غموض حول معارك الفلوجة بعد قطع الاتصالات

القوات العراقية تفرض سيطرتها على حدود المدينة.. والوضع الإنساني يتدهور

TT

للأسبوع الثاني على التوالي، لا يزال الغموض يلف معارك الفلوجة بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الشهر الماضي أن الحسم في الفلوجة بات وشيكا. وفي وقت دخلت فيه الإدارة الأميركية على خط الأزمة، اتهم قادة محليون في المدينة الجيش العراقي بقطع الاتصالات على المدينة لكي لا يعرف العالم حقيقة ما يجري هناك، لا سيما بعد أن طال القصف مستشفى المدينة العام. وكانت قيادة العمليات المشتركة أعلنت عن مقتل 25 عنصرا من تنظيم داعش وتدمير سبع سيارات تابعة لهم وضبط أربع عبوات ناسفة في مدينة الفلوجة. وقالت القيادة في بيان لها أمس إن «قوات من فرقة التدخل السريع الأولى اشتبكت مع مجموعة مسلحة تنتمي لتنظيم داعش في منطقة السجر وقرب جامعة الفلوجة، ما أسفر عن مقتل 25 مسلحا وتدمير سبع سيارات تابعة لهم، في حين ضبطت القوات أربع عبوات ناسفة على طريق اللحيدان». وأضاف البيان أن «القوات العسكرية فرضت سيطرتها الكاملة على حدود مدينة الفلوجة وسيطرت على مناطق جسر الموظفين والمطيرية والحي الصناعي والسجر». في السياق نفسه أكد محافظ الأنبار أحمد الذيابي أن القوات الأمنية قد سيطرت على حدود الفلوجة. وقال الدليمي أمس إن «القوات الأمنية تمكنت من فرض سيطرتها الكاملة على حدود مدينة الفلوجة جنوب الأنبار، وتأمين جسر الموظفين».

في سياق ذلك أكد الشيخ محمود شاكر أحد شيوخ ووجهاء الفلوجة أن «كل أنواع الاتصالات قد قطعت عن الفلوجة بما في ذلك شبهات الهاتف والإنترنت وهو إجراء من شأنه أن يزيد من الغموض الذي يحيط بالوضع داخل المدينة». وقال شاكر لـ«الشرق الأوسط» إن «الأوضاع الإنسانية تزداد سوءا في وقت لا تبدو فيه إمكانية للحسم لدى الحكومة والقطاعات العسكرية»، مبينا أن «هناك شحة حقيقية قي الغذاء والدواء فضلا عن قطع الكهرباء وهي أمور من شأنها أن تفاقم الأزمة لا سيما أنه لا يوجد أفق للحل كما هو واضح». وأفادت مصادر عسكرية في عمليات الأنبار بأن عملية اقتحام مدينة الفلوجة من أربعة محاور توقفت بعد السيطرة على منطقتين فقط شرق المدينة وغربها.

وفي مدينة الرمادي (55 كيلومترا غرب الفلوجة) دعت قيادة عمليات الأنبار العائلات التي نزحت جراء العمليات العسكرية إلى العودة إلى المناطق السكنية بعد «تطهيرها» من المقاتلين. وقال قائد عمليات محافظة الأنبار الفريق الركن رشيد فليح في تصريح صحافي إن «قوات الجيش والشرطة نجحت في عملية تطهير وتمشيط جميع المناطق السكنية في الرمادي من عناصر تنظيم داعش والبدء فعليا في استقبال العوائل النازحة وإيصالهم إلى منازلهم وتوفير المساعدات الغذائية والإنسانية التي يحتاجونها». وبين قائد عمليات الأنبار أن «الوضع الأمني في جميع مناطق الرمادي تحت السيطرة ولم يتبق إلا فلول إرهابية قليلة تجري معالجتها بدقة لضمان سلامة المدنيين خلال الاشتباكات التي قد تحدث أثناء مواجهة عناصر تنظيم داعش».

على الناحية السياسية، دخلت واشنطن على خط أزمة الأنبار بعد الإعلان عن تفاقم الوضع الإنساني في المدينة جراء العمليات العسكرية دون حسم. فقد دعا نائب الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في اتصال هاتفي إلى الاهتمام بالجانب الإنساني مع الاستمرار في تحشيد الجهود ضد تنظيم داعش. وقال بيان للبيت الأبيض إن «بايدن حث الحكومة العراقية بشدة على ضمان حماية المدنيين خلال معركتها الصعبة التي تخوضها ضد الإرهاب استجابة لأحكام القانون»، مؤكدا على «أهمية السعي بالجهود للتوصل إلى حل يشمل الرأي السياسي مع الإجراءات الأمنية التي تهدف لاستقطاب الإسناد المحلي والتعاون».

ومن جانبه أكد عضو البرلمان العراقي عن القائمة العربية طلال حسين الزوبعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة لم تكن جادة منذ البداية في حل أزمة الأنبار، الأمر الذي جعلها تزداد تعقيدا بمرور الأيام». وأضاف أن «الحل مهما تعقدت الأزمة يظل في عهدة الحكومة وجزءا من مسؤوليتها، فهي تستطيع متابعة المبادرات التي طرحت وتقديم الحلول الصحيحة حتى يتسنى للآخرين، سواء كانوا كتلا سياسية أم أبناء عشائر، الوقوف إلى جانبها في محاربة الإرهاب».