الحكومة النيجيرية تتخلى عن تشددها وتقبل التفاوض مع «بوكو حرام»

بريطانيا تعرض المساعدة بطائرة استطلاع وفريق عسكري للبحث عن الفتيات المخطوفات

شاب يبيع في شارع بأبوجا أمس صحفا وضعت على صدر صفحاتها الأولى خبر التعرف على 54 من الفتيات المخطوفات بعد بث «بوكو حرام» شريط فيديو جديدا لهم الاثنين الماضي (أ.ب)
TT

مع مرور شهر بالكامل على خطف أكثر من مائتي فتاة من قبل جماعة «بوكو حرام» المتشددة في شمال شرقي نيجيريا، عرضت بريطانيا أمس مساعدة جديدة على السلطات التي أبدت استعدادا للتفاوض مع الخاطفين.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مجلس العموم أمس: «عرضنا على نيجيريا مساعدة إضافية»، بينما وصل إلى المكان فريق من المملكة المتحدة. وتشمل المساعدة البريطانية الجديدة، بحسب كاميرون «طائرة استطلاع وفريقا عسكريا يفترض أن ينضم إلى المقر العام للجيش النيجيري، وفريقا سينضم إلى الخبراء الأميركيين الذين يحللون المعلومات المتعلقة بتحديد مكان الفتيات».

وكانت الولايات المتحدة وفرنسا أرسلتا فرق خبراء أيضا، وباشرت طائرات أميركية التحليق فوق شمال شرقي البلاد بحثا عن الفتيات. وعرضت إسرائيل والصين بدورهما المساعدة.

وبعد رفضها في البداية أي عملية تبادل بين معتقلين إسلاميين والتلميذات الـ223 المحتجزات رهائن (كما طلب زعيم «بوكو حرام» أبو بكر شيكاو في شريط فيديو بث الاثنين وظهرت فيه الفتيات)، أعلنت الحكومة النيجيرية مساء أول من أمس أنها «منفتحة على الحوار»، لكنها طلبت في الوقت نفسه من البرلمان أن يمدد لستة أشهر حالة الطوارئ السارية منذ سنة تحديدا في ثلاث ولايات بشمال شرقي البلاد تعد معاقل لجماعة «بوكو حرام»، إلا أن المعارضة احتجت على التدبير الذي لم يسمح في رأيها بالحد من تمرد «بوكو حرام» وحرم السكان من الحرية. كما لم يمنع تكثيف الهجمات في الولايات الثلاث المعنية (اداماوا وبورنو ويوبي) وخصوصا تدمير مدينة غامبورو نغالا بكاملها في الخامس من مايو (أيار) الحالي (300 قتيل على الأقل).

وقال وزير الشؤون الخاصة تامينو تراكي الذي ترأس العام الماضي لجنة مكلفة دراسة برنامج عفو مع «بوكو حرام» إن «نيجيريا كانت دائما منفتحة على الحوار مع المتمردين. نحن مستعدون لبحث جميع المشكلات، بما في ذلك (قضية) التلميذات المخطوفات في شيبوك».

يذكر أنه في 14 أبريل (نيسان) الماضي اختطفت «بوكو حرام» 276 فتاة من مدرستهن في شيبوك في ولاية بورنو، أحد معاقل هذه الحركة المسلحة. وتمكنت عشرات منهن من الهرب لكن 223 تلميذة بقين محتجزات لدى الجماعة المتطرفة. وأول من أمس قال حاكم بورنو كشيم شيتيما الذي نظم جلسة لمشاهدة شريط الفيديو مع الأهالي إن جميعهن «جرى التعرف عليهن على أنهن تلميذات في الثانوية العامة في شيبوك».

ويبدو أن موقف جماعة «بوكو حرام» تغير هو الآخر، ففي شريط فيديو أول بث في الخامس من مايو توعد أبو بكر شيكاو بمعاملة الفتيات بصفتهن «سبايا وبيعهن في السوق وتزويجهن بالإكراه»، لكن في شريط الفيديو الثاني الذي بث الاثنين الماضي قال شيكاو إن قسما من الفتيات اعتنقن الإسلام وبات يدعوهن بـ«الشقيقات»، كما تحدث عن الاستبدال بالفتيات سجناء إسلاميين معتقلين لدى السلطات.

في موازاة ذلك، لم يتوقف تنامي التعبئة الدولية في الأيام الأخيرة، لا سيما من الولايات المتحدة. ونيجيريا المتحفظة تقليديا أمام أي تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية، وافقت في نهاية المطاف على قبول هذه المساعدة. وفي بادرة دعم قوية للسلطات النيجيرية، زار قائد القوات المسلحة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) الجنرال ديفيد رودريغيز أول من أمس، إلى أبوجا العاصمة الفيدرالية لـ«بحث المساعدة الأميركية في عمليات البحث وكذلك التعاون» بين القوات الأميركية والنيجيرية.

فضلا عن ذلك تعقد قمة حول الأمن في نيجيريا السبت المقبل في باريس تضم بجانب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قادة خمس دول أفريقية على الأقل: نيجيريا وأربع دول مجاورة لها هي تشاد والكاميرون والنيجر وبنين. كما دعي الأميركيون والبريطانيون للمشاركة في القمة.

ودعت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة أمس، نيجيريا إلى «استخدام كل الوسائل الضرورية للتوصل إلى الإفراج عن الفتيات». وفي المقابل تكاثرت المظاهرات في العالم أجمع للمطالبة بالإفراج عن الفتيات المخطوفات تحت شعار «أعيدوا لنا فتياتنا» أطلق على موقع «تويتر». وعلى غرار السيدة الأميركية الأولى ميشيل أوباما، شاركت «السيدتان الأوليان» الفرنسيتان السابقتان كارلا بروني وفاليري تريرفيلر في مظاهرة في باريس أول من أمس، إلى جانب مشاهير من عالم الفن، للمطالبة بالإفراج عن الفتيات المختطفات. كما نددت منظمات نسائية من مالي مساء أول من أمس، بما عدته «صمتا آثما لرؤساء الدول والحكومات»، داعية «كل السلطات والشخصيات الإسلامية إلى إدانة» عملية الخطف الجماعي للفتيات النيجيريات.