بعد لقائه أوباما.. الجربا في لندن للقاء «مجموعة الـ11 لأصدقاء سوريا»

الاجتماع يبحث الدعم السياسي للمعارضة والضغط على الأسد وتوصيل المساعدات

مقاتلون من الجيش السوري الحر يعدون لإطلاق قذيفة تستهدف القوات النظامية في حماه أمس (رويترز)
TT

وصل رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا إلى العاصمة البريطانية، سعيا للحصول على المزيد من الدعم السياسي والعسكري الدولي، بعد زيارة استمرت عشرة أيام إلى الولايات المتحدة حيث التقى بالرئيس الأميركي باراك أوباما. ويشارك الجربا في اجتماع «مجموعة الـ11» المصغرة لمجموعة «أصدقاء سوريا» في لندن اليوم.

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية فرح دخل الله، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهدف الأساسي من الاجتماع إبداء الدعم للمعارضة السورية المعتدلة، وسنبحث مع شركائنا مجموعة من الإجراءات لزيادة الدعم للائتلاف الوطني وزيادة الضغوط على نظام الأسد وإزالة العقبات أمام توصيل المساعدات للسوريين، بالإضافة إلى كيفية إحياء العملية السياسية التي تعطلت بسبب تعنت النظام» السوري. وشددت دخل الله على أن الاجتماع سيبحث فرص دفع عملية سياسية لإنهاء الأزمة السورية على الرغم من أن المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي استقال من منصبه ولم يعين بديلا. كما أن قرار الأسد إجراء انتخابات رئاسية في الثالث من يونيو (حزيران) قلل من فرص العودة إلى المفاوضات، في عملية وصفتها الخارجية البريطانية بأنها «مهزلة».

لكن مع ذلك، تؤكد دول مجموعة الـ11، التي تتضمن السعودية ومصر والأردن وقطر والإمارات وتركيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة بالإضافة إلى بريطانيا، أن الحل السياسي هو الهدف. ويستضيف وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ الاجتماع الذي يشارك فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ومن المتوقع أن تشارك باقي الدول على المستوى الوزاري أو نائب وزير.

ولن يغيب موضوع تسليح المعارضة السورية عن اجتماع لندن، لكن من غير المتوقع الخروج بتوصيات واضحة بتزويد المعارضة بعتاد عسكري. وقالت الناطقة باسم الخارجية البريطانية دخل الله «نحن على ثقة من أن الأوضاع على الأرض في سوريا تسمح بوصول المساعدات غير الفتاكة بطريقة سليمة، وأن خطر وقوعها في يد جماعات متطرفة قد تراجع إلى حد كبير».

وإذا كان الغربيون يكتفون بالقول علنا إن مساعداتهم للمعارضة السورية تنحصر في الأعتدة غير القاتلة، فإن المعلومات المتوافرة تقول إن أنواعا من الأسلحة تصل إلى المجموعات التي تثق الجهات الغربية بها، علما بأن مسؤولي الائتلاف، وعلى رأسهم الجربا خلال زيارته إلى واشنطن، دأبوا على تأكيد أن لديهم «ضمانات» حول مصير السلاح الذي يصل للمعارضة وعدم وصوله للفصائل الجهادية.

ولا تزال الولايات المتحدة وبريطانيا متمسكتين بموقفهما الرافض لتدخل عسكري مباشر. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي في واشنطن «نواصل إيماننا بأن الهدف هو فعل كل ما يمكننا فعله لحل (الأزمة) بوسائل سلمية أكثر مما كان ممكنا أن تحققه ضربات عسكرية، وكان الهدف هو إزالة الأسلحة الفتاكة والشنيعة من أيدي نظام الأسد»، في إشارة إلى الأسلحة الكيماوية.

ومن المرتقب أن تقدم مجموعة الـ11 اليوم دعما للجهود الفرنسية لتقديم قرار أمام مجلس الأمن لإحالة الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية تحت الفصل السابع بسبب استخدام الكلور كسلاح حرب. وبموازاة ذلك، يجري التداول بشأن مشروعي قرار، الأول من روسيا والثاني بمبادرة من ثلاثة أعضاء هم الأردن وأستراليا ودوقية لوكسمبورغ، يتناولان الوضع الإنساني وتطبيق القرار السابق رقم 2119. وفي الأيام الأخيرة، عاد استخدام النظام للسلاح الكيماوي إلى واجهة الأحداث من زاويتين: التأخر الذي لحق بتخلص النظام من كل سلاحه الكيماوي من جهة، والشكوك حول احتفاظه بجزء من ترسانته مما مكنه من استخدام هذا السلاح 14 مرة وفق تأكيدات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ومنظمة «هيومان رايتس ووتش».

إزاء هذا الوضع، تعتبر مصادر فرنسية رسمية أن التحركات القائمة على أكثر من صعيد تستهدف بالدرجة الأولى «نزع الشرعية مسبقا عن الانتخابات الرئاسية التي يروج لها النظام على أنها الحل السياسي الوحيد الموجود على الطاولة». وقالت هذه المصادر في لقاء مع مجموعة من الصحافيين في باريس إن دعاية النظام تقوم على ثلاثة عناصر، وهي اعتبار أن الأسد هو الحل، وأن النظام صامد وبصدد أن يربح الحرب ميدانيا، كما أن النظام يروج أنه «الحصن الوحيد» الذي بإمكانه أن يقف سدا منيعا في وجه الإرهاب والجهاديين. ويريد الغربيون أن يدحضوا سلفا حجة النظام القائلة إنه بصدد «تطبيع» الوضع في سوريا، مستندا لما حصل في منطقة القلمون وضواحي دمشق وحمص.

وتستهدف مسارعة باريس، بدعم الدول الغربية ودول عربية، لطرح مشروع قرار في مجلس الأمن لجر رؤوس النظام السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، بالدرجة الأولى «نسف» نظرية التطبيع من الأساس، وإظهار «حقيقة النظام» والحاجة الملحة لأن تمسك المحكمة الجنائية بملف يتضمن انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وجرائم حرب. وكشفت المصادر الفرنسية أنه إذا لم يمر مشروع قرارها في مجلس الأمن فإنها ستنقله إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، رغم أن قرارات هذه الأخيرة غير ملزمة. وفي أي حال، فإن باريس تريد أن يطرح مشروع قرارها على التصويت قبل الانتخابات السورية.

ويبدو أن المسعى الفرنسي - الغربي سيصطدم من غير شك بالفيتو الروسي وربما الصيني، وأنه لن يفضي إلى نتيجة عملية. لكن ما يريده الغربيون هو «تشديد الضغوط السياسية» على النظام وعلى الأطراف الداعمة له إن في مجلس الأمن كروسيا والصين أو خارجه كإيران. ومن طرف آخر، يهدف اجتماع اليوم إلى تقديم الدعم للائتلاف الوطني السوري «وجعله أكثر فعالية.. فقد برز هذا الائتلاف كبديل لنظام الأسد وهو معتدل وذا مصداقية ويمثل غالبية الشعب السوري ولذلك علينا مواصلة مساعدته»، بحسب دخل الله.

وبعد يوم من لقاء أوباما بالجربا في البيت الأبيض، بحضور مستشارة الأمن القومي سوزان رايس ووفد المعارضة السورية الذي أنهى زيارته إلى الولايات المتحدة أمس، أعلنت الخارجية الأميركية إدراج تنظيم القاعدة في العراق أو ما يسمي الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، واعتبرته كيانا إرهابيا عالميا مرتبطا بجبهة النصرة التي سبق للخارجية الأميركية تصنيفها كمنظمة إرهابية منذ عدة أشهر. ووضعت الخارجية الأميركي أسماء مؤسسات وفصائل أخرى على لائحة الإرهاب، اعتبرتها أذرعا وأسماء مستعارة تنتمي بصلة لتنظيم داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، مثل مؤسسة «الفرقان» للإنتاج الإعلامي، والدولة الإسلامية، وجماعة النصرة المدرجة كمنظمة إرهابية.

وحظر القرار تقديم أي دعم مادي أو توفير موارد أو الانخراط في معاملات مع تلك المنظمات، مع تجميد جميع الممتلكات والأرصدة لتلك المنظمات داخل الولايات المتحدة أو الممتلكات والأرصدة التي تأتي إلى داخل الولايات المتحدة. كما أدرجت الحكومة الأميركية رسميا قياديين في مجموعات إسلامية مسلحة في سوريا على قائمة «الإرهابيين العالميين»، وطلبت من فصائل المعارضة السورية الأخرى الابتعاد عنهما. وأضافت وزارة الخزينة الأميركية اسم السعودي عبد الرحمن محمد ظافر الدبيسي الجهني، والعراقي عبد الرحمن مصطفى القادولي، على قائمة الإرهابيين العالميين.