رئيس الحكومة التونسية يقدم حصيلة مائة يوم من الحكم في ظل تضارب بشأن تقييم أدائها

إجراءات أمنية استثنائية في جربة لتأمين الحج اليهودي

TT

يعقد المهدي جمعة، رئيس الحكومة التونسية، مؤتمرا صحافيا اليوم (الأربعاء) لتقديم أهم ما أنجزته حكومته خلال المائة يوم الأولى من تنصيبها، وللإجابة عن قضايا سياسية وأمنية واقتصادية ما زالت، حسب المتابعين للشأن التونسي، في حاجة إلى حلول جذرية وعاجلة. وذكر بيان صادر عن رئاسة الحكومة، أن جمعة سيتطرق إلى برامج الإصلاح التي اتخذتها الحكومة ومدى تقدم التحضيرات بشأن مؤتمر الحوار الاقتصادي المزمع عقده يوم 28 مايو (أيار) الحالي، ومن ثم مصارحة التونسيين من جديد بواقع الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد وحقيقة المساعدات الأجنبية. ويقدم جمعة حصيلة المائة يوم التي قضتها الحكومة في السلطة، في ظل تباين في تقييم أدائها. وقبل يوم واحد من المؤتمر الصحافي الذي سيقدم خلاله النتائج الأولية لفترة حكمه ومدى التزامه بالوعود التي قطعها على نفسه، وجهت عدة أحزاب سياسية نقدا لاذعا لحكومة الكفاءات غير المتحزبة، التي ولدت بطريقة قيصرية عبر الوفاق الوطني، واتهمتها بالبطء في اتخاذ القرار وضعف النتائج على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

إلا أن المجال الأمني ومكافحة الإرهاب كانا من بين النقاط المضيئة في مسيرة حكومة جمعة ونقطة إجماع معظم الأحزاب السياسية، إذ تمكنت قوات الأمن والجيش من استباق المجموعات الإرهابية وأطاحت بداية السنة الحالية بتلك العناصر في عدة عمليات ناجحة، من بينها القضاء على سبعة متهمين بالإرهاب في رواد، واعتقال ثلاثة قيادات إرهابية في برج الوزير.

ويواصل الرباعي الراعي للحوار الضغط على حكومة جمعة من أجل احترام ما تضمنته «خارطة الطريق» بعد الإطاحة بحكومة الترويكا. وفي هذا السياق، قال عبد الستار بن موسى، رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان أحد أطراف الرباعي الراعي للحوار، لـ«الشرق الأوسط»، إن تقييم أداء حكومة جمعة بعد مرور مائة يوم على تنصيبها، سيكون محور جلسة مقبلة مع الحكومة للنظر في مدى وفائها بتعهداتها بشأن «خارطة الطريق» التي جاءت على أساسها إلى السلطة.

واستغلت قيادات سياسية ونقابية حلول موعد المائة يوم لتذكير الحكومة بالنقاط الواردة بـ«خارطة الطريق»، ومن بينها توفير مناخ ملائم لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة من خلال ضمان الاستقرار الأمني وتحييد المساجد والإدارة، ومراجعة التعيينات التي اعتمدت على ولاءات حزبية.

واتهم حسين العباسي، رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى المنظمات العمالية في البلاد)، حكومة جمعة بالتباطؤ في مراجعة التعيينات بالإدارة المبنية على الولاءات الحزبية، وتحييد المساجد وبسط سيطرة الدولة على ما تبقى منها خارج نفوذها، إضافة إلى حل روابط حماية الثورة المتهمة بتضييق الخناق على الأحزاب اليسارية والليبرالية، والتحرك في خدمة التيارات الدينية.

ورغم الظرف الاقتصادي والسياسي المتسم بالصعوبة والتعقيد، عملت حكومة جمعة على تشكيل هيئة عليا مستقلة للانتخابات والتصديق على القانون الانتخابي في الثاني من مايو (أيار) الحالي، وهما خطوتان مهمتان في اتجاه إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل نهاية السنة الحالية.

بيد أن هناك مشاكل كثيرة لا تزال قائمة، حسب عدد من المراقبين للوضع السياسي والاقتصادي في تونس، ومن بينها غياب رؤية سياسية واضحة، وابتعاد الحكومة عن الخوض في السياسة والإصرار على التوجه نحو إقرار إصلاحات اقتصادية عميقة قد تكون نتائجها سلبية على عموم التونسيين.

وقال عز الدين سعيدان، الخبير الاقتصادي التونسي، في تصريح لوسائل الإعلام، إن الحكومة صارحت التونسيين بحقيقة الوضع الاقتصادي الصعب والمتعثر، وقطعت بذلك مع سياسة الماضي المعتمدة على التعتيم، وهذا أمر إيجابي، على حد تعبيره. وفي مجال التعامل مع المجموعات الإرهابية المتشددة، قال علية العلاني، المتخصص في الجماعات الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط»، إن تخليص وزارة الداخلية التونسية من ظاهرة التعطيل السياسي، واستعادة السيطرة على الوضع الأمني، يعدان من النقاط الإيجابية التي تحسب للحكومة الحالية. واستدرك العلاني قائلا إن الحديث عن القضاء الكامل على ظاهرة الإرهاب ما زال بعيد المنال.

نشر جهاز الأمن التونسي تعزيزات أمنية كبيرة واستثنائية في جزيرة جربة (جنوب شرق) لتأمين الحج اليهودي السنوي إلى كنيس «الغريبة»، أقدم معبد يهودي في أفريقيا، والمقرر من 16 إلى 18 مايو (أيار) الحالي.

وقال محمد علي العروي، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الوزارة نشرت تعزيزات أمنية مهمة، واتخذت احتياطات أمنية استثنائية» في جزيرة جربة لتأمين الحج اليهودي إلى كنيس الغريبة.

وأضاف أن وزير الداخلية لطفي بن جدو «انتقل أمس الثلاثاء إلى جربة حيث تفقد بنفسه الإجراءات والاحتياطات الأمنية الخاصة بالحج اليهودي»، وتحدث مع بريس الطرابلسي رئيس كنيس الغريبة. وقال إن «الحجوزات الخاصة بحج هذا العام ارتفعت مقارنة بالسنة الماضية، رافضا إعطاء إحصائيات حول العدد».

وينظم الحج إلى كنيس الغريبة منذ عشرات السنين بحسب بريس الطرابلسي. وتتمثل مراسم الحج في إضاءة شموع وإقامة صلوات وأدعية داخل كنيس الغريبة والحصول على «بركات» حاخامات الكنيس.

على صعيد آخر، ذكرت إذاعة تونسية خاصة أمس أن شابا أضرم النيران في جسده قرب مرقد آل بورقيبة التي تضم ضريح الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة أول رئيس لتونس بعد الاستقلال. وقالت إذاعة «موزاييك» إن «قوات الأمن حضرت بكثافة إلى مرقد آل بورقيبة بمدينة المنستير (160 كلم جنوب شرقي العاصمة)، التي تعد مزارا سياحيا مهما في المنطقة، وأحاطت بالمكان إثر رصد ألسنة لهب قربها، تبين في ما بعد أنها (النيران) ناتجة عن إضرام شاب النار في جسده بسبب خلافات عائلية».

وذكر شهود أن قوات الأمن تمكنت من إخماد النيران وهي تلتهم جسد الشاب، ليجري نقله على الفور إلى المستشفى، حيث أصيب بحروق من الدرجة الثالثة.