موظفو القطاع العام زحفوا على البرلمان في «يوم الغضب».. وبري رفض «الضغوط»

المتظاهرون طالبوا بإقرار سلسلة الرتب والرواتب

جانب من المظاهرات الحاشدة التي شهدتها بيروت أمس للمطالبة بتعديل سلم رواتب الموظفين (أ.ب)
TT

زحف آلاف المعلمين وموظفي الإدارات الرسمية إلى وسط بيروت، في أكبر مظاهرة شهدها لبنان منذ سنوات تحت عنوان «يوم الغضب»، بدعوة من هيئة التنسيق النقابية، للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، التي سيحصل موظفو القطاع العام بموجبها على زيادة في رواتبهم.

وبينما كان البرلمان اللبناني يعقد جلسته التشريعية الصباحية مناقشا تقرير اللجنة النيابية حول بنود إيرادات وتمويل «سلسلة الرتب والرواتب»، كانت أصوات المتظاهرين الذين وصلوا إلى محيطه من مختلف المناطق اللبنانية تحذّرهم من «قضم الحقوق» أو تجزئة «السلسلة» أو حتى تقسيطها.

وشهد التحرك سجالا غير مباشر بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وحنا غريب، أبرز قياديي تحرك موظفي الدولة، على خلفية نعت الأخير النواب بـ«الحرامية»، أي السارقين، أول من أمس، في تحرك نظمته الهيئة للهدف نفسه أمام وزارة الشؤون الاجتماعية. وأوفد بري وزير التربية إلياس بوصعب إلى المعتصمين، مطالبا غريب بالاعتذار، وقال بري «لا أحد يفكر في أن التشريع سيكون تحت الضغط»، ليعود غريب ويوضّح لوزير التربية أن اتهامه كان موجّها إلى من تصفهم الهيئة بـ«حيتان المال»، أي الهيئات الاقتصادية التي تقف في وجه إقرار السلسلة بحجة تأثيراتها السلبية على الاقتصاد اللبناني.

البرلمان أنجز في جلسته الصباحية عددا من المواد المتعلقة بتمويل السلسلة بعد إدخال تعديلات عليها، قبل أن يعود ويستأنف مباحثاته في جلسة مسائية، لاستكمال البحث في تقرير اللجنة النيابية، لا سيما البنود المتعلقة بزيادة الضرائب.

وكان بري كلّف لجنة نيابية لإعداد دراسة عن الأملاك البحرية والنقاط الخلافية التي برزت خلال مناقشة البند المتعلّق بها لإعادة طرحها ومناقشتها في الهيئة العامة بصيغة جديدة، فيما أمل وزير المالية علي حسن خليل أن تكون الساعات الفاصلة بين الجلستين كفيلة لبلورة المواقف والوصول إلى حل لبعض النقاط الخلافية.

وتطالب هيئة التنسيق النقابية منذ أكثر من عام تقريبا بإقرار قانون زيادة الأجور، فيما ترفض الهيئات الاقتصادية اللبنانية إقراره لما له من انعكاسات سلبية على الخزينة اللبنانية، إذ لا تقل تكلفته عن ملياري دولار سنويا، فيما كان النمو الاقتصادي في لبنان انخفض إلى 1.5 في المائة عام 2013 من معدل ثمانية في المائة سنويا بين عامي 2007 و2010. ودعا غريب المتظاهرين إلى البقاء في الساحة أمس إلى حين إقرار السلسلة، وهدد بمواصلة الإضراب المفتوح ومقاطعة امتحانات نهاية العام الدراسي. واستنادا إلى وزارة المالية اللبنانية، فإن عدد المستفيدين المحتملين من زيادة الرواتب يبلغ 180 ألف موظف. وبحسب إحصاءات رسمية يبلغ عدد الموظفين في القطاع العام اللبناني نحو 270 ألف موظف، أي ما يعادل نحو 20 في المائة من القوى العاملة في لبنان. وعلى عكس مطالب المتظاهرين، فإن تقريرا عن صندوق النقد الدولي يشير إلى أن التغييرات في السلسلة، أي الهيكل الوظيفي بدرجاته ورواتبه، يجب ضبطها، وأوصى بدفعها عبر دفعات وإبطال المفعول الرجعي.

وكان الصندوق أعلن الأسبوع الماضي أن لبنان بحاجة إلى تنفيذ إصلاحات لتحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات، في وقت تشهد فيه البلاد تباطؤا اقتصاديا، مشيرا إلى أن معدل النمو سيرتفع إلى أربعة في المائة في المدى المتوسط إذا تم تعزيز الأوضاع السياسية والأمنية في البلد.

وفي كلمة له في الاعتصام، قال رئيس هيئة التنسيق حنا غريب، أمس «لن نتزحزح عن حقوقنا قيد أنملة، ونريد السلسلة كاملة، وزحفنا اليوم لنسقط هذا المشروع المسخ لأنه يضرب الحقوق ويأكلها». وطالب مجلس النواب بإسقاط مشروع اللجنة النيابية الفرعية «لأنه ينقض على الحقوق». وأضاف «لا نواجه رأسماليين بل نواجه (حرامية)».

ورفض غريب فرض الضرائب على الفقراء، متسائلا «ما دخل الفقراء ليفرضوا الضرائب عليهم؟»، مؤكدا «اننا ضد الضريبة على القيمة المضافة، وضد رفع رسوم الهاتف والطوابع، وضد رفع الأقساط في المدارس الخاصة».

من جهته، توجه نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوظ إلى بري بالقول «هناك فاسدون في الدولة يجب أن يحاسبوا لا نحن». وأكد أن «الفساد موجود في الجمارك والمرفأ والأملاك البحرية والكهرباء والاتصالات ومجلس الوزراء. لن نسمح لأحد بضرب حركة المعلمين النقابية». وسأل «جميع الكتل النيابية أصدرت بيانات تدعم مطالبنا، فلماذا لم تقر السلسلة؟»، لافتا إلى أن «مجلس النواب مسؤول عن إعادتنا إلى صفوفنا حيث مكاننا الطبيعي. ولن نتراجع عن اعتصامنا قبل إقرار السلسلة».