ارتباك في صفوف الإسلاميين المصريين بعد جدل حول الموقف من مرسي

«الإخوان» يتراجعون لتفادي انتقادات «جيل الشباب»

TT

تراجعت جماعة الإخوان المسلمين في مصر خطوات، لتبتعد أكثر عن «المرونة» التي أبدتها في السابق بشأن الوضع السياسي الجديد في البلاد، ويأتي هذا التراجع بعد أن أكدت في بيان لها مساء أول من أمس تمسكها بعودة الرئيس السابق محمد مرسي إلى الحكم مجددا، فيما عد على الأرجح محاولة لتفادي انتقادات واسعة من «جيل الشباب»، وتجنب ارتباك طال صفوف الإسلاميين المتحالفين معهم في الداخل. وقال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أحمد بان، وهو عضو سابق في جماعة «الإخوان»، لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة تعاني من أزمة بعد أن «حولت الصراع السياسي إلى صراع ديني».

وعزل الرئيس مرسي الصيف الماضي، في أعقاب مظاهرات حاشدة ضد حكمه، وفشلت مساع دولية وعربية في إبرام توافق سياسي بين السلطات المؤقتة التي بدأت في إدارة البلاد منذ منتصف الصيف الماضي، وقادة «الإخوان»، مما تسبب في مواجهات دامية سقط خلالها مئات القتلى. وبينما يقترب موعد الاقتراع على الانتخابات الرئاسية، بوصفه واحدا من أهم استحقاقات «خريطة الطريق» التي أعلنت عقب الإطاحة بمرسي، أصدرت قيادات إسلامية ومدنية في العاصمة البلجيكية بروكسل، قبل نحو أسبوع، ما سمته «إعلان مبادئ لاستعادة ثورة 2011»، وخلا الإعلان من أي إشارة لعودة الرئيس السابق والمحبوس منذ عزله على ذمة المحاكمة في العديد من التهم.

لكن جماعة «الإخوان» أشارت في البيان الذي أصدرته مساء أول من أمس، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أنها «تثمن إعلان بروكسل»؛ لكنها تتمسك بعودة الرئيس السابق. وقال البيان إن «الجماعة تؤكد أن استعادة المسار الديمقراطي تعني بوضوح احترام إرادة الشعب المصري والتي عبر عنها في استحقاقات انتخابية عديدة شهد العالم بنزاهتها، وفي القلب من ذلك عودة أول رئيس مدني منتخب (مرسي)».

ويأتي هذا الموقف رغم أن جماعة «الإخوان» تراجعت خلال الشهور الماضية عن مطلب عودة مرسي بشكل واضح في خطابها السياسي، كما أعلن قادة في الجماعة أيضا أن «عودة الرئيس السابق لم تعد مطلوبة في ذاتها».

وأصدرت الجماعة قبل أربعة أيام بيانا أثار جدلا حول موقفها من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وقرأ مراقبون البيان على أنه أقوى إشارة ترسلها الجماعة عن عزمها خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو ما تسبب في غضب داخل صفوف تحالف «دعم الشرعية» الذي يتكون من عدة تيارات للإسلاميين بقيادة «الإخوان».

وخلا إعلان بروكسل من أي إشارة لعودة الرئيس السابق أو البرلمان، وهو مطلب شكل، بحسب المراقبين، عقبة رئيسة أمام توسيع تحالف جماعة «الإخوان» داخل مصر، رغم إعلان قوى احتجاجية مدنية انسحابها من «خارطة المستقبل» التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية عقب عزل مرسي.

وقال مصدر في تحالف دعم الشرعية الذي يقوده «الإخوان» إن «حالة من الارتباك والخلاف تسببت فيها الصيغة التي خرج بها إعلان بروكسل.. الشباب تساءل عما إذا كان الإعلان محاولة لفرض رؤية جديدة تنطلق من قبول الوضع الراهن، وزاد الأمر غموضا بعد بيان الجماعة». وقال أحمد بان، إن «الجماعة تعاني من أزمة رفع طموحات القواعد لمستويات قياسية، فتلك القيادات ظلت تعبئ القواعد عبر خطاب عودة مرسي، وما يسمى بالشرعية، وحولت الصراع السياسي إلى صراع ديني بين الحق والباطل».

وأضاف بان أن الأزمة الحالية لدى قادة جماعة «الإخوان» هي كيف يمكن نقل وجدان القواعد لتقبل خطاب جديد عن أن الصراع هو «صراع سياسي»، وأنه في هذا الصراع يمكن تقديم تنازلات وقبول حلول وسط. وأعرب عن اعتقاده بأن البيانات الأخيرة التي صدرت عن الجماعة وإعلان بروكسل، هي بالونات اختبار لقياس درجة تقبل القواعد هذا الخطاب الجديد من جهة، ومن جهة أخرى رسائل إلى النظام مفادها أنه لدى الجماعة استعداد لتقديم تنازلات، لافتا إلى أن البيان الأخير محاولة لامتصاص غضب القواعد التي أزعجتها هذه اللغة الجديدة.

ووقع على إعلان بروكسل شخصيات انتقلت للإقامة خارج مصر بعد عزل مرسي، ومن بينهم محمد محسوب نائب رئيس حزب «الوسط» للشؤون الحزبية، ووزير الشؤون القانونية في عهد مرسي، وحاتم عزام نائب رئيس حزب الوسط للعلاقات الخارجية، وأيمن نور مؤسس حزب «غد الثورة»، ويحيى حامد القيادي في حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان، ووزير الاستثمار في عهد مرسي، وثروت نافع أستاذ جامعي مستقل، والكاتب الصحافي وائل قنديل نائب رئيس حزب «الدستور» سابقا.

ولم يوقع «تحالف دعم الشرعية»، في الداخل، على إعلان بروكسل. وقال القيادي الإخواني محمد علي بشر، الذي يمثل حزب «الإخوان» في التحالف، إن التحالف يدرس بعناية وحرص كل ما صدر ويصدر من شخصيات عامة، أو كيانات أو حركات سياسية وثورية بشأن استعادة المسار الديمقراطي وتحقيق أهداف ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، فيما عده البعض تحفظا منه على إعلان بروكسل.

وأكد بيان «الإخوان» الصادر أول من أمس على «استمرار التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب في أداء دوره الوطني الرائد بالتعاون مع كل الثوار الأحرار، باعتبار هذا الدور واجبا وطنيا في عنق كل فرد من أفراده، من أجل تحرير الوطن وتأكيد سيادة الشعب، وتحقيق آماله في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية».