المعتقلون الإسلاميون في المغرب ما زالوا يأملون في عفو ملكي

بعد 11 سنة على تفجيرات الدار البيضاء

TT

مع حلول ذكرى تفجيرات 16 مايو (أيار) 2003 في الدار البيضاء، التي راح ضحيتها 45 شخصا، ما زال المعتقلون الإسلاميون (يفوق عددهم 600 شخص)، يأملون في نيل عفو ملكي، يبدو بعيد المنال، خاصة مع تنامي المخاوف الأمنية من التحاقهم بالجماعات الإسلامية المسلحة المتطرفة في سوريا.

وتحل اليوم الجمعة الذكرى 11 للتفجيرات التي اعتقل على إثرها أكثر من ثمانية آلاف شخص، صدرت أحكام مختلفة بحق أزيد من ألف منهم، منها 17 حكما بالإعدام.

وتزامنا مع هذه الذكرى دعت «اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين»، التي تهدف إلى إلغاء قانون مكافحة الإرهاب والدفاع عن حرية وكرامة المعتقلين الإسلاميين، إلى وقفة احتجاجية اليوم أمام البرلمان، للمطالبة بـ«كشف الحقيقة الغائبة حول من يقف وراء هذه الأحداث».

وهذا التشكيك في من يقف وراء هذه الأعمال الإجرامية، يتقاسمه أيضا المعتقلون الإسلاميون مع حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، الذي يقود التحالف الحكومي الحالي، حيث قال عبد الإله ابن كيران، غير مرة؛ قبل توليه رئاسة الحكومة: «نحن نشك فيما جرى».

وفي هذا السياق، قال عبد الرحيم الغزالي، الناطق الرسمي باسم «اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين»، في تصريح للصحافة المغربية «نريد أن نسأل رئيس الحكومة ووزير العدل، عن خلفيات تشكيكهما في هذه الأحداث، ومطالبتهما أيام المعارضة بالتحقيق فيها، وسكوتهما عن ذلك بعد وصولهما إلى الحكومة».

ورغم «سكوت» رئيس الحكومة المغربية ووزيره في العدل، ما زالت اللجنة، ومعها عائلات وأطفال المعتقلين، تأمل في استفادة السجناء من عفو ملكي، على غرار ما حدث سنة 2011.

وأصدر الملك محمد السادس عفوا عن مئات الأشخاص، بينهم 196 سلفيا، ضمنهم ثلاثة من شيوخ السلفية المعروفين، وذلك تحت ضغط الشارع الذي قادته حركة «20 فبراير» الاحتجاجية في 2011. والتي طالبت بـ«الحرية لمعتقلي الرأي».

لكن مع تراجع نشاط هذه الحركة وصعود الإسلاميين إلى الحكم لأول مرة في تاريخهم نهاية 2011، عقب دستور جديد وانتخابات سابقة لأوانها، شهد ملف المعتقلين الإسلاميين فتورا، رغم وعود رئيس الحكومة والمبادرات الحقوقية، تكررت معها إضرابات المعتقلين عن الطعام واحتجاجات عائلاتهم.

ومن بين المبادرات الحقوقية، مبادرة صاغها كل من «مركز الوسيط للديمقراطية وحقوق الإنسان» وجمعية «عدالة» و«منتدى الكرامة لحقوق الإنسان» العام الماضي، وتقوم على ثلاثة محاور: السياسي والحقوقي والاجتماعي. ويقول محمد حقيقي، المسؤول في «منتدى الكرامة» لوكالة الصحافة الفرنسية «في 2010 قبل انطلاق الربيع العربي، تلقت السلطات المغربية نحو 180 طلب عفو، يحدد فيها المعتقلون موقفهم الواضح من العنف والمجتمع وإمارة المؤمنين، حسبما طلب منهم، لكن هذا المسار لم يستمر». ويضيف موضحا «مع الحراك الشعبي وبعض المبادرات الحقوقية أفرجت السلطات الأمنية عن نحو 200 من معتقلي السلفية، وانتظرنا إطلاق الدفعة الثانية، لكن الباب أغلق من جديد» بعد حدوث عصيان داخل السجون قام به المعتقلون السلفيون منتصف مايو 2011.

من جانبها، تشرح خديجة المروزاي، مديرة «مركز الوسيط للديمقراطية وحقوق الإنسان» أن «آخر لقاء جمعنا بمصطفى الرميد (وزير العدل)، وعبد الإله ابن كيران (رئيس الحكومة)، العام الماضي، لم نتوصل فيه إلى شيء». وتنتقد المسؤولة الحقوقية باستغراب، ما قاله المسؤولان الإسلاميان خلال هذا اللقاء: «كيف يطلب منا وزير العدل ورئيس الحكومة أن نقدم لهما ضمانات كي لا يسافر الإسلاميون للقتال في سوريا، وكأننا مسؤولون عن أمن الحدود».

ويزيد من تعقيد الملف «طغيان المقاربة الأمنية» بحسب مروزاي، التي توضح أن «المبادرة التي اقترحناها، تشمل شقا سياسيا يتعلق بالمراجعات حول الملكية والمجتمع والعنف، وشقا حقوقيا مرتبطا بحقوق السجناء، ثم شقا اجتماعيا يرتبط بالإدماج والمواكبة بعد السجن، لكن الحكومة صامتة ولا تبادر».

وبحسب الإحصائيات التي تتداولها الصحافة المغربية فإن أكثر من 400 مغربي قتلوا في سوريا، من أصل نحو 10 آلاف أجنبي سافروا للقتال هناك، كما أن السلطات المغربية اعتقلت نحو 33 مغربيا عائدا من سوريا، بحسب محمد حقيقي.

وكان آخر بيان للأمن المغربي في 14 أبريل (نيسان)، إثر تفكيك خلية إرهابية بحسب السلطات، قال: إن «المتطوعين المغاربة في سوريا يستفيدون من تدريبات دقيقة حول استعمال الأسلحة وتقنيات التفجير والعمليات الانتحارية، قبل تعبئتهم من أجل العودة إلى أرض الوطن لتنفيذ عمليات إرهابية من شأنها زعزعة أمن واستقرار البلاد.

من جهته، قال عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية في الخارج، خلال المنتدى الأول حول مغاربة الخارج الذي عقد نهاية الأسبوع قرب العاصمة الرباط: «التطرف وسط الشباب المغربي في الخارج أصبح مصدر قلق بالنسبة للمصالح الأمنية في عدد من الدول الأوروبية». وهذه المخاوف المتصاعدة يعكسها أيضا احتضان طنجة (شمال) في 23 مايو الجاري، المؤتمر الدولي الثاني «حوار طنجة - أمستردام»، وسيتمحور حول الجهادية الأوروبية، وتأثيرها على الأمن في الفضاء الأورو - متوسطي، حسبما أوردت وكالة الأنباء المغربية.