هدنة في أول معاقل «الحر» جنوب دمشق.. والمعارضة توحد جهودها في حماه ودير الزور

سورية تحتضن طفليها وأخرى في صدمة بعد قصف حكومي استهدف مدينة حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، مقتل أكثر من 850 معتقلا تحت التعذيب في سجون النظام السوري منذ مطلع العام الحالي، بينهم 15 طفلا وست نساء، معربا عن خشيته من أن يكون مصير 18 ألف معتقل مفقود، مشابها. وفيما تواصلت الاشتباكات بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة في محافظات حلب وحماه وريف دمشق ودرعا، توحدت كتائب دير الزور، رسميا، لمنع سقوط المدينة بيد مهاجمي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش). وجاء ذلك بينما توصل المعارضون في حي القدم بدمشق إلى هدنة مؤقتة مع النظام، وهو أول حي سيطر عليه مقاتلو الجيش السوري الحر جنوب دمشق، في أبريل (نيسان) 2012.

وشهد حي القدم جنوب دمشق هدوءا نسبيا، بعد دخول الهدنة المؤقتة بين القوات الحكومية السورية والمقاتلين المعارضين، حيز التنفيذ. وأعلن المجلس المحلي في الحي التوصل إلى اتفاق لوقف النار مع القوات الحكومية، يشمل مناطق بورسعيد والمادنية وجورة الشريباتي وحي العسالي في ظل القصف الممنهج التي تتعرض له تلك الأحياء، مشيرا، في بيان، إلى أن مدة الاتفاق تستمر لأسبوع كامل قابل للتمديد بحال عدم خرقه، في مقابل التزام قوات النظام بإيقاف تام لعمليات تهديم المنازل التي تمارسها في حي القدم.

وأكد المرصد السوري التوصل إلى هذه الهدنة، وهي استكمال للاتفاقات التي تعقدها دمشق مع مقاتلي المعارضة جنوب دمشق، وتلي اتفاق المعضمية ومخيم اليرموك. وتعد القدم وداريا، آخر المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بمحاذاة حدود دمشق الإدارية من جهة الجنوب.

ويؤكد عضو مجلس الثورة بريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» أن حيي القدم والتضامن المتلاصقين كانا أول الأحياء التي شهدت ظهور جيش السوري الحر وسيطرته عليها في أبريل 2012، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق يشبه الاتفاقات الأخرى التي عقدها النظام بوساطة فعاليات المناطق مع المعارضة لتحييدها عن القتال. وقال إن «القوات الحكومية كثفت أخيرا من وتيرة القصف لأحياء القدم وهدم البيوت المرتفعة لمنع مقاتلي المعارضة من كشف مرصد المدفعية الواقع في منطقة البوابة التي تصل القدم بحي الميدان وتقصف مواقع المعارضة بالحجر الأسود»، مشيرا إلى أن الحي تسيطر عليه كتيبة تابعة لـ«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» المعارضة.

في موازاة ذلك، تواصلت الاشتباكات في داريا وسط قصف تعرضت له المنطقة. وقال ناشط من داريا لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الحكومية، وبهدف إنشاء مسافة فاصلة مع مقاتلي المعارضة، هدمت ثمانية مبان تقع من الجهة الغربية لمقام سكينة داخل داريا الذي يشهد اشتباكات مستمرة، وهي الجبهة الأبرز التي تشهد معارك بين الطرفين في داريا».

وفي مقابل الهدنة جنوب دمشق، أعلنت عدة كتائب وألوية إسلامية وكتائب وألوية مقاتلة في حماه عن تشكيل غرفة عمليات (فتح من الله) التي ستتولى مهمة تحرير الريف الشمالي الغربي لمحافظة حماه وصولا إلى مدينة حماه، في حين دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام من جهة ومقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من جهة أخرى في محيط بلدة كرناز، كما قصف الطيران المروحي بعد منتصف ليل أمس مناطق في قرية الأمينات في ريف حماه الغربي.

وعلى خط توحد الجهود في حماه، أفاد المرصد السوري باتفاق الكتائب والفصائل والفعاليات داخل مدينة دير الزور باعتبار المدينة خطا أحمر وتجنيبها جميع الصراعات الحاصلة كونها ساحة معركة مع النظام وخط تماس أول، كما اتفقوا على منع جميع الفصائل المقاتلة من نقل الصراع لداخل المدينة، واعتبار الفصيل الذي يقتحمها «خصما وتوجب مقاتلته». وأكد المجتمعون أن القرارات التي يوافق عليها الأغلبية تعتبر ملزمة للجميع وعليهم الرضوخ لها والالتزام بها ما لم تخالف شرع الله. ويأتي هذا الاتفاق بالتزامن مع خوض الكتائب الإسلامية ومقاتلي الجيش الحر معارك ضارية ضد تنظيم «داعش».

من جهة أخرى، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، مقتل أكثر من 850 معتقلا تحت التعذيب في سجون النظام السوري منذ مطلع العام الحالي.

وأكد المرصد السوري ارتفاع عدد القتلى الذين تمكن من توثيقهم داخل المعتقلات وأقبية الأفرع الأمنية السورية وثكنات النظام العسكرية، منذ بداية العام الحالي، وحتى ليل أول من أمس، إلى «847 شهيدا ممن تم إبلاغ عائلاتهم وذويهم بمفارقتهم للحياة، بينهم 15 طفلا دون الـ18 من العمر، وست نساء». وأوضح المرصد أن هؤلاء قضوا نتيجة تعرضهم للتعذيب والإعدام الميداني وسوء الأوضاع الصحية والإنسانية، وحرمانهم الأدوية والعلاج الذي يحتاجونه.

ورجح المرصد، في تقرير أصدره أمس، أن يكون العدد الفعلي للقتلى «أكبر من الرقم الموثق»، نظرا لأن عشرات الآلاف من السوريين يقبعون في السجون والمعتقلات، بينهم 18 ألف معتقل مفقود (...) يخشى المرصد السوري أن يكونوا لاقوا مصيرا مشابها للشهداء الـ847. ولفت إلى أن آلاف المعتقلين يتعرضون لأساليب تعذيب وحشية تسببت بحالات الوفاة، أو الإصابة بأمراض مزمنة، مترافقة مع حرمان من الغذاء والأدوية والعلاج اللازم.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية، إن عدد ضحايا التعذيب يتزايد في الفترة الأخيرة، عازيا الأمر إلى عدم وجود رادع للنظام، مشيرا إلى أنه بات يسلم الجثث إلى ذويها وكأن شيئا لم يحصل. وأضاف «عندما لا يجد المجرم من يحاسبه، يستمر في ارتكاب الجرائم».