المشير السيسي: نخوض حربا ضد الإرهاب ونحتاج الدعم والمعدات الأميركية لمواجهته

أكد أنه ينبغي على الغرب الانتباه لخريطة التطرف التي ستمسه لا محالة

المشير عبد الفتاح السيسي
TT

أكد المشير عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش السابق، والمرشح لانتخابات الرئاسة في مصر، أن «العلاقة بين القاهرة وواشنطن علاقة استراتيجية مستقرة وثابتة». وقال: «ليس معنى حدوث حالة ارتباك في وقت من الأوقات أننا لا نستطيع أن نكمل. بالطبع لا، هي علاقة مستقرة ونحن نحتاج العالم الآن. نحتاج في مصر أن نتعاون مع كل الدول لأن حجم التحديات في مصر ضخم جدا محتاجة دعم ومشاركة الجميع فيها».

وفي حواره مع وكالة رويترز أمس، قال المشير «لنكن واضحين، أتفهم المعايير الغربية والأوروبية والأميركية طبعا فيما يخص تجديد وتعليق المعدات، رغم أن لذلك رد فعل سلبيا جدا لدى الرأي العام المصري. وكلما مر الوقت تتضح الصورة أكثر للجميع.. الناس تدرك - والعالم يدرك - أن اللي حصل في مصر كان إرادة الشعب المصري.. ولم يكن الجيش يستطيع أن يتخلى عن شعبه، وإلا حدثت حرب أهلية، لا نعلم مداها. نتفهم الموقف الأميركي، ونتمنى أيضا أن يتفهموا موقفنا»، وذلك في مجمل رده على توقعاته بشأن رفع التجميد على المساعدات العسكرية لمصر.

وجمدت الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية لمصر والتي تقدر بمبلغ 1.3 مليار دولار سنويا جزئيا، عقب عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين في يوليو (تموز) الماضي. وسئل السيسي (59 عاما) عن الرسالة التي يوجهها للرئيس الأميركي باراك أوباما، فقال: «نحن نخوض حربا ضد الإرهاب»، مضيفا أن «الجيش المصري يقوم بعمليات كبيرة في سيناء حتى لا تتحول سيناء إلى قاعدة للإرهاب تهدد جيرانها، وتتحول مصر إلى منطقة غير مستقرة.. وإذا أصبحت مصر غير مستقرة، فالمنطقة ستكون غير مستقرة». وتابع السيسي «نحن محتاجون للدعم الأميركي في مكافحة الإرهاب.. نحتاج المعدات الأميركية لاستخدامها في مكافحة الإرهاب».

وعن توقعاته للجدول الزمني لإحداث تغيير حقيقي في مصر، قال قائد الجيش السابق إن «المصريين يتطلعون إلى أشياء كثيرة جدا.. خلال ثورتين كانوا يتطلعون إلى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، والمصريين يريدون أن يعيشوا، وأنا أحتاج أن أقدم لهم الأمن والأمان والاستقرار والتنمية الشاملة. و100 يوم ليست كافية في الحقيقة، لأن حجم التحديات الموجودة في مصر كثير جدا، وفي الدول الغربية الأمور أكثر استقرارا في كافة المجالات عن الواقع المصري.. أتصور أنه في خلال سنتين من العمل الجاد والدؤوب ممكن أن نحقق شكلا من أشكال التحسن التي يتمناها المصريون ويتطلعون إليها».

وتطرق السيسي إلى الحديث عن الانتخابات الرئاسية المقرر لها 26، و27 مايو (أيار) الجاري، قائلا: «نجحنا في أول خطوة من خريطة الطريق، والدستور - وهو رائع جدا - يحقق كثيرا من أماني المصريين في حياتهم ومستقبلهم. وحجم المصريين الذي نزل (للتصويت) كان ملايين؛ لكن نحن بحاجة في الانتخابات القادمة أن يكون العدد أكبر من هؤلاء، حتى يختاروا بملء إرادتهم من يقودهم في المرحلة القادمة».

وتحدث السيسي عن هل تمثل ليبيا تهديدا لمصر، وقال: «لا بد أن نكون متحسبين من انتشار خريطة الإرهاب في المنطقة، وأنا أتصور أن هناك دورا للغرب في ذلك.. هم لم يستكملوا مهمتهم في ليبيا». وطالب السيسي الغرب بأن «يستكمل مهمته بأن يحقق استقرارا داخل ليبيا، عبر تجميع السلاح وتطوير وتحسين القدرات الأمنية في ليبيا، قبل أن يتخلى عنها»، مضيفا أن «على الغرب أن يتفهم أن الإرهاب سيصل إليه ما لم يساعد في القضاء عليه».

وقال السيسي إن «العلاقات بين مصر وإسرائيل، اللتين تربطهما معاهدة سلام، مستقرة منذ أكثر من 30 عاما، رغم أنها تواجه تحديات كثيرة». وأضاف: «نحن علاقتنا مع إسرائيل، ومعاهدة السلام مستقرة منذ أكثر من 30 سنة، وواجهت كثيرا من التحديات. وهي مستقرة وثابتة ونحن نحترمها، وسنحترمها». وتابع: «نحتاج أن نرى دولة فلسطينية، نحتاج أن نتحرك في السلام، الذي تجمد منذ سنين طويلة. سيكون هناك فرصة حقيقية للسلام في هذه المنطقة.. نحن مستعدون للعب أي دور يحقق السلام والاستقرار والتقدم في منطقة الشرق الأوسط».

وشدد المشير السيسي على أهمية الحفاظ على وحدة سوريا، قائلا إن «الحل السلمي هو الحل المناسب، ووحدة سوريا لصالح أمن المنطقة، حتى لا تتحول إلى منطقة جاذبة للعناصر الإرهابية والمتطرفة.. فذلك سيهدد المنطقة بالكامل». وتابع محذرا أن أي شيء بخلاف ذلك سيعني «سنرى أفغانستان ثانية.. ولا أعتقد أنكم تريدون صناعة أفغانستان أخرى في المنطقة».

وتواجه مصر مخاطر تتعلق بالنشاط الإرهابي، خاصة في شبه جزيرة سيناء الواقعة على الحدود مع كل من قطاع غزة وإسرائيل. وقتل المتشددون المئات من رجال الشرطة والجيش في تفجيرات وحوادث إطلاق نار في الشهور الماضية. وقال السيسي، الذي تولى قيادة الجيش في عهد الرئيس السابق: «أريد أن أقول إنه لن يكون هناك سوى مزيد من الإجراءات في سيناء، كنا حريصين على ألا تتحول سيناء إلى قاعدة للانطلاق بهجمات تهدد جيران مصر، لأن هذا ضد سيادة مصر على أراضيها وضد اتفاقية السلام التي وقعناها مع إسرائيل».

وأضاف قائلا: «نحن تفهمنا رد الفعل من جانبهم (إسرائيل) عندما حدثت بعض العمليات المحدودة ضد الأراضي الإسرائيلية؛ لكننا على الجانب الآخر، داخل سيناء، قمنا ونقوم بعمليات موسعة جدا لضبط الموقف الأمني والتعامل مع العناصر الإرهابية الموجودة؛ سواء بالقبض عليهم أو التعامل معهم. لكن توجد نقطتين كنا حريصين عليهما، أولا أننا لم نكن نريد اللجوء إلى أعمال عنف غير مبررة، ولا أن يكون هناك انتهاك لحقوق الإنسان، ولا قتل للأبرياء، حتى لا يكون ذلك ذريعة لتوسع هذه العمليات. وهذا هو سبب طول المدة. وأيضا، هناك معدات نحتاج أن تعطيها لنا الولايات المتحدة، وأعتقد أن الأمر (تعويق المعونات) لا بد أن يراجع الآن، وأن يتحقق في أسرع وقت ممكن».

وتابع المشير: «أتحدث الآن عن سيناء (فقط) وليس عن حدود تمتد إلى أكثر من ألف كيلومتر. الجانب الآخر في ليبيا ليس لديه الفرصة لأن يؤمن حدوده بالشكل المناسب. ونحن لدينا التزامات تجاه الأمن القومي المصري وتجاه أمن واستقرار المواطن. هذه نقطة نحتاج أن يفهمها - ليس فقط أميركا - ولكن الغرب والعالم كله. ولذلك بنمد أيدينا لكل دول العالم حتى تساعدنا، لأننا يجب أن نكافح الإرهاب بفاعلية، وننجح في هذه المواجهة». وأضاف السيسي أن «الجيش مشغول جدا في مكافحة الإرهاب في سيناء، وعلى حدودنا الغربية، وعلى حدودنا الجنوبية.. لكن لو هناك فرصة أنه يساعد في أعمال هندسية سيجري الاستفادة من هذه الإمكانيات».

ولفت قائد الجيش السابق إلى أن «ما يثار حول أن الجيش يمتلك 40 في المائة أو 20 في المائة من اقتصاد مصر، ليس حقيقيا.. ولا يزيد (اقتصاده) عن اثنين في المائة من الاقتصاد (الإجمالي لمصر)، وهذا الاقتصاد الذي نذكره هو عبارة عن المواد التي يوفرها الجيش لمتطلباته من أغذية وملبوسات».

وتحدث المشير السيسي عن جماعة الإخوان قائلا: «انظروا إلى خريطة التطرف والإرهاب في العالم كله، وستجدون أن هذا الأمر أصبح مستهجنا وغير مقبول من معظم دول العالم. هذا الشكل، فكرة القتل والتخريب والتدمير الموجودة في دول كثيرة، أعتقد أنكم تتفهمون أن هذا أمر لا تقبله الإنسانية ولا الحضارة ولا المنطق». وأضاف أن «مشكلة الإخوان ليست معي.. المشكلة مع الشعب المصري. اسألوا المواطن المصري البسيط، ستجدونه غاضبا جدا ورافضا جدا لأي شكل من أشكال المصالحة. وبصراحة، لا يوجد أي رئيس خلال الفترة القادمة يستطيع أن يعمل ضد إرادة الشعب المصري».

وأعلنت السلطات المصرية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي الإخوان «جماعة إرهابية»، ويحاكم مرسي بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام. وكذلك أحالت محكمة مصرية أوراق مرشد الإخوان محمد بديع إلى المفتي لأخذ رأيه في إعدامه هو ومئات آخرين من مؤيدي الإخوان.

وفي تعليقه على نزاهة العملية القضائية بشأن محاكمة الإخوان، قال السيسي «أعرف الثقافة الغربية، وأعرف منطق الإنسانية لديكم وأتفهمه. أنا مواطن مصري أولا في الوقت الحالي؛ ولست مسؤولا مصريا. وأرجو أن تقبلوا مني هذا الكلام وتثقوا فيه. أنا لن أتكلم عن قضية بعينها، لكن أريد أن أقول: إننا نؤسس لدولة قانون، ونحترم القضاء واستقلاليته ولا نتدخل فيه، وهذا مهم جدا. وأنتم مهتمون بهذه النقطة وهذا أمر أقدره وأفهمه؛ لكن أيضا كنت أتمنى أنكم تهتمون بعدد الضحايا على الجانب الآخر».

وفي مجمل رده عن الحديث عن محاولتين لاغتياله، أوضح السيسي «هذا الفكر هو فكر متشدد، ولا يقبل التفاهم أو التعامل مع الآخر، وليس لديه استعداد لذلك. ويتصور نفسه أنه على الحق المبين الوحيد، وأن أي أحد غيره ليس كذلك، هذه هي المشكلة من دون الدخول في تفاصيل. لن تنتهي محاولات الاغتيال، والغرب يجب أن ينتبه، وعليه أن ينتبه لما يدور في العالم وخريطة التطرف التي تنمو وتزداد. هذه الخريطة ستمسكم لا محالة».