المياه تعود إلى حلب بعد 11 يوما من الانقطاع

جمعية مسيحية ناشدت تدخل بابا الفاتيكان

TT

استيقظ سكان مدينة حلب صباح أمس على خبر عودة المياه إلى أحيائهم بعد انقطاع دام 11 يوما، فانشغلوا بتعبئة خزاناتهم وبأعمال التنظيف بعدما أفيد قبل أيام بعشرات حالات التسمم نتيجة شرب مياه ملوثة.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن المياه بدأت تعود بشكل تدريجي إلى المدينة، لكن ليس كالمعتاد، بعد التوصل لاتفاق عن طريق مبادرة حلب الأهلية، على أن تسمح جبهة النصرة بإعادة ضخ المياه إلى كل أحياء المدينة.

وكان المرصد السوري اتهم جبهة النصرة، بإيقاف عمل مضخة حي «سليمان الحلبي» التي توزع المياه إلى الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة شرقا وتلك الخاضعة لسيطرة القوات النظامية غرب حلب. ولم تنجح الجبهة بوقف إمدادات المياه إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام من دون أن يؤثر ذلك على الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وطالبت منظمة «الصحة العالمية» أطراف النزاع في سوريا، في وقت متأخر من ليل أول من أمس، بإعادة توفير مياه الشرب على الفور إلى حلب، معربة عن انزعاجها إزاء التقارير الأخيرة بشأن انقطاع المياه «المتعمد»، مضيفة أن ذلك «سيؤثر على الحياة اليومية لـ2.5 مليون شخص».

وأشارت المنظمة في بيان إلى أن «توافر المياه الصالحة للشرب في سوريا هو ثلث ما كان عليه قبل بدء الأزمة في 2011»، لافتة إلى أن «استخدام المياه غير المنتظم، ومصادر المياه الجوفية غير المحمية تعرض الناس لمخاطر عالية من الإسهال والتيفويد وشلل الأطفال».

بدورها، حثّت جمعية «الإخوة المريميون الكاثوليك» في حلب يوم أمس بابا الفاتيكان بالتدخل لدى المجموعة الدولية لإعادة الماء إلى المدينة، واصفين قطع الماء بالـ«جريمة».

وعد الناطق باسم الجمعية الأخ جورج سبع، في بيان، أنّه «لا يجوز معاقبة شعب لأنه يعيش في مدينة، ولأنه رفض الانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك»، مؤكدا أنه «منذ أكثر من عشرة أيام لم تعد هناك نقطة ماء في الصنابير، والناس مضطرون لاستقاء الماء غير الصالحة للشرب دائما من الآبار في المساجد والكنائس».

وكانت الخارجية السورية اتهمت مطلع الأسبوع «المجموعات الإرهابية» بقطع المياه عن ثلاثة ملايين نسمة من سكان حلب، وذلك في رسالتين وجهتهما إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن. واشتكى عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الموجودين في مناطق خاضعة لسيطرة النظام من عدم وصول المياه إليهم، وخصوصا في منطقتي السريان الجديدة والقديمة.

وقال محمد الحلبي، الناشط السوري في حلب، لـ«الشرق الأوسط»، إن كل سكان حلب، سواء في الأحياء التي يسيطر عليها النظام أو المعارضة، انشغلوا أمس بالاستفادة من المياه، مضيفا: «أينما تنقلت في أنحاء المدينة سمعت صوت المياه في المنازل، من يغسل ومن يجلي ومن يُعبّئ خزاناته خوفا من تكرار الانقطاع مرة أخرى».

وأوضح الحلبي، أن «جبهة النصرة سمحت بتشغيل المضخات ودخول صهاريج المحروقات إلى حي سليمان الحلبي، مما أعاد المياه ولو بكميات محدودة إلى المدينة»، لافتا إلى أن «الانقطاع المتواصل للكهرباء التي لا تتوفر إلا لأربع ساعات يوميا شكّلت عاملا سلبيا إضافيا منع الكثيرين من سحب المياه لتخزينها». وتابع: «يمكن القول إن المياه عادت إلى حلب بعد 11 يوما من الانقطاع الفعلي، و25 يوما من الانقطاع المتقطع، علما بأنّها قبل ذلك لم تكن متوفرة إلا كل أربعة أيام».

وكانت عشرات الصور من حلب أظهرت حجم المأساة التي ترزح تحتها المدينة، بحيث ظهر عدد من الأولاد يشربون المياه من بؤر ملوثة على الطرقات ويصطفون بطوابير ضخمة على الآبار في المساجد والمدارس حاملين الأواني والأوعية.

يُذكر أن حلب مقسومة بين أحياء يسيطر عليها النظام غربا وأخرى تسيطر عليها قوات المعارضة شرقا منذ عام 2012. وتضم ما بين 1.5 ومليوني نسمة في مقابل 2.5 مليون كانوا يعيشون في المدينة قبل اندلاع الأزمة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.