طائرات أميركية تشارك في البحث عن مخطوفات «بوكو حرام»

نيجيريا ترفض مطالب الخاطفين.. وقمة إقليمية مرتقبة في باريس لبحث الملف

امرأة تحمل صغيرها ولافتة كتب عليها «أعيدوا لنا بناتنا» أمام برج إيفل على هامش مظاهرة شارك فيها مشاهير من العالم للمطالبة بالإفراج عن المختطفات لدى بوكو حرام، في باريس أمس (أ.ب)
TT

أعلنت الولايات المتحدة أن طائرات تجسس تحلق فوق شمال نيجيريا للمساعدة في العثور على نحو مائتي تلميذة خطفن الشهر الماضي من قبل جماعة «بوكو حرام»، وذلك بعيد رفض الحكومة النيجيرية لمطالب الحركة المتشددة بالإفراج عن الفتيات. وتأتي مهمات «التجسس» و«المراقبة» في وقت تتوسع فيه التعبئة الدولية من أجل هؤلاء الفتيات وقبل بضعة أيام من انعقاد قمة تنظمها فرنسا حول هذا الملف.

وصرح مسؤول كبير في الإدارة الأميركية: «لقد تقاسمنا مع النيجيريين صورا التقطتها أقمار صناعية تجارية ونقوم بعمليات تحليق بطيارات تجسس ومراقبة واستطلاع فوق نيجيريا بإذن من الحكومة». وأمام موجة التأثر العالمي التي أثارتها عملية الخطف غير المسبوقة وافقت السلطات النيجيرية رغم تشددها التقليدي حيال التدخلات الأجنبية، على المساعدة الدولية وإرسال خبراء.

وبعد الولايات المتحدة التي أرسلت فريقا من الخبراء المدنيين والعسكريين، وبريطانيا وفرنسا اللتين أرسلتا بدورهما فرقا، عرضت إسرائيل أيضا مساعدتها على غرار الصين. ويقوم خبراء أميركيون بتفحص «دقيق» لشريط فيديو بوكو حرام الذي حصلت عليه وكالة الصحافة الفرنسية أول من أمس ويظهر نحو مائة فتاة قدمن على أنهن من التلميذات اللواتي خطفن على ما أعلنت الخارجية الأميركية.

وقد خطفت 276 تلميذة في الإجمال في 14 أبريل (نيسان) في شيبوك بولاية بورنو (شمال شرق) أحد معاقل جماعة بوكو حرام المسلحة، لا تزال 223 منهن محتجزات. وهذه الولاية غالبية سكانها من المسلمين لكنها تضم أيضا عددا كبيرا من المسيحيين. وأعلنت المنسقة النيجيرية لحملة «أعيدوا فتياتنا» بالا عثمان لوكالة الصحافة الفرنسية أن «ثلاثة من الأهالي تعرفوا على فتياتهم في شريط الفيديو». وأضافت أن «حاكم بورنو قاسم شيتيما نظم عرضا للشريط في مادوغوري (عاصمة الولاية) وطلب من أهالي شيبوك الحضور لمحاولة التعرف على فتيات أخريات».

وفي شريط الفيديو يطالب زعيم بوكو حرام أبو بكر شيكاو بإطلاق سراح «إخوانه» المقاتلين السجناء مقابل الإفراج عن الفتيات. لكن الحكومة أسرعت برفض هذا المطلب. وقال وزير الداخلية آبا مورو: «من غير الوارد أن تطرح بوكو حرام والمتمردون شروطهم». وأكد شيكاو أن عملية التبادل لا تشمل سوى الفتيات «اللواتي لم يعتنقن» الإسلام. وفي الواقع هددت الحركة بمعاملتهن «سبايا» في شريط فيديو سابق بث قبل أسبوع، أوضحت أنها عملت على اعتناق الفتيات المحتجزات رهائن الدين الإسلامي. ويظهر الشريط الجديد لبوكو حرام نحو 130 فتاة جالسات في الهواء الطلق تحت أشجار في مكان لم يعرف موقعه وهن يتلون معا سورة «الفاتحة». وتظهر الفتيات في الشريط وهن يرتدين حجابا أسود أو رماديا، وسئلت ثلاث منهن فقالت اثنتان إنهما مسيحيتان اعتنقتا الإسلام بينما قالت الثالثة إنها أصلا مسلمة.

ومن المفترض أن تعقد يوم السبت المقبل قمة إقليمية في باريس لمساعدة نيجيريا وجيرانها على مواجهة التحدي المتمثل بجماعة بوكو حرام التي تعني بلغة الهاوسا «التربية الغربية حرام». وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اقترح عقد هذه القمة التي يشارك فيها إضافة إلى الرئيسين الفرنسي والنيجيري قادة تشاد والكاميرون والنيجر وبنين. وأعلن هولاند أول من أمس أنه «طلب من الأميركيين والبريطانيين» المشاركة في هذه القمة لـ«العمل معا وبطريقة فعالة». وفي باريس جرت مظاهرة أمس شاركت فيها «السيدتان الأوليان» الفرنسيتان السابقتان كارلا بروني وفاليري تريرفيلر إلى جانب مشاهير من عالم الفن للمطالبة بالإفراج عن الفتيات المختطفات كما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وهكذا، تلاقى نجوم من السينما الفرنسية والصور المتحركة والغناء إلى جانب نساء من عالم السياسة في ساحة تروكاديرو قبالة برج إيفل وراء لافتة كتب عليها «أيها القادة أعيدوا لنا بناتنا». وإضافة إلى ذلك لجأ مئات الآلاف من الأشخاص العاديين والمشاهير أمثال السيدة الأميركية الأولى ميشيل أوباما إلى شبكات التواصل الاجتماعي تحت عبارة «برينغ باغ أور غيرلز» (أعيدوا بناتنا) لجذب الانتباه إلى مصير هؤلاء الفتيات.

وأعرب الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان الذي تعرض لانتقادات شديدة لعدم تحركه خلال الأيام التي تلت خطف الفتيات، عن «تفاؤله الكبير» من عملية البحث الجارية حاليا بفضل دعم لوجستي من المجتمع الدولي. وأمس، طلب الرئيس النيجيري من البرلمان تمديد حالة الطوارئ المفروضة في ثلاث ولايات بشمال شرقي البلاد لستة أشهر بسبب أعمال العنف التي يقوم بها متشددون إسلاميون. وقال الرئيس جوناثان في رسالة وصلت إلى وكالة الصحافة الفرنسية «أطلب باحترام من أعضاء مجلس الشيوخ أن يدرسوا ويوافقوا عبر قرار على تمديد إعلان حالة الطوارئ في ولايات اداماوا وبورنو ويوبي لستة أشهر إضافية اعتبارا من موعد انتهاء المهلة الحالية».

ويأتي طلب جوناثان الذي كان متوقعا، عشية الذكرى الأولى لإعلان حال الطوارئ الهادفة إلى الحد من تهديد مسلحي جماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة. وأسفر تمرد بوكو حرام عن سقوط آلاف القتلى منذ 2009، قتل ألفان منهم منذ بداية السنة الحالية، وبعد أن كانت تركز أنشطتها خصوصا في شمال البلاد حيث أغلبية السكان من المسلمين، خلفت أعمال العنف في الآونة الأخيرة عشرات القتلى في أبوجا في هجمات بسيارات مفخخة.