السلاح الفلسطيني في لبنان على طاولة البحث قريبا وفق معادلة جديدة

ممثل حماس لـ «الشرق الأوسط»: بحث ملف السلاح على حدة لا يخدم العلاقات الثنائية

صورة أرشيفية تعود لشهر أبريل الماضي لمسلحين فلسطينيين في مخيم المية ومية الفلسطيني جنوب لبنان (أ.ب)
TT

يجمع المعنيون بملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على أن التعاطي مع السلاح الفلسطيني المنتشر خارج وداخل المخيمات اختلف بعد الأزمة السورية وبات يتطلب رؤية جديدة تسعى وزارة الداخلية لبلورتها بعد انتهائها من تطبيق الخطة الأمنية على كامل الأراضي اللبنانية.

وكان أكثر من طرف لبناني قبل عام 2011 (تاريخ اندلاع الأزمة السورية) يربط مصير السلاح الفلسطيني بمصير سلاح حزب الله في إشارة إلى تعذر تسليمه للدولة اللبنانية في المدى المنظور، على الرغم من توافق كل الأفرقاء السياسيين في عام 2006 حول طاولة الحوار الوطني على سحب السلاح الفلسطيني من الفصائل الفلسطينية الموجودة في لبنان من خارج المخيمات وتنظيمه داخلها. ولم يكن للقرار اللبناني أي صدى على الأرض خاصة أنه جاء مباشرة قبيل حرب عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، مما أدى لتحويل البحث فيه إلى لجنة حوار لبناني - فلسطيني تبحث في ملف اللاجئين الفلسطينيين بشكل عام.

وكان لافتا موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق، وهو الموقف الوحيد الذي أعلنه من موضوع السلاح الفلسطيني قبل فترة، حين عد أن «السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها ليس له أي مبرر أو فائدة».

وتعد مصادر في وزارة الداخلية أنه يتوجب انطلاق البحث في ملف السلاح الفلسطيني من خلال محاولة الإجابة عن سؤال: «بماذا أسهم السلاح الفلسطيني المتفلت في لبنان خصوصا بعد عام 1982؟»، لافتة إلى أن مقاربة موضوع السلاح الفلسطيني اختلفت بعد الأزمة السورية.

وتشير المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «سيجري اعتماد مقاربة جديدة لبحث الموضوع، آخذين بعين الاعتبار مرحلة الأزمة السورية والمعطيات الأمنية اللبنانية السيادية»، موضحة أن «أي مقاربة ستنطلق ودون شك من وجوب احترام كامل حقوق اللاجئين الفلسطينيين».

وتتوقع المصادر أن ينطلق البحث في الملف قريبا على أن يجري البحث به دفعة واحدة، أي السلاح خارج وداخل المخيمات من دون فصلهما، وتقول: «حاليا الوزارة منكبة على تنفيذ الخطة الأمنية على كامل الأراضي اللبنانية، فبعد الشمال انتقلت الخطة إلى بيروت، على أن تصل قريبا إلى مدينة صيدا والجنوب».

هذا، وينتشر السلاح الفلسطيني في معظم مخيمات اللاجئين الـ12 المنتشرة بالمناطق اللبنانية، أما خارج المخيمات فيتركز هذا السلاح في منطقتين أساسيتين؛ في البقاع القريب من الحدود السورية، بالإضافة إلى موقع وحيد قرب الشريط الساحلي غير بعيد عن بيروت وهو «نفق الناعمة».

ووفقا لتقرير سابق للأمم المتحدة، فإن تنظيمين مواليين لسوريا هما «الجبهة الشعبية - القيادة العامة» و«فتح - الانتفاضة» لا يزالان يمتلكان مراكز عسكرية في لبنان.

ويشدد ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة على وجوب التعاطي مع قضية اللاجئين الفلسطينيين على أنها سياسية بامتياز وناتجة عن الاحتلال الصهيوني للقرى والمدن الفلسطينية في عام 1948، لافتا إلى أن معالجة كل الملفات المتعلقة باللجوء الفلسطيني في لبنان بحاجة لحوار لبناني - فلسطيني مباشر.

ويؤكد بركة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أي بحث بملف السلاح الفلسطيني على حدة لا يخدم العلاقات اللبنانية – الفلسطينية»، ويقول: «القضية إنسانية - سياسية – أمنية – اجتماعية – اقتصادية، والبحث بها يجري رزمة واحدة على طاولة الحوار». ويجزم بركة بأن الشعب الفلسطيني في لبنان «عامل استقرار، وهو لن يكون طرفا بأي نزاع داخلي، وسيقف دوما إلى جانب الدولة ومؤسساتها».

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) 460 ألفًا موزعين على 12 مخيمًا في أنحاء لبنان وهي مخيمات: المية مية، والبص، وبرج الشمالي، والرشيدية، وشاتيلا، ومار إلياس، وبرج البراجنة، وعين الحلوة، ونهر البارد، والبداوي، ويفل، وضبية. وتتولى لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، وهي هيئة حكومية يُشارك فيها ممثلون من وزارات متعددة، معالجة المسائل الحياتية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية والأمنية للفلسطينيين المقيمين في لبنان بالتعاون مع «الأونروا». كما تسعى لوضع آلية لإنهاء وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وإطلاق الحوار حول معالجة قضية السلاح داخل المخيمات لجهة تنظيمه وضبطه.

ويشير خلدون الشريف، الرئيس السابق لهذه اللجنة الذي سلم قبل شهرين المهمة للوزير السابق حسن منيمنة، إلى أن مصير السلاح الفلسطيني في لبنان كان مرتبطا إلى حد ما بمصير سلاح حزب الله، ولكن قبل اندلاع الأزمة السورية، لافتا إلى أنه وبعد عام 2011 تغيرت المعادلة وبات بالإمكان الحديث عن نزع السلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيمات شرط تقديم كل الضمانات اللازمة للاجئين كي لا يعيد التاريخ نفسه، مذكرا بالمجازر التي استهدفت الفلسطينيين في مناطق صبرا وشاتيلا، وتل الزعتر، والكارنتينا والنبطية.

ويشدد الشريف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب أن تتحمل الحكومة اللبنانية الحالية مسؤوليتها في هذا الملف باعتبار أن الطابة اليوم بملعبها، وأن كل شيء يحصل في لبنان بالتوافق. ويضيف: «على الحكومة تأمين الحماية للاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات تماما كما تؤمن حماية اللبنانيين من خلال قوى أمنية يتم فرزها لهذه الغاية».