«الخارجية» تنهي استعداداتها لتصويت المصريين المغتربين في الانتخابات الرئاسية

مجهولون يحرقون مقر حملة السيسي بالشرقية.. واللجنة العليا تنفي أي انحياز

عامل ينتهي من عمله في تعليق لافتة دعائية ضخمة للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي في القاهرة أمس (رويترز)
TT

أنهت وزارة الخارجية المصرية استعداداتها لتصويت المصريين المغتربين في الانتخابات الرئاسية، والذي يجري على مدار أربعة أيام، بدءا من الخميس 15 مايو (أيار) الحالي، وحتى يوم الأحد 18 من نفس الشهر. وقال السفير علي العشيري مساعد وزير الخارجية أمس إن «عملية التصويت ستجرى في 141 بعثة دبلوماسية وقنصلية، بعدما جرى إلغاء اللجان الانتخابية في سوريا وليبيا والصومال وأفريقيا الوسطى، بسبب الظروف الأمنية التي تشهدها تلك الدول».

وتجري الانتخابات الرئاسية في داخل مصر يومي 26 و27 مايو. وتقتصر المنافسة بها بين مرشحين هما المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع السابق، وحمدين صباحي زعيم التيار الشعبي. ونفت أمس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية انحيازها لصالح مرشح على حساب الآخر، مؤكدة أنها تتعامل وفقا للقانون في مراقبة الدعاية وتمويل كل المرشحين. فيما واصل كل من صباحي والسيسي حملاتهما الدعائية، وأضرم مجهولون النار في مقر حملة للسيسي بالشرقية.

وأوضح العشيري أن الوزارة وبعثاتها الدبلوماسية والقنصلية أنهت استعداداتها لتصويت المصريين المغتربين، خلال الأيام المحددة من التاسعة صباحا إلى التاسعة مساء بتوقيت كل دولة. وشدد على أن كل مواطن مصري موجود بالخارج خلال فترة التصويت، ومقيد بجداول الناخبين ويحمل أصل بطاقة الرقم القومي أو أصل جواز السفر الجديد، سيكون من حقه أن يتوجه إلى أقرب بعثة دبلوماسية أو قنصلية للإدلاء بصوته. كما أكد أنه جرى اختبار أجهزة القارئ الآلي، وآلية التواصل عبر الإنترنت مع لجنة الانتخابات الرئاسية من جانب كل البعثات الدبلوماسية والقنصلية وعددها 141 بعثة، فضلا عن أنه سيجرى توفير الدعم الفني لدى البعثات ذات الكثافة التصويتية العالية (دول الخليج العربي وبعض دول أوروبا).

وأشار العشيري إلى أنه صدرت التعليمات إلى البعثات الدبلوماسية والقنصلية بأن تعمل بكامل طاقاتها من الكوادر البشرية لتسهيل عملية التصويت، وأن يقتصر العمل القنصلي خلال تلك الفترة على تقديم المساعدة القنصلية في الحالات العاجلة، موضحا أن المصريين المقيدين في الجداول الانتخابية في الدول التي جرى إلغاء اللجان الانتخابية بها يمكنهم إذا سمحت ظروفهم التصويت في أي دولة مجاورة أو التصويت في مصر يومي 26 و27 مايو في لجانهم الانتخابية طبقا لعناوينهم المدونة في بطاقة الرقم القومي. وطالب العشيري المصريين في الخارج أن يراجعوا موقع لجنة الانتخابات الرئاسية على شبكة المعلومات الدولية للتأكد من قيدهم بالجداول الانتخابية، وللاطلاع على كل القواعد والضوابط التي تحكم عملية التصويت، وناشدهم أن يحرصوا على ممارسة حقهم الانتخابي.

وتعقد لجنة الانتخابات الرئاسية، برئاسة المستشار أنور رشاد العاصي، مؤتمرا صحافيا غدا (الأربعاء)، تستعرض فيه كل الخطوات والإجراءات المتعلقة بعمليات تصويت المصريين بالخارج، والتنسيق الذي يجري بين وزارة الخارجية ولجنة الانتخابات الرئاسية لإتمام العملية على النحو الأكمل والأمثل، في مناخ يتسم بالشفافية والديمقراطية، وكذلك وضع كل التيسيرات اللازمة لتمكين المصريين بالخارج من الإدلاء بأصواتهم بسهولة ويسر.

وفي تصريحات له، قال المستشار عبد العزيز سلمان، أمين عام اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، إن «من يعتقد أن اللجنة تقوم بملاحقة مرشح رئاسي بعينه لصالح الآخر واهم»، مؤكدا أن «اللجنة الرئاسية كفيلة بتطبيق صحيح القانون ولا شأن لها بالسياسة من قريب أو بعيد». وأضاف سلمان نقلا عن وكالة أنباء الشرق الأوسط، أنه «لا فرق مطلقا ولا تمييز أو تفضيل بين المرشحين الرئاسيين أمام اللجنة الرئاسية»، موضحا أن اللجنة ليست طرفا فيما يظنه البعض عن طريق الخطأ.

وحول قيام اللجنة الرئاسية برصد مخالفة انتخابية لصباحي، في حين لم ترصدها عندما أعلن السيسي اعتزامه الترشح للرئاسة، أوضح سالمان أن استقالة السيسي ليست دعاية انتخابية، باعتبار أن الدعاية تتمثل في قيام المرشح الرئاسي بعرض برنامجه الانتخابي؛ وهو ما لم يقدم عليه السيسي. وبينما واصل كلا المرشحين حملاتهما الانتخابية أمس، أضرم مجهولون النار في مقر حملة دعم السيسي بمدينة منيا القمح في محافظة الشرقية وفروا هاربين، فيما جرت السيطرة على النيران بمعاونة الأهالي الذين هرعوا لإخمادها. وكشفت المعاينة الأولية للنيابة عن التهام النيران للباب الرئيس لمقر الحملة من الخارج، فضلا عن صور المرشح الرئاسي واللافتات المعلقة أمام المقر.

وفي مقر حملته بالقاهرة استقبل السيسي وفدا من أدباء وكتاب مصر أمس للاستماع لرؤيتهم حول القضايا المختلفة انطلاقا من دورهم المؤثر في صياغة الرأي العام. وأعرب السيسي عن سعادته بالتواصل مع أدباء مصر، مؤكدا أن هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقهم في الفترة المقبلة، من أجل خلق منظومة وعي حقيقية لدى المواطن تمكنه من إدراك مستوى التحديات التي تواجه الوطن.

ويعقد تيار الاستقلال، المشكل من أحزاب مؤيدة للسيسي، مؤتمرا جماهيريا اليوم (الثلاثاء) بمنطقة كرداسة بالجيزة لدعمه في الانتخابات. وقال المستشار أحمد الفضالي المنسق العام للتيار إن «المؤتمر يبعث برسالة للعالم عن استعادة الأمن في منطقة كرداسة، والتي شهدت عمليات أمنية مكثفة خلال الفترة الأخيرة، واقتلاع الإرهاب منها».

في المقابل، وجه صباحي رسالة مصورة إلى المصريين بالخارج قبل أيام من بدء تصويتهم. وقال صباحي أمس «إلى كل مصري ومصرية خارج حدود الوطن، أنتم سفراء مصر في هذا العالم، وأنتم العقول التي استوعبت خبرة التقدم الإنساني في مجتمعات كثيرة، نحتاج لهذه الخبرة».

ودعا مؤسس التيار الشعبي المصريين إلى الاستثمار في مصر في ظل حوافز جادة لتأمين هذا الاستثمار، وأن «يكون شريكا في تنمية شاملة نحن بحاجة إليها لإنقاذ مصر مما هي فيه من فقر»، مؤكدا عزمه إنشاء وزارة للمصريين بالخارج وتفعيل دور القنصليات في إطار إصلاح عميق لجهاز الدولة المصري لحماية حقوق وكرامة المصريين بالخارج، وإنشاء مراكز قانونية في كل سفارة للدفاع عن حقوقهم وكرامتهم، بالإضافة إلى مراكز ثقافية تستطيع إيصال المواطن المصري بثقافته ولغته.

من جهة أخرى، رفضت دار الإفتاء المصرية وعلماء من الأزهر الشريف أمس، فتوى يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (المقيم في قطر)، بتحريم المشاركة في انتخابات الرئاسة، ووصفتها دار الإفتاء بـ«الشاذة» والمجافية للشرع والمصلحة العليا للبلاد. وأفتى القرضاوي الليلة قبل الماضية في ختام مشاركته في مؤتمر حول القدس في الدوحة نظمه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بحرمة المشاركة في الانتخابات، ودعا المصريين إلى مقاطعتها. وسبق أن دعت قيادات من الإخوان إلى مقاطعة الانتخابات أيضا. وأقال الأزهر في ديسمبر (كانون أول) الماضي، القرضاوي من عضوية هيئة كبار العلماء «نتيجة ما نسب إليه من إساءات إلى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والمؤسسة الدينية في مصر».

ووصفت دار الإفتاء فتاوى تحريم المشاركة في الانتخابات بـ«الشاذة والمجافية للشرع والمصلحة العليا للبلاد»، ونفت الدار أمس علاقة تلك الفتاوى والآراء بالفهم الصحيح للشريعة الإسلامية، ومنهجها الوسطي القائم على ضرورة مراعاة مصالح العباد وما يسهم في تحقيق منافعهم الدينية والدنيوية. وأضافت أن «فتوى القرضاوي الأخيرة تكشف عن توظيفه النصوص والأحكام الدينية لخدمة الأغراض والأهداف السياسية الحزبية الخاصة، بما يمثل إقحاما للدين في صراع سياسي يشوه سماحة الإسلام».

ومن جانبه، قال الدكتور القصبي زلط، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر «كلنا يفهم أن الإنسان إذا وجد في مجتمع فلا بد من أن يكون إيجابيا، فالسلبية أمر يكرهه الإسلام، والإيجابية في مشاركة الإنسان في قضايا المجتمع الذي يعيش فيه». وأوضح زلط لـ«الشرق الأوسط»: «أرى من وجهة نظري.. هذا الفتوى نابعة عن الهوى وعن وجهة نظر غير مقبولة، ومرفوضة شكلا ومضمونا وموضوعا، فضلا عن أنها تدعو إلى السلبية والإسلام يدعو للإيجابية»، لافتا إلى أن مشكلة الفتاوى النابعة عن حزب أو جماعة أو تيار تتمسك عادة بالبعد عن الحيادية والبعد عن الموضوعية.