صندوق النقد يدق ناقوس الخطر من عواقب استمرار تدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان

وزير الشؤون الاجتماعية لـ «الشرق الأوسط» : سنتخذ خطوات تنفيذية خلال أيام

يشكل اللاجئون السوريون عبئا على لبنان (أ.ب)
TT

دق صندوق النقد الدولي ناقوس خطر التدفق غير المسبوق للاجئين السوريين إلى لبنان الذي أدى إلى إضعاف اقتصاده، داعيا الأسرة الدولية إلى زيادة مساعدتها لهذا البلد، فيما أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ارتفاع عدد اللاجئين في لبنان إلى مليون و5363 شخصا.

وفي حين تنتشر عشرات المخيمات العشوائية في عدد من المناطق اللبنانية ولا سيما في البقاع والشمال اللتين تستقبلان أكبر عدد من النازحين، لا يزال موضوع إنشاء مخيمات يحتاج إلى قرار سياسي ودعم دولي. وفي محاولة منها لتنظيم دخول اللاجئين، بدأت الحكومة اللبنانية في الفترة الأخيرة تنفيذ سياسة التشدد في مراقبة دخول القادمين من سوريا، وأصدرت وزارة الداخلية الأسبوع الماضي قرارا يقضي بوضع معايير محددة لدخول الفلسطينيين إلى لبنان، وذلك بعد ترحيل 49 شخصا في مطار بيروت بسبب حيازتهم تأشيرات دخول مزورة إلى ليبيا.

وفي هذا الإطار، أكد وزير الشؤون الاجتماعية، رشيد درباس، أن الحكومة اللبنانية ستبدأ باتخاذ خطوات تنفيذية خلال أيام قليلة للحد قدر الإمكان من عبء النزوح إلى لبنان. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماعا للجنة الموكل إليها مهمة البحث في هذه القضية سيعقد الخميس المقبل، مرجحا أن تصدر عنها قرارات مهمة بهذا الشأن. وأوضح درباس أنه سيعرض خلال هذا الاجتماع على رئيس الحكومة تمام سلام، اقتراحات عدة أهمها تلك المتعلقة بتنظيم دخول النازحين ووجودهم بعدما فاق عدد المخيمات العشوائية الـ1100 مخيم.

وفيما أعلن درباس إصداره قرارا يمنع تشييد المخيمات العشوائية من دون إذن مسبق، رأى أن إقامة مخيمات في لبنان يحتاج إلى قرار سياسي، لافتا في الوقت عينه إلى أن هناك توافقا لبنانيا للضغط على المجتمع الدولي لإقامة مخيمات في المناطق الآمنة بسوريا أو على الحدود.

وأشار درباس إلى أن هناك فرقا بين «اللجوء الإنساني والأمني» و«اللجوء الاقتصادي»، لافتا إلى أن الحكومة اللبنانية ستكمل إجراءاتها بتنظيم «الأمني» و«الإنساني» وستتخذ قرارا بإيقاف «الاقتصادي»، استنادا إلى معايير محددة، بعدما أثرت سلبا منافسة اليد العاملة السورية لأبناء البلد، في الاقتصاد اللبناني ولقمة عيش المواطنين. ولفت إلى أن الأضرار التي أصابت المجتمع اللبناني نتيجة النزوح السوري، وصلت قيمتها إلى سبعة مليارات و500 مليون دولار أميركي، محذرا من انهيار المجتمع اللبناني إذا لم يتخذ إجراءات سريعة لمساعدة لبنان. مع العلم أن صندوق النقد الدولي أشار كذلك، في بيانه، إلى أن البطالة في لبنان «تضاعفت تقريبا» من جراء هذه الأزمة وباتت تطال نحو 20 في المائة من القوى العاملة، مشيرا كذلك إلى أن معدل النمو الاقتصادي البالغ اثنين في المائة هو أقل بكثير مما كان عليه قبل اندلاع الأزمة بسوريا في مارس (آذار) 2011.

من جهتها، قالت جويل عيد، منسقة الإعلام في مفوضية اللاجئين بلبنان، إن المفوضية وبعد تزايد عدد اللاجئين بشكل غير مسبوق أصبحت ترى أن إنشاء مخيمات أمر ضروري، لكنه لا يزال يحتاج إلى قرار سياسي. وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن المفوضية، وبالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، أعدت دراسات حول الأماكن التي يمكن أن توضع فيها المخيمات، وهي في معظمها بالشمال والبقاع، حيث بالإمكان تشييدها وفق المعايير المطلوبة. علما بأن وزير الشؤون الاجتماعية كان أعلن أنه طرح موضوع إنشاء مخيمات في المناطق الآمنة داخل الأراضي السورية، وإقامة مراكز استقبال في المواقع الفاصلة بين الحدود اللبنانية والسورية، أي بين جديدة يابوس والمصنع في البقاع وبين العريضة والدبوسية في الشمال، لكن الأمر لم يلق تجاوبا من قبل المنظمات الدولية، بحجة أن هذه الأماكن ليست آمنة، وهو ما لفتت إليه عيد، عادة هذه الأماكن لا تنطبق عليها المعايير اللازمة لإنشاء المخيمات، وأهمها التي تفرض أن تكون بعيدة عن الحدود بما لا يعرض قاطنيها للخطر.

وقال صندوق النقد في بيان صدر في ختام زيارة قامت بها بعثة منه إلى بيروت، إن «الأزمة في سوريا أدت إلى تدفق غير مسبوق للاجئين الذين يقدر عددهم حاليا بربع السكان، كما انعكس ذلك سلبا على الوضع الأمني وأنهكت المجتمعات المحلية».

وأشار الصندوق إلى أن المالية العامة للدولة اللبنانية أصبحت من جراء هذه الأزمة «تحت الضغط»، سواء تعلق الأمر بالمستشفيات أو المدارس أو الخدمات العامة.

ونتيجة لهذا الوضع، فإن المساعدات التي تلقاها لبنان من المجتمع الدولي خلال العام الماضي والبالغة نحو 800 مليون دولار لا تكفي، بحسب الصندوق الذي عد «دعم الجهات المانحة للموازنة وللشعب اللبناني يبقى ضئيلا رغم النداءات المتعددة».