قباني يزور بكركي.. ويقترح على الراعي «ميثاقا أخلاقيا» لتجنب الفتنة الطائفية

مفتي الجمهورية قال إن هناك من يعمل على «تدمير التنوع».. وأبدى تفهمه لقلق البطريرك

TT

اقترح مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني على البطريرك الماروني بشارة الراعي، أمس، وثيقة بعنوان «العهد والميثاق الأخلاقي»، بين المسيحيين والمسلمين في لبنان، يتعهد بموجبها الرؤساء الدينيون، نيابة عن المسلمين والمسيحيين، بـ«التزام الصدق والأمانة وحسن المعاملة والتعامل مع بعضهم، والتعاون في ما بينهم على الخير، واجتناب الشر والأذى والضرر والضرار تجاه بعضهم، واجتناب الفتن والخلافات وأسبابها ومسبباتها».

قباني، الذي زار الراعي في بكركي أمس على رأس وفد من دار الفتوى، قال إن هذه الوثيقة مقدمة لـ«عهد وميثاق أخلاقي بين المسلمين والمسيحيين في العالم العربي نسعى جميعا من أجله ليبقى لبنان النموذج الذي يحتذى به في الألفة والمحبة والأخلاق والعيش المشترك». واعتبر أن «ما حدث في سوريا في بلدة معلولا أو تدمير الكنائس كما حصل في الإسكندرية أو في القاهرة أو في العراق هو نقض لعهد الإسلام والمسيحية في القدس».

وأوضح قباني، الذي يواجه حاليا معارضة لشخصه ومواقفه داخل الشارع السني في لبنان، والذي سيسعى إلى جمع تواقيع جميع الرؤساء الدينيين في لبنان على الوثيقة، قال إن الوثيقة «نابعة من خوفنا، ليس خوف الجبان، وإنما خوف الحريص والشجاع من أجل حماية وطنه وأمته وشعبه وبيته وأبنائه، ليس بالنسبة للمسلمين فحسب وإنما للمسيحيين»، واعتبر أنه «عندما يساء إلى المسيحيين في لبنان من أي جهة كانت وتحت أي عنوان كان هو إساءة مباشرة إلى المسلمين في دينهم لأن دين الإسلام لا يقول بهذه الإساءة».

هذا، وتتعهد الوثيقة بأن «يلتزم المسلمون والمسيحيون بالصدق والأمانة وحسن المعاملة والتعامل مع بعضهم، والتعاون في ما بينهم على الخير، واجتناب الشر والأذى والضرر والضرار تجاه بعضهم، واجتناب الفتن والخلافات وأسبابها ومسبباتها. ويعملون سويا لتعزيز مكارم الأخلاق بينهم، والتعاون والتضامن بينهم في جميع مجالات الخير بما يخدم وحدتهم ووحدة وطنهم لبنان».

وكان قباني استهل كلامه بعد لقاء الراعي بالإشارة إلى أن «عملية الاعتداء على الكنائس عملية مدبرة لتدمير العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، ليس في العراق فحسب، وإنما في مصر وفي العالم العربي، وحتى في لبنان النموذج لهذه العلاقة». وأبدى تفهمه لقلق الراعي على «مصير المسيحيين في الشرق». وتابع: «أنا معه وإلى جانبه في هذا القلق، لأن هناك من يعمل على تدمير هذه العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في الشرق العربي، وتدمير لبنان، ليس بحجره، وإنما تدمير لبنان بنموذجه وجوهره الذي يشكل وحدة في التنوع». ولفت إلى أن «لبنان ليس منقسما على ذاته لتنوعه أبدا، ما نراه من بعض مظاهر الانقسام هو كالسراب والخيال بالنسبة لحقيقة العلاقة بين اللبنانيين والمسيحيين».

وورد في الوثيقة - العهد: «هذا ما تبادله وتعاهد عليه المسلمون والمسيحيون في لبنان بكل طوائفهم ومذاهبهم في العطاء، كل منهم للآخر وفي ما بينهم، أعطوا أمانا لبعضهم ولأنفسهم وأموالهم وأعراضهم، فلا يُكرَه أحد منهم على غير دينه، ولا يضار بالاعتداء عليه لا في جسده ولا في مسكنه ولا في متجره ولا في زوجه ولا في أبنائه ولا في رزقه ولا في ملكه، ولا يعتدي أحد على غيره في فعل أو كلمة أو رأي أو تحريض أو استخفاف أو إهانة أو أذى أو قتل، وأمانا للكنائس والمساجد وأن لا تسكن ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من رموزها الدينية، ولا من شعائرها، ولا من شيء من أموالها، ولا يعتدى على وقف ولا يغصب ولا ينتقص منه ولا من حيزه، ولا يعتدى على كاهن أو قسيس ولا على شيخ أو عالم أو داعية ولا يمنع، ولا تقوض حرية دينية، ولا يحرض الناس دينيا ولا طائفيا ولا مذهبيا لمواجهة آخرين منهم أو من غيرهم».

وأخيرا توجه قباني إلى اللبنانيين بالقول: «لا عليكم أبدا مما يحدث في وطنكم لبنان حتى لو كان في مظهره شرا لأن الشر إذا لم يظهر كيف ستعرفونه؟ كيف ستقبضون عليه؟ كيف ستخلصون لبنان منه؟... مظاهر بعض الشر الذي يظهر هو خير للبنان لأن نظهر الوعي فيكم ويؤكد الوحدة بينكم».