«داعش» ناشط في ربط الرقة بالأنبار لفتح خطوط الإمداد بين سوريا والعراق

البيئة العشائرية أسهمت في تعزيز نفوذ التنظيم بعد استمالته عددا من زعمائها

TT

يسعى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، المعروف بـ«داعش»، إلى توسيع مناطق نفوذه قرب الحدود السورية - العراقية، بهدف ربط مدينة دير الزور السورية التي بات يحكم سيطرته على كامل ريفها الغربي مع محافظة الأنبار في العراق، حيث تتحصن فصائل تابعة للتنظيم وتخوض معارك عنيفة ضد القوات العراقية.

وقد تمكن تنظيم «داعش»، بعد اشتباكات عسكرية ضارية ضد جبهة «النصرة» وكتائب إسلامية معارضة، من إحكام سيطرته على معظم المناطق التي تمتد من مدينة الرقة - إلى الشمال الغربي من دير الزور - الخاضعة لسلطته، وصولا إلى منطقة جديد عكيدات في ريف دير الزور، وفق ما يؤكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أنه «في حال استطاع التنظيم هزيمة مقاتلي (النصرة) والكتائب التي تقاتل إلى جانبها في المناطق الواقعة شرق جديد العكيدات، فإنه سيوجد أول صلة اتصال جغرافية بين سوريا والعراق، تبدأ من الرقة وتمرّ بدير الزور».

ويضمن «داعش» في حال تمكن من تحقيق ذلك تمويل عملياته في العراق انطلاقا من محافظة الأنبار، بحسب ما يؤكد عضو الائتلاف الوطني المعارض والخبير في الحركات الجهادية عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن «التنظيم يسيطر على آبار النفط في عدد من مناطق شرق سوريا المحاذية للعراق، مما يدفعه إلى تمويل مقاتليه في العراق بواسطة هذه الآبار». وكانت مصادر أمنية عراقية أعلنت نهاية الشهر الفائت أن مروحيات تابعة للجيش العراقي استهدفت قافلة تضم صهاريج وقود وشاحنات تقل مسلحين من «داعش» في شرق سوريا. وجرى استهداف القافلة في منطقة وادي صواب أثناء محاولتها عبور الحدود بشكل غير قانوني، بحسب ما نقلته وكالة «الصحافة الفرنسية» عن مصدر رسمي عراقي حينها.

ويوجد في محافظة دير الزور السورية، المتاخمة للحدود العراقية، عدد من آبار النفط، أبرزها حقل الورد الذي يقع بالقرب من قرية الدوير، والتيم الذي يبعد 10 كيلومترات جنوب دير الزور، بالإضافة إلى حقل الجفرة. وغالبا ما يخوض «داعش» معاركه للسيطرة على هذه الحقول بهدف تمويل عملياته العسكرية. وتجدر الإشارة إلى أن العراق جزء من «الدولة الإسلامية» التي يسعى التنظيم إلى إعلانها، وكان أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، قد طالب أبو بكر البغدادي زعيم «داعش»، بالتفرّغ للعراق ومضاعفة الجهود فيه لمواجهة حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي.

وتساعد البيئة العشائرية الممتدة من الأنبار في غرب العراق إلى محافظات دير الزور والحسكة والرقة بشرق سوريا وشمالها «داعش» على توسيع نفوذه، بحسب ما يشير الحاج في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن «البنية المجتمعية العشائرية مبنية على العلاقات الهرمية التي تتيح لزعماء القبائل التحكم في قرارات جميع أفراد القبيلة، فإذا ما تمكّن (داعش) من السيطرة على زعيم القبيلة فإنه يضمن ولاء القبيلة كلها». ويلفت الحاج إلى أن التنظيم «غالبا ما يقوم بشراء ولاءات زعماء القبائل عبر إعطائهم نسبا معينة من مردود الآبار النفطية التي يسيطر عليها».

وكان التنظيم قد ادعى يوم أول من أمس أن أسعد بن نواف راغب البشير، شيخ مشايخ عشيرة البكّارة في سوريا، أعلن ولاءه للتنظيم في أعقاب سيطرته على الريف الغربي لدير الزور. وقد أقدم البشير على سحب السلاح من عشيرته وسلّمه لـ«داعش»، وتبعت ذلك سلسلة جلسات جمعته بقادة التنظيم في المنطقة. وتعد البكّارة قبيلة عربية من قبائل الفرات تنتشر بين العراق وسوريا والأردن وتركيا، ويمتد انتشار أفرادها في سوريا من دير الزور إلى حلب. لكن الحاج يؤكد في الوقت ذاته أن «تحالف بعض زعماء العشائر مع «داعش» مؤقت وهشّ ويرتبط بمصالح اقتصادية»، مرجحا «انقلاب هذه التحالفات في أي وقت ضد التنظيم».

يذكر أن الخشية من قرب وصول تنظيم «داعش» إلى الحدود العراقية وربطها بمناطق نفوذه في سوريا، دفعت «الائتلاف الوطني المعارض» إلى مطالبة «دول أصدقاء سوريا» بتقديم المزيد من الدعم للجيش السوري الحر لوضع حد للمشاريع التوسعية التي يخطط لها التنظيم في دير الزور ومناطق أخرى من سوريا. وذكر الائتلاف في بيان أصدره أول من أمس أن «الجيش الحر استطاع تطهير أراض شاسعة من عناصر التنظيم».