أبو سهمين يكلف ميليشيات إسلامية بتأمين العاصمة

قوات عسكرية تنضم إلى جيش حفتر وتعلن حل البرلمان.. ورئيسه يعلن تسييره الأعمال من مكان آمن

جنود من الجيش الليبي يحرسون المدخل الغربي الى العاصمة طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

اقترحت الحكومة المؤقتة في ليبيا برئاسة عبد الله الثني، مبادرة مفاجئة مساء أمس لحل الأزمة الراهنة في البلاد، تضمنت عشر نقاط وطالبت المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بوقف عمله لحين إجراء الانتخابات العامة المقبلة بعد التصويت على ميزانية عام 2014 وإعادة انتخاب رئيس الوزراء. ولم يصدر على الفور أي تعليق مباشر من نوري أبو سهمين رئيس البرلمان الذي أصدر في وقت سابق قرارا مثيرا للجدل بتكليف «قوة درع ليبيا الوسطى» التي تضم مقاتلين إسلاميين، بالتمركز داخل العاصمة وتأمين مداخلها ومخارجها اعتبارا من أمس. ووجهت هذه القوة عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تحذيرا إلى من وصفتهم بالعابثين من أي اعتداء على مؤسسات الدولة وما يترتب عليه من ترويع للمدنين. وقالت: «إننا سنكون في العاصمة طرابلس في الوقت المناسب ولن نرحم ونتسامح في الرد ومعاقبة هؤلاء المتمردين والخارجين عن الشرعية وكما نحذر السياسيين وعبثهم بالدولة الليبية». وفى محاولة للخروج من الأزمة السياسية وما نتج عنها من جدل قانوني حول تكليف المليونير ورجل الأعمال المحسوب على الإسلاميين، أحمد معيتيق بتشكيل الحكومة الجديدة، دعت الحكومة إلى إعادة التصويت على رئيس الحكومة الجديد في جلسة علنية بطريقة الاقتراع السري المباشر، على أن تستمر الحكومة الحالية في تسيير الأعمال في حال فشل البرلمان في ذلك إلى حين انتخاب البرلمان القادم في موعد أقصاه منتصف شهر أغسطس (آب) المقبل.

واشترطت المبادرة دخول المؤتمر الوطني في إجازة برلمانية بعد انتهاء استحقاق إقرار ميزانية الدولة الليبية عن العام الحالي، حتى يجري انتخاب البرلمان القادم وتسلم له السلطة التشريعية عند ذلك.

وخرجت بعثة الأمم المتحدة عن الصمت الذي التزمته منذ اندلاع المواجهات المسلحة بين قوات اللواء خليفة حفتر وميليشيات مسلحة في طرابلس وبنغازي، ودعت في بيان إلى الوقف الفوري للأعمال العسكرية وإلى معالجة الخلافات سياسيا.

وتوقفت المعارك والاشتباكات في العاصمة الليبية طرابلس ومدينة بنغازي بشرق ليبيا أمس بين القوات الموالية للواء خليفة حفتر وميلشيات إسلامية مسلحة داعمة للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) وحكومته الانتقالية، بينما أكد مصدر مسؤول بوزارة الخارجية الليبية مغادرة البعثتين الدبلوماسيتين للسعودية والإمارات العربية المتحدة إلى بلديهما.

وأوضح المصدر أن مغادرة البعثتين جاءت كإجراء احترازي وبصورة مؤقتة، مشيرا إلى أن عودتهما مرتبطة بتحسن الأوضاع الأمنية في البلاد.

وقال سكان في مدينتي طرابلس وبنغازي لـ«الشرق الأوسط» إن الحياة كانت شبه طبيعية أمس في شوارع المدينتين، بينما قالت وكالة الأنباء الرسمية إن امتحانات الشهادة الإعدادية سارت بصور طبيعية، وإن المصارف والمحلات التجارية تمارس عملها الطبيعي، وحركة السير على الطرقات تسير بنفس وتيرة الأيام العادية.

وقالت مصادر بمطار طرابلس الدولي إن المطار يعمل بصورة طبيعية ورحلات الطيران الداخلية والخارجية المبرمجة تسير وفق ما هو مخطط لها ولم يحدث فيها تغيير، مشيرة إلى أن المنطقة المحيطة بالمطار يسودها هدوء كامل والحركة فيها طبيعية ولا وجود لأي من المظاهر أو التحركات العسكرية سواء للأفراد أو السيارات.

وأعلن نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني أنه موجود في مكان آمن ويقوم بتسيير الأعمال بالتنسيق الكامل مع نائبيه ورئيس الحكومة ومدير المخابرات العامة.

وقال أبو سهمين في تصريحات لقناة محلية إن تكرار الاقتحامات لمقر المؤتمر أدى إلى عدم اتخاذ أية إجراءات في السابق للحد منها والانفلات الأمني وعدم قدرة الدولة على بسط سيطرتها على مؤسساتها، خصوصا الأمنية منها، مشيرا إلى أن رئاسة الحكومة المتمثلة في وزارتي الداخلية والدفاع ورئاسة الأركان مكلفون بالقيام بتوفير الحماية الأمنية التامة للمقار السيادية في الدولة بما فيها المؤتمر الوطني والأجهزة التابعة له.

وانسحبت قوات من كتيبتي القعقاع والصواعق المولية لحفتر من شوارع العاصمة طرابلس بعد عملية مداهمة سريعة واقتحام لمقر البرلمان، وخاضت مواجهات عنيفة ضد ميلشيات داعمة للسلطات الرسمية، بينما أعلنت وزارة الصحة الليبية أن الاشتباكات التي وقعت بطرابلس أول من أمس قد أسفرت عن أربعة أشخاص وجرح 89 آخرين، مشيرة إلى أنه جرى نقل ثلاث حالات بالإسعاف الطائر إلى تونس بسبب صعوبتها.

من جهتها، رأت غرفة عمليات ثوار ليبيا، التي تضم إسلاميين داعمين للبرلمان أن عهد الانقلابات قد ولى، وهددت في بيان لها أمس بالتصدي بكل حزم لمحاولات الحالمين للوصول إلى سدة الحكم على ظهور الدبابات.

ووصفت التحركات العسكرية بمدينتي بنغازي وطرابلس، التي قالت إنها مدعومة عبر وسائل إعلام محلية وعربية، بأنها «انقلاب عسكري صريح ومكتمل الفصول على شرعية الدولة». وأضافت: «على الشعب الليبي في حال عدم الرضا عن السلطة الشرعية الحالية أن يسعى للمشاركة في انتخاب أعضاء مجلس للنواب يرتضيهم عبر انتخابات حرة ونزيهة، وأن يحسن اختيارهم وألا يقع في نفس الأخطاء من جديد».

ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن مصدر أمني قوله إن قوة الردع والتدخل المشتركة تسيطر على الأوضاع الأمنية داخل مدينة طرابلس، ودعا المواطنين إلى التعاون وعدم التسبب في أية قلاقل والابتعاد عن التجمعات.

كما أكد العقيد محمد سويسي مدير أمن طرابلس أن عناصر الأجهزة الأمنية التابعة للمديرية موجودون في مقار أعمالهم لتأمينها وحمايتها، لافتا إلى أن جميع الأجهزة المكلفة بحماية الأهداف والمنشآت الحيوية قائمة بواجباتها وموجودة بمقارها لتأمينها وحمايتها.

وأعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي أنها مع تحقيق أهداف ثورة 17 فبراير والتزامها بالشرعية، واستهجانها للأعمال الإرهابية التي تستهدف عناصر الجيش وغيرهم من المواطنين، لافتة إلى دعمها لمن وصفتهم بالثوار الحقيقيين الذين يعملون لصالح الوطن وتحقيق إرادة الشعب.

وأكدت رئاسة الأركان في بيان بثته وكالة الأنباء الليبية أنها تراقب الأحداث الدامية التي تشهدها مدن عدة في ليبيا، وكشفت النقاب عن مساع غير معلنة للتفاوض، حيث أعربت عن «دعمها المطلق للجهود التي يبذلها الخيرون في ليبيا من أجل التهدئة والحوار الجاد الذي يقطع الطريق أمام أعداء الوطن في الداخل والخارج»، داعية الليبيين للانضمام إليهم والمشاركة في الحوار للوصول إلى المصالحة التي تحقق الأمن. وكان العقيد مختار فرنانة قائد الشرطة العسكرية قد أعلن مساء أول من أمس في بيان باسم الجيش الوطني الموالي للواء حفتر تجميد عمل المؤتمر الوطني وتكليف لجنة الستين، المنوط بها صياغة الدستور بالمهام التشريعية والرقابية «في أضيق نطاق».

ودعا البيان الحكومة إلى الاستمرار في عملها حتى انتخاب البرلمان والرئاسة، معتبرا أن ما جرى من «حراك في طرابلس ليس انقلابا على السلطة، بل هو انحياز لإرادة الشعب الليبي».

لكن الحكومة الانتقالية التي يترأسها وزير الدفاع عبد الله الثني قالت في المقابل إنها تستنكر التعبير عن الرأي السياسي باستخدام القوة المسلحة من كل الأطراف، وطلبت التوقف فورا عن استخدام الترسانة العسكرية التي يمتلكها الشعب الليبي للاقتتال تعبيرا عن الرأي السياسي.

وقالت في بيان تلاه وزير العدل الليبي صلاح الميرغني في ساعة مبكرة من صباح أمس في أعقاب هجوم على البرلمان إن وزارة الداخلية وقوات الأمن تبذل كل ما في وسعها للحفاظ على هذا الأمن الذي ينشده المواطن وطمأنة الشعب إلى أن مسؤوليتها الأمن بقوتها الظاهرة ودورياتها المدنية المستترة وذلك رغم صعوبة الظروف.

وعدت الحكومة أن ما وقع في مدينة طرابلس لا يحمل أي علامات حقيقية تربطه بما وقع في مدينة بنغازي من اقتتال يوم الجمعة الماضي الذي راح ضحيته العشرات، ودعت في المقابل الجميع للتحلي بالمسؤولية التاريخية والوطنية وعدم جر البلاد لمواجهات واقتتالات تؤدي إلى سفك المزيد من الدماء.

وأعلنت كتيبة للجيش الليبي في الجنوب، بالإضافة إلى قاعدة جوية في مدينة طبرق بشرق ليبيا في بيانين منفصلين الانضمام إلى قوات حفتر، في وقت حثت فيه القوات الخاصة التابعة للجيش الليبي في مدينة بنغازي المواطنين في كل المدن الليبية على الخروج في مظاهرات تؤيد ما وصفته بالحراك الوطني للدفاع عن الوطن، في إشارة إلى دعمها عملية الكرامة التي تشنها قوات حفتر ضد معسكرات تابعة لتنظيمات إسلامية متطرفة. وحسمت القوات الخاصة بهذا البيان موقفها الذي أثار جدلا منذ اندلاع المواجهات بين قوات حفتر والمتطرفين، حيث لم تشارك في هذه المعارك واكتفت بتأمين مقراتها. وأعلنت القوات الخاصة التي تضم نخبة من مقاتلي الصاعقة والمظلات بقيادة العقيد ونيس بوخمادة أنها في قتال مستمر منذ أكثر من عام في ضرب أوكار الإرهاب والجريمة، لافتة إلى أنها قدمت سلسلة متواصلة ويومية من الشهداء والمفقودين والجرحى. وأضاف البيان: «وكما عاهدنا شعبنا العظيم بأننا لن نخون ولن نخذلهم ولن نتهاون ولن نسلم الوطن إلى هذه الثلة من المجرمين التكفيريين الخارجة عن الملة، إما نحن وإما هم في هذا الوطن، الذي لا يسع الاثنين». وذكرت مصادر عسكرية بقاعدة بنينا الجوية في بنغازي أن ثلاثة صواريخ من نوع غراد متوسطة الحجم سقطت على المهبط القديم للقاعدة دون أن تسفر عن أضرار.

وأكد العقيد محمد حجازي الناطق الرسمي باسم قوات حفتر أنه جرى ضبط سيارة عليها مدفع رباعي موجه باتجاه القاعدة بإحدى المناطق، مشيرا إلى أن القوات الخاصة المكلفة بحماية القاعدة ردت بإطلاق الأسلحة الثقيلة.