بلدة معلولا المسيحية مهجورة بعد شهر من انتهاء المعارك

تعرضت للتدمير وسكانها يخشون العودة

TT

تبدو بلدة معلولا الأثرية المسيحية في ريف دمشق بعد أكثر من شهر على دخول الجيش السوري إليها مقفرة إلا من الجنود، وتغرق في أجزاء واسعة منها في صمت لا يقطعه إلا تغريد السنونو بين وقت وآخر.

في الساحة الرئيسة للبلدة يجلس بعض الجنود يتبادلون الحديث أو يتمشون تحت أشعة الشمس، بينما صور الرئيس بشار الأسد منتشرة في المكان، إلى جانب شعارات تشيد به. لكن في أنحاء أخرى من البلدة المعروفة بمغاورها التاريخية التي تعود إلى القرون الأولى للمسيحية، المنازل والمحال التجارية مهجورة، معظمها خلعت أبوابه وتعرض للنهب، بينما آثار القصف والرصاص ظاهرة في عدد منها.

وقال أحد الجنود لوكالة الصحافة الفرنسية: «يأتي بعض السكان أحيانا لساعة من الوقت لتفقد ممتلكاتهم، ثم يرحلون».

وإذا كان حجم الدمار في البلدة الواقعة على بعد أكثر من 50 كيلومترا من دمشق لا يعادل ذاك الموجود في مناطق دمرتها الحرب تماما مثل حمص، إلا أن الأبنية تحمل آثار المعارك التي جرت، عنيفة حينا وبتقطع أحيانا، على مدى سبعة أشهر بين القوات النظامية مدعومة من حزب الله اللبناني من جهة ومقاتلي المعارضة وبينهم جبهة النصرة من جهة أخرى: منازل محروقة، نوافذ محطمة، أبواب مخلوعة، وشرفات منهارة.

وتقع معلولا في منطقة القلمون الجبلية على طريق استراتيجي يربط لبنان بدمشق. واندلعت فيها المعارك في سبتمبر (أيلول) وانتهت بسيطرة المقاتلين المعارضين، قبل أن تستعيدها قوات النظام بعد وقت قصير. ثم انسحبت هذه القوات مجددا في ديسمبر (كانون الأول)، ودخلها مقاتلون غالبيتهم إسلاميون. وسيطرت عليها القوات النظامية مجددا طاردة المعارضة المسلحة في منتصف أبريل (نيسان)، لكن سكانها البالغ عددهم خمسة آلاف، ومعظمهم من الكاثوليك الذين لا يزالون يتكلمون اللغة الآرامية التي هي لغة المسيح، والذين نزحوا منها هربا من أعمال العنف، لم يعودوا إليها بعد.وزارها في 20 أبريل الرئيس السوري بشار الأسد مؤكدا أن معلولا «ستبقى مع غيرها من المعالم الإنسانية والحضارية السورية صامدة في وجه همجية وظلامية كل من يستهدف الوطن».

وقال فصيح، الشخص الوحيد من سكان معلولا الذي التقته الوكالة خلال جولتها، قرب دير مار تقلا للروم الأرثوذكس: «نحتاج إلى مساعدات، لأن الناس هنا فقدوا كل شيء». وكان فصيح يتفقد محله التجاري لبيع الكحول الذي بني في محيط إحدى المغاور المحفورة في الصخر. وبدا المحل محروقا، والبراد في داخله محطما. وقال الرجل بحسرة: «كانت لدي بضاعة بقيمة 66 ألف دولار داخل المحل (...). منزلي أيضا أحرق ونهب، لم يبقَ فيه أي أثاث. كيف تريدون أن يعود الناس؟».

داخل دير مار تقلا المقفل من جانب الجيش، صور وأيقونات للسيدة العذراء والمسيح والقديسين مبقورة عند مستوى العينين. كان مقاتلون جهاديون استخدموا الدير مقرا لهم بعد إخراج الراهبات منه واحتجازهن لمدة ثلاثة أشهر في بلدة يبرود القريبة.

كذلك تبدو غرف الراهبات محروقة. وفي الأرض بقايا زجاج وآنية محطمة، وكتب تحولت إلى رماد. كذلك المشهد محزن في الميتم التابع للدير، حيث تبعثرت الدمى والرسوم وملابس الأطفال وقد غطاها الغبار.