مغتربون مصريون يروون تجاربهم مع طوابير الاقتراع في دول عربية وأجنبية

تخصيص عطلات نهاية الأسبوع أسهم في زيادة الإقبال

عائلات مصرية في عمان تحتفل بالتصويت في انتخابات الرئاسة برفع علم مصر و مصريون داخل مقر القنصلية بدبي خلال التصويت («الشرق الأوسط»)
TT

منذ أول خيط في نهار أول يوم لتصويت المصريين في الخارج، وقف آلاف المصريين جنبا إلى جنب منتظرين دورهم في الاختيار ما بين قائد الجيش السابق المشير عبد الفتاح السيسي وزعيم «التيار الشعبي» حمدين صباحي لمنصب رئيس الدولة. ورغم أن غالبيتهم حددوا بشكل كبير من رئيسهم القادم، لكن كثيرا من المصوتين حرصوا على سؤال بعضهم بعضا: «من تنتخب؟» حتى آخر لحظة قبل الدخول للجنة الاقتراع. وراح كثير منهم يقلب في صفحات السنوات الثلاث الماضية، التي شهدت اضطرابات أرهقت الاقتصاد، قبل أن يأتي دوره لوضع علامة أمام خانة «السيسي» أو «صباحي».

وائل مهني، مواطن مصري يعيش في «رأس الخيمة» بدولة الإمارات، راح يتغلب على طول طابور الاقتراع باصطحاب زوجته وأبنائه الثلاثة محمد وكريم وأحمد، قائلا: «حددت موقفي وسوف أنتخب السيسي.. جئت لأقرر مستقبل أولادي ولا أريد أن أخطئ كما فعلت وفعل المصريون في السابق». وتابع مهني، الذي دخل في نقاش مع زوجته أشجان سالمان: «أعتقد أن المصريين أدركوا أهمية صوتهم، والأحداث الماضية جعلت من لا يريد النزول يأتي إلى هنا ويؤدي واجبه ويعبر عن رأيه أيا كان».

ويشارك في مراقبة عملية الاقتراع بالخارج بعثات تابعة للجامعة العربية في عدة بلدان عربية وأجنبية. وأقبل آلاف المصريين أمس على لجان الانتخابات في دول العالم قبل يوم من غلق صناديق الاقتراع وكست الأعلام المصرية الشوارع الجانبية القريبة من القنصليات المصرية، وهلل الأطفال مع عائلاتهم وأسرهم كأنهم في عيد، وشوهدت العجائز والمرضى تحملهن الكراسي المتحركة، حيث أصررن على المشاركة. ويستمر التصويت لمدة أربعة أيام، ينتهي اليوم (الأحد) في 141 لجنة فرعية لمقار البعثات الدبلوماسية والقنصلية، أقرتها اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة في «124 دولة» حول العالم.

وبدأت القنصلية في استقبال المصوتين بداية من التاسعة صباحا من يوم الخميس الماضي، واستغل المصريون في دول الخليج والدول الأوروبية عطلة نهاية الأسبوع أمس وأول من أمس (الجمعة) للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، بينما استغل المقيمون بباقي الدول إجازة نهاية الأسبوع يومي السبت والأحد.

وتابع وائل مهني الذي سافر من «رأس الخيمة» إلى «دبي»ن أي نحو 90 كيلومترا للتصويت في الانتخابات، والذي انتظر خروج زوجته من الطابور المشترك، أن زوجته أشجان سالمان قالت بصوت مرتفع، بعد أن صورت ورقة الاقتراع: «أنا صوت للسيسي».

وائل مهني، البالغ من العمر 42 سنة، من محافظة أسوان بجنوب مصر، منبهر بحسن سير عملية الاقتراع، وأخذ يوجه الشكر للأمن في دولة الإمارات ورجال السفارة المصرية على حسن التنظيم، قائلا: «التنظيم كان رائعا، والتصويت مر في هدوء دون أن يعكر صفوه أي شيء.. أردنا توجيه صورة للعالم كله بأن مصر تنتخب رئيسها بحرية وشفافية».

وفي جدة بالمملكة السعودية، قال المواطن المصري الحسين متولي، في اتصال به من القاهرة عبر الهاتف، وهو يقف في الطابور ليدلي بصوته: «الزحام امتد لخارج القنصلية بعدة أميال، نحتمي بعلم مصر من حرارة الشمس». ويضيف متولي الذي يعمل في شركة خاصة: «نحن الآن مثل الشخص الذي سلك طريقا خاطئا من البداية وعرف خطأه متأخرا، وعلينا الرجوع من جديد لبداية الطريق، فلا وقت للاختباء أو عدم إبداء الرأي مهما كان».

وحددت لجنة الانتخابات السفارة المصرية في الرياض، والقنصلية العامة في جدة ليكونا مقري الانتخابات الرئاسية لكل المصريين المقيمين بالسعودية، وتضم لجنتي السفارة والقنصلية 26 لجنة فرعية داخل مقرهما.

ووفقا لقانون الانتخابات الرئاسية في مصر، فإنه يحق لكل مصري موجود خارج البلاد في أيام الانتخاب، سواء بصفة دائمة أو عارضة أو لأي سبب، أن يدلي بصوته في أقرب مقر لجنة فرعية في الدولة التي يوجد فيها، بشرط أن يكون مقيدا في قاعدة بيانات الناخبين المركزية وحاملا بطاقة رقم قومي أو جواز سفر «مميكن» ساري الصلاحية.

وفي الأردن، قال المواطن المصري أدهم إبراهيم، في اتصال عبر الهاتف، إن «توجهات غالبية المصريين تذهب باتجاه التصويت لصالح السيسي»، لافتا إلى أن «المصريين ملوا من الخطابات القومية والشعارات الرنانة، وأنهم يحتاجون إلى رئيس واقعي يوفر لهم الأمن ويحسن من اقتصاد مصر، ويحل أهم المشاكل التي تواجهها البلاد مثل مسألة الغاز والطاقة». أما زميله عبد الله الشامي الذي ينحدر من مدينة المنصورة بدلتا مصر ويعمل في الأردن، فيؤكد أنه منح صوته للسيسي، حيث يرى أن «بإمكانه أن يوفر الأمن والأمان، وهو محبوب من غالبية العرب».

وعلى مسافة غير بعيدة من الشامي، وقف ياسر التهامي الذي قال إنه «سوف ينتخب صباحي»، مشيرا إلى أنه قام بانتخابه أيضا في الجولة الأولى من انتخابات عام 2012، وقال: «في الانتخابات الماضية انتخبته، وفي هذه المرة انتخبته أيضا.. فهو رجل واقعي وبسيط».

ويبلغ عدد أفراد الجالية المصرية في الأردن، وفقا للتقديرات الرسمية 300 ألف مواطن، بينما تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن العدد يتراوح ما بين 600 إلى 700 ألف.

ومن جانبها، أكدت السفيرة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، بعد أن زارت مساء أول من أمس الجمعة، مقر اللجنة الانتخابية داخل السفارة المصرية في عمان، إن الجامعة العربية تعد الجهة الوحيدة التي راقبت الانتخابات في الأردن، مؤكدة أنها تابعت وراقبت سير العملية الانتخابية في السفارة واستمعت إلى شرح من المسؤولين في اللجنة عن الأمور كافة والخدمات التي يقدمونها للناخبين.

وفي الخرطوم، قال السفير المصري لدى السودان أسامة شلتوت، إن اليومين الماضيين للتصويت شهدا إقبالا غير مسبوق من المواطنين بالسودان مقارنة بالاستحقاقات الانتخابية السابقة.

وفي الولايات المتحدة الأميركية، صوت المصريون في ولايات شيكاغو وواشنطن ولوس أنجليس وهيوستن. ويرى مصطفى أحمد، وهو مصري صاحب شركة أدوات طبية بالولايات المتحدة، أن «عدد الناخبين الذين شاركوا في التصويت أكبر من أي عدد شارك في أي استحقاقات قبل ذلك»، لافتا لـ«الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني إلى أن «القنصلية المصرية اتخذت جميع الإجراءات الأمنية لسلامة إدلاء الناخبين بأصواتهم أو إجراءات التأمين».

ولا توجد إحصائية رسمية شاملة لعدد المصريين في الخارج، بينما تشير بعض التقديرات غير الرسمية إلى وجود ما يقرب من ثمانية ملايين مصري في الخارج، إلا أن بعض الأرقام شبه الرسمية تشير إلى أن عدد المصريين بالخارج يبلغ 2.7 مليون فقط.