العراقيون غير متفائلين بنتائج الانتخابات وما بعدها

لسان حالهم: البرلمانيون السابقون عائدون

TT

خرج العراقيون من «مهرجان» الانتخابات النيابية التي جرت نهاية الشهر الماضي ليدخلوا في أزمة النتائج وسيناريوهات الحكومة المقبلة، فالجميع قبل الانتخابات وخلالها كان ينادي بالتغيير دون أن يحددوا معالم هذا التغيير وكيف سيجري وتغيير ماذا. يقول المحلل السياسي العراقي جواد البصري: «بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية وبعد أن بانت ملامح الفائزين تبين أنهم الأكثرية من النواب السابقين، فازوا في البقاء في البرلمان، وأن الذين خرجوا في جميع شوارع العراق ينادون بسقوط البرلمان وأعضائه توجهوا إلى صناديق الاقتراع وصوتوا لسراقهم، وهذا يعني أننا لا يحق لنا أن نخرج ونتظاهر ضد الحكومة والبرلمان، وعلى الحكومة والبرلمان الجديد تشريع قانون يحرم خروج المظاهرات، ومن يخالف ذلك يصدر بحقه أشد العقوبات، لأننا منافقون لا يحق لنا أن نعترض على أساليب الغش والسرقة والكذب للذين انتخبناهم».

ويضيف البصري قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «اليوم نسمع أن هناك من يريد أن يشكل حكومة الأغلبية والآخر يريد أن يشكل ائتلافا بجمع الكتل الصغيرة والكبيرة لتشكيل الحكومة، وذلك يصف أن ائتلافه من محبي العراق وشعبه، لكننا نعلم أن الكثير منهم لا يهمهم العراق وشعبه، واجتماعاتهم اليوم ليست لإعادة ترميم البيت العراقي وإنما يجتمعون لبيع وشراء المؤسسات الحكومية حتى قبل أن تتشكل الحكومة والبرلمان.. نعم، عادوا لكي يخربوا أكثر ما بقي من البيت العراقي الذي نخروه نخراً ولم يبقَ منه إلا الفتات».

ويرى البصري أن «البيت العراقي اليوم يذهب نحو هاوية التفكك والتخندق الطائفي ولا يوجد بصيص أمل لمستقبل عراقي مستقر، وهذا مستحيل في ظل وجود كتل وعصابات وأحزاب طائفية مقيتة، ينادي بعضهم يا قيادات الشيعة اتحدوا، والآخرون يا أكراد اتحدوا، ويا ممثلي السنّة اتفقوا، هذه هي أصوات اليوم ولم نسمع أصواتا تنادي يا أبناء العراق اتحدوا».

وتتساءل الناشطة النسوية دعاء الأمير عن «سبب خروج ملايين العراقيين إلى مراكز الانتخابات، نهاية الشهر الماضي، وتصويتهم من أجل التغيير، لكننا نفاجأ اليوم ومع تسريب نتائج الانتخابات بأن الوجوه ذاتها هي الباقية في البرلمان المقبل، ومن المحتمل أن يبقى رئيس الحكومة، نوري المالكي، في موقعه للمرة الثالثة»، مشيرة إلى أنه «إما أن يكون الشعب قد انتخب نفس الوجوه التي كان ينادي بإبعادها عن السلطة والبرلمان، وإما أن الانتخابات قد جرى تزييف نتائجها، وهذا احتمال كبير».

وأضافت الأمير قائلة: «إن الناخب العراقي عرف بنتائج الانتخابات مسبقا حينما تسربت أنباء موثوقة عن إصدار أوامر للقوات المسلحة والقوات الأمنية بانتخاب القائد العام للقوات المسلحة، المالكي، وعندما جرى توزيع الآلاف من قطع الأراضي في جميع المحافظات العراقية مقابل انتخاب زعيم ائتلاف دولة القانون، وقد كشفت شاشات الفضائيات هذه الممارسات التي هي أبعد ما تكون عن الديمقراطية، يضاف إلى هذا استخدام أموال الدولة لشراء أصوات الناخبين». وقالت: «لو كانت مفوضية الانتخابات قد أعلنت منذ البداية للاستفتاء على بقاء المالكي في منصبه لكان أفضل من هذه التمثيلية التي كلفت العراقيين الأموال والأرواح وعرضت العملية الديمقراطية في العراق للسخرية، وكل هذا حدث ويحدث أمام أنظار الأمم المتحدة والعالم والأحزاب العراقية المشاركة في هذه اللعبة».

لكن هناك من يرى عكس ذلك تماما، ويعتقد مازن حسين، وهو مراقب على لجان الفرز والعد عن إحدى منظمات المجتمع المدني المتخصصة بمراقبة الانتخابات البرلمانية، أن «على الأطراف السياسية أن تحترم نتائج الانتخابات لأنها ديمقراطية، وأن العراقيين صوتوا لمن يريدونه، وهناك من سيفوز ومن سيخسر، وعلينا أن نشجع هذه التجربة التي تمنحنا حق اختيار من يمثلنا في البرلمان المقبل».

وأضاف حسين قائلا: «إن الطعن في نتائج الانتخابات مسبقا ليس مجديا، وعلينا انتظار النتائج، أما إذا كانت القوات المسلحة وقوى الأمن قد انتخبت المالكي فهذا يعود لهم وهم أحرار في منح أصواتهم لمن يجدونه أهلا لتمثيلهم، ونحن لا نستطيع الطعن في أصوات هؤلاء أو غيرهم، وإذا كانت هناك عمليات تزوير فمن المؤكد أن مفوضية الانتخابات والمراقبين سوف يكشفون عن مثل هذه الحالات، وعلى حد علمي إنه جرى الكشف عن الكثير من حالات التزوير ومن قبل جهات سياسية عدة ولم يقتصر الموضوع على جهة واحدة، لكن هذا لا يعني الطعن بمشروعية التصويت ونتائجه».