهادية».

من جهته، ندد عضو اللجنة البروفسور محمد يوسف محمد المصطفى، في المؤتمر الصحافي، بما سماه اغتيال طالب نهارا جهارا بطلق ناري من جهة لم تحدد بعد، لكنها ليست «الشرطة أو الجيش أو الجهات المخول لها حمل السلاح، بالدستور وبالوجدان السليم لأي أمة». وأضاف أن مقتل الطالب ترتب عليه إغلاق الجامعة، ودخول الطلاب في اعتصام، لمعرفة ماذا حدث لزميلهم ومن المسؤول عن اغتياله، وما إن تم القبض عليه أم لا.

ووصف المصطفى مطالب واعتصامهم الطلاب بالمشروعة، وأنها تتناغم مع ما أسماه الهم الكبير لأساتذة الجامعة الممثل في «جامعة آمنة ومستقرة» تخلو من أي اعتداءات سواء كانت بالرصاص أو بغيره، وقال «إذا غاب الأمن غابت الحرية، وإذا غابت الحرية فلا جامعة لأن شرط الجامعة هو الحرية». وأضاف المصطفى في حديثة للصحافيين، أن ما يهدد الأمن والاستقرار في الجامعة العريقة هو وجود «بؤر يمكن استخدامها للعنف»، وتتضمن غرفا في مسجد الجامعة، وغرفا في وحدات رسمية مثل «وحدة التربية الجهادية»، متهما جهة منظمة بإرهاب الطلاب. وقال إن لجنة المبادرة ترى أن من حق الطلاب الاعتصام، وتطالب بنشر الحقائق حول اغتيال الطالب علي أبكر، وتصفية وحدات التربية الجهادية في الجامعة، وسيطرة إدارة الجامعة على مسجد الجامعة، فضلا عن تكوين اتحاد للطلاب.

وحذر المصطفى تلك الجهات من ممارسة العنف بقوله «العنف يولد العنف، فإذا كنت تملك ميزة القوة وامتلاك وسائل العنف، فهو أمر غير دائم، فقد تتغير موازين القوى، فلماذا تزرع عدم الأمن؟». واتهم المصطفى ما أطلق عليها «الدولة العميقة» بوضع العراقيل والمشاكل أمام التحقيق في مقتل الطالب وتصفية أوكار العنف، وقال إن المجموعات التي هاجمت طلاب الجامعة في 6 مايو (أيار) الحالي تشير إلى كل الدلائل إلى ارتباطها بجهات في السلطة، مما يصعب حل المشكلة مع مجموعة مسنودة بالسلطة والحكومة.

بينما قال عضو اللجنة وممثل الطلاب عوض عبدون إن ميليشيات دخلت الجامعة، وعلى سيارات نصف نقل ودفع رباعي، على مرأى من الشرطة، ومارست عنفا مفرطا ضد الطلاب المعتصمين، واعتدت عليهم بالضرب والإهانات وأحرقت أكثر من 13 غرفة في السكن الجامعي. وندد ممثل الطلاب ببيان صادر عن عمادة شؤون الطلاب وصف العنف في الجامعة بأنه بين مجموعتين، واحدة تدعو لمواصلة الاعتصام وأخرى ترفضه. وقال إنه لا يعكس الحقيقة، ويؤكد عدم حياد العمادة، لأنها تعرف أن الجهة التي اعتدت على الطلاب لا تمثل مجموعة طلابية.

وحذر عبدون من قرارات أصدرتها إدارة الجامعة أعلنت فيها انتهاء الدراسة في الجامعة، ودعوتها للامتحانات قبل إكمال الكورسات في بعض الكليات. وقال إن الطلاب لم يقبلوا الجلوس للامتحانات وبعض زملائهم مصابون في الأحداث، ويمارس ضدهم العنف الممنهج. وأضاف «إعلان الامتحانات في مثل هذه الظروف يستهدف تشتيت وحدة الطلاب». واتهم ممثل الطلاب صراحة «حركة الطلاب الإسلاميين» الموالية للحكم بممارسة العنف ضد الطلاب، وبعدم المثول لقرار رئيس الجامعة بشأن مسجد الجامعة، وقولهم «مسجد جامعة الخرطوم خط أحمر».

بينما اتهم عضو اللجنة د. محمد أمين صديق جهات لم يسمها بعرقلة استقرار الجامعة، بقوله «كان مقررا الأحد الماضي الاجتماع مع الجهات المسؤولة عن التحقيق حول مقتل الطالب، لكن في اليوم نفسه تجددت أحداث العنف ودخلت الميليشيات المسلحة بالسيخ والسواطير، وعلى مرأى من شرطة مكافحة الشغب، وحين دعاها بعض الأساتذة للتدخل، قالت إن هؤلاء طلاب الحركة الإسلامية ونحن بعيدون عنهم».