وزير الدفاع الفرنسي يزور الجزائر غدا لإجراء مباحثات مع بوتفليقة

بن فليس يرفض مقترحات تعديل الدستور ويعدها إجراءات ظرفية جزئية لا مفعول لها

TT

يتوجه وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان إلى الجزائر غدا حيث سيلتقي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وفق ما أفاد أمس مقربون منه.

وستكون هذه أول زيارة يقوم بها لودريان للجزائر منذ تعيينه وزيرا للدفاع قبل سنتين.

وأكد مصدر في الوزارة أن الزيارة «تكتسي أهمية كبيرة جدا، ونعمل بشكل حثيث على إنجازها، ستكون فرصة لحوار سياسي على مستوى عال» يتناول خصوصا «عمليات مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.. والوضع في مالي».

ولدى وصوله، سيكون في استقبال الوزير الفرنسي الذي سيبقى في الجزائر حتى صباح الأربعاء، نائب وزير الدفاع اللواء أحمد قايد صالح (الرئيس بوتفليقة هو أيضا وزير الدفاع) على أن يلتقي بعد ذلك وزير الخارجية رمضان العمامرة، ورئيس الوزراء عبد المالك سلال، قبل أن يستقبله بوتفليقة في أول لقاء يعقده الرئيس الجزائري مع شخصية أجنبية منذ إعادة انتخابه في 17 أبريل (نيسان) الماضي.

على صعيد آخر، أعلن علي بن فليس رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق ومرشح انتخابات الرئاسة التي جرت الشهر الماضي، رفضه مضمون التعديل الدستوري الذي عرضه الرئيس بوتفليقة، على الأحزاب والشخصيات والنقابات. وقال إن مقترحات الرئيس «لا تعدو كونها إجراءات ظرفية جزئية لا مفعول لها».

وقال بن فليس في بيان وزعه أمس على الصحافة، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «القراءة المتمعنة لمقترحات التعديل الدستوري، تقودني إلى استنتاج وحيد هو أنها تفتقد لأي مغزى سياسي، وتعبر جليا عن عدم استيعاب أصحابها الحقائق، وتماديهم في سياسة نكران الواقع والهروب إلى الأمام».

وتسلمت كل الأحزاب السياسية والشخصيات الفاعلة في المجتمع، الخميس الماضي مسودة التعديل الدستوري بهدف الاطلاع عليها وإبداء الرأي فيها. وأهم ما جاء في مقترحات بوتفليقة تعديل المادة 74 من الدستور، بمنع الترشح للرئاسة لأكثر من ولايتين.

والغريب أن هذا المانع كانت موجودا في الدستور، وألغاه بوتفليقة في 2008 حتى يترشح لولاية ثالثة. ولم تأت مقترحات الرئيس الجديدة بأي شيء جديد بشأن توسيع هوامش الحرية وتعزيز رقابة البرلمان على أعمال الحكومة، وتمكين الحزب الفائز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية بتشكيل الحكومة.

وقال بن فليس، الذي يعد من أشد المعارضين لبوتفليقة بعدما كان قبل عشر سنوات أحد الموالين له، إن «المقترحات الدستورية نتاج اهتمامات ضيقة للنظام القائم، لا تعبر ألبتة عن تطلعات الشعب إلى التغيير، كما أنها تخدم المصالح الآنية للحكام الحاليين، وتتنكر لمصالح المواطنين»، مشيرا إلى أن التعديل الدستوري الذي يريده الرئيس «يتميز بالارتجال وانعدام الحزم ونقص الدقة، سواء تعلق الأمر بالمقاربة المعتمدة أو الطريقة المعتمدة، أو بمحتوى هذه المقترحات ذاتها». وأضاف: «لا يبدو أن هؤلاء (رجال السلطة) يريدون حلولا حقيقية للأزمة السياسية وحالة الانسداد المؤسساتي التي تعاني منها بلادنا».

ووصف الرئيس بوتفليقة الدستور الذي يسعى إليه بـ«التوافقي»، بمعنى أنه يحظى بموافقة كل أطراف اللعبة السياسية في البلاد. غير أن أهم أحزاب المعارضة وكل رؤساء الحكومات السابقين، تقريبا، رفضوه بحجة أن ما يقترحه بوتفليقة لا يحقق التداول على الحكم. وجاء موقف بن فليس السلبي من المقترحات ليزيد من اتساع جبهة المعارضة ضد مسعى بوتفليقة.

يشار إلى أن مدير ديوان الرئاسة وزير الدولة أحمد أويحيى، هو المكلف إدارة المشاورات مع الطبقة السياسية، بخصوص تعديل الدستور، والسبب أن بوتفليقة عاجز صحيا عن بذل المجهود الذي تتطلبه هذه العملية. وفاز الرئيس بولاية رابعة في انتخابات شارك فيها خمسة مرشحين آخرين، منهم بن فليس الذي جاء في المركز الثاني بفارق كبير عن بوتفليقة.

وأفاد بن فليس في بيانه أن الجزائر «بحاجة ماسة إلى نظام ديمقراطي وإلى دولة الحق والقانون وحكامة فعلية، وهذه المقترحات لا تساعد بلادنا على الاقتراب من هذه الأهداف». وأضاف: «الأزمة السياسية التي تعاني منها بلادنا تحمل اسما واحدا، هو غياب شرعية المؤسسات وعجزها عن الاضطلاع بمهامها الدستورية». ويرى بن فليس أن «علاج أزمة الشرعية وإصلاح الآليات التي تسير عليها المؤسسات، وبصفة عامة إدخال الجزائر في عهد التغيير الديمقراطي، هي المهام الوطنية العاجلة التي يترقبها الشعب الجزائري».

ويسعى علي بن فليس إلى تأسيس حزب معارض برفقة عدد كبير من المسؤولين والوزراء السابقين الذين جرى إبعاد بعضهم من مناصب المسؤولية، بينما استقال آخرون بمحض إراداتهم من حكومات بوتفليقة المتعاقبة. ومن بين هؤلاء وزير الإعلام عبد العزيز رحابي، ووزير الخارجية أحمد عطاف، ووزير الجالية الجزائرية في المهجر حليم بن عطا الله، ووزير إصلاح السجون عبد القادر صلات، ووزير التعليم العالي عبد السلام علي راشدي.