قمة دولية في الإليزيه لبحث ملف مخطوفات «بوكو حرام»

باريس تستبعد التدخل العسكري الغربي لتحريرهن

TT

تلتئم غدا في باريس، بدعوة من الرئيس الفرنسي، قمة أفريقية - دولية لدراسة الوضع في نيجيريا ولوضع تصور مشترك للتعاطي مع جماعة «بوكو حرام» التي تحتجز منذ شهر 223 تلميذة، جرى خطفهن من مدرستهن في مدينة شيبوك الواقعة شمال شرقي البلاد قريبا من الحدود المشتركة مع تشاد والكاميرون. وستضم القمة إلى جانب الرئيس فرنسوا هولاند نظيره النيجيري وقادة الدول المجاورة لنيجيريا (الكاميرون، وتشاد، والنيجر، ومالي، وبوركينا فاسو، وبنين) وممثلين عن بريطانيا (وزير الخارجية ويليام هيغ) والولايات المتحدة الأميركية (ويندي شيرمان، مساعدة وزير الخارجية) وممثلا عن الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، استبعد الاتحاد الأفريقي عن الاجتماع «لأن الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان لا يريد حضوره»، وفق ما أفادت به مصادر الرئاسة الفرنسية في لقاء مع مجموعة صحافية أمس لتقديم القمة. وقالت المصادر الرئاسية، إن جوناثان «هو الذي طلب من الرئيس هولاند تنظيم الاجتماع على عجل» للدور الذي تلعبه فرنسا في أفريقيا كما برز ذلك في مالي ثم في جمهورية أفريقيا الوسطى وللعلاقات التي تقيمها مع الأطراف الأفريقية كافة. كذلك، لم توجه دعوة إلى الأمم المتحدة للأسباب عينها، ولأن نيجيريا «عارضت طويلا نقل صراعها مع (بوكو حرام) إلى المنظمة الدولية». أما الحضور القوي لفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، فيعود للدور الذي تبرعت به هذه الدول للمساعدة في العثور على الفتيات المخطوفات وإطلاق سراحهن.

بيد أن المصادر الرئاسية الفرنسية سارعت إلى القول إن المساعدة الغربية تنحصر في الجانب الفني - الإلكتروني، مثل: توفير الصور من الأقمار الصناعية، وإرسال طائرات المراقبة وطائرات من دون طيار (أميركية)، وتحليل المعلومات، وتوفير الاستشارات للكشف عن مكان احتجاز الفتيات، لكنها نفت بشكل قاطع أن تكون لدى الغربيين نية للتدخل العسكري الميداني من أجل إطلاق سراحهن.

وإذا كانت عملية الخطف التي تثير الكثير من التعاطف في البلدان الغربية السبب المباشر لقمة الإليزيه، فإن باريس تريد توسيع أهدافها لتكون فرصة للتبادل بشأن خطة لمحاربة جماعة بوكو حرام التي تتحرك بحرية في الكثير من دول المنطقة. وبحسب باريس، فإن أحد أهداف القمة إيجاد أرضية للتعاون بين العواصم المعنية لجهة تبادل المعلومات والعمل الأمني المشترك، من باب أن ما تقوم به المنظمة الجهادية «يهدد أمن المنطقة بأسرها وليس أمن نيجيريا وحدها». وأكثر من ذلك، تدفع باريس باتجاه نقل الموضوع برمته إلى مجلس الأمن الدولي لوضع «بوكو حرام» على لائحة المنظمات الإرهابية ولفرض عقوبات عليها كما هو حال تنظيم القاعدة.

بيد أن أبوجا التي تشغل مقعد عضو غير دائم حاليا في مجلس الأمن، كانت مترددة في نقل الملف إلى الأمم المتحدة، لكن باريس ترى أن موقفها أصبح أكثر ليونة ومن ثم يمكن أن تقبل بمقترحها. وقالت المصادر الفرنسية إن هناك هدفين للقمة: الأول آني مستعجل وهو تحرير الفتيات الرهينات، والثاني متوسط وبعيد الأجل وهو دفع الدول الأفريقية التي بين بعضها البعض خلافات حدودية إلى إقامة تعاون وثيق في موضوع الأمن والرقابة على الحدود ومنع تهريب السلاح وتنقل الجهاديين والمحافظة على الاستقرار. وبالنسبة للهدف الأول، تنصح باريس السلطات النيجيرية بالعمل بحذر وعدم شن عملية عسكرية واسعة من شأنها إيقاع ضحايا في صفوف الرهينات. وبموازاة ذلك، فإنها تحثها على «فتح قنوات التواصل» مع «بوكو حرام»، غير أن المشكلة أن أبوجا تتردد حتى الآن بصدد الخط الذي تريد سلوكه. فمن جهة، رفضت بشدة عرض «بوكو حرام» مبادلة الرهينات بمجموعة من أعضائها القابعين في السجون النيجيرية.

ومن جانب آخر، بررت باريس استبعاد دول ما يسمى «الساحل» الأفريقي بالرغبة في حصر النقاش بـ«بوكو حرام» وعدم تشتيت البحث في مسائل الإرهاب والحدود في الشريط الساحلي الممتد من موريتانيا وحتى شرق السودان رغم التداخل بين المسألتين. وتعد النيجر البلد المعني الأول (بعد نيجيريا) بجماعة بوكو حرام التي يقودها مواطن نيجيري الأصل هو أبو بكر شيكو، بينما يقبع الكثير من قادة «بوكو حرام» في السجون النيجيرية. ويوجد بين نيامي وأبوجا اتفاق تعاون عسكري يسمح لقوات نيجيريا بدخول أراضي النيجر لملاحقة أفراد «بوكو حرام».