تدفق آلاف العائلات الليبية على الأراضي التونسية.. والمرزوقي يعد أبو سهمين بدعم بلاده لطرابلس

المؤتمر التأسيسي لـ«نداء تونس» منتصف يونيو.. وقائد السبسي مرشحها للرئاسة

TT

شهد المعبر الحدودي رأس جدير الرابط بين تونس وليبيا نهاية الأسبوع الماضي تدفق آلاف العائلات الليبية على تونس نتيجة التوتر الأمني الحاصل شرق ليبيا، والتخوف من إمكانية امتداده إلى المناطق الغربية من البلاد. ونشرت السلطات التونسية قرابة خمسة آلاف جندي إضافي على الحدود بين البلدين الممتدة على طول نحو 500 كيلومتر، بيد أن هذا القرار الذي اتخذه مجلس أمني في تونس (يضم وزارات السيادة والقيادات العسكرية والأمنية) يؤكد الهواجس والمخاوف التي تنتاب سكان الجنوب الشرقي التونسي من إمكانية تسلل مجموعات مسلحة ليبية إلى التراب التونسي، وتهديد الاستقرار الأمني الهش.

وتعود أسباب هذه المخاوف إلى تداول تهديدات إلكترونية حول إمكانية قصف مواقع تونسية أو التهديد بتصفية بعض الليبيين المقيمين في تونس.

ومنذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي قبل نحو ثلاث سنوات أصبح أنصار النظام الليبي السابق وقيادات منتمية إلى الثوار الليبيين يعيشون تحت سقف واحد في تونس، ولم تسجل أية مواجهات بين الطرفين، إلا أن تفجر الأوضاع الأمنية من جديد في ليبيا وتصاعد أعمال العنف قد تخلف، حسب ملاحظين، تعرض تونس لنفس التجاذبات الحاصلة على الأراضي الليبية.

وذكرت مصادر أمنية تونسية لـ«الشرق الأوسط» أن مصالح الأمن التونسي سارعت خلال الأيام الأخيرة إلى القيام بجرد كامل ومفصل حول أعداد الليبيين الموجودين في تونس، التي قدرها لطفي بن جدو وزير الداخلية التونسي بنحو مليون و900 ألف ليبي. وأضافت المصادر ذاتها أن هذا الإحصاء هدفه «حماية الليبيين من الاعتداءات»، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية التونسية تنوي تشكيل جهاز أمني خاص مهمته متابعة تحركات الليبيين والاطلاع عن كثب على أوضاعهم المعيشية.

في غضون ذلك، عبر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي عن دعم تونس لليبيا، وذلك خلال مكالمة هاتفية أجراها مع النوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الليبي. وقالت نفس المصادر إن الرئيس التونسي أكد على وقوف تونس إلى جانب الشعب الليبي في وجه كل التهديدات الموجهة ضد مؤسساته الشرعية، وجدد دعوته كل الأفرقاء في ليبيا لحوار وطني «يحفظ إرادة الشعب الليبي ويقوده إلى إنجاز أهدافه في الأمن والاستقرار والتنمية والديمقراطية».

من ناحية أخرى، تمكنت حركة نداء تونس التي يقودها الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة التونسية الأسبق من تجاوز جدل الخلافات الداخلية التي طفت على السطح. وأذعن الشق الدستوري (نسبة إلى الحزب الاشتراكي الدستوري الذي أسسه الزعيم الحبيب بورقيبة) على مضض لمقترح الشق اليساري المدعوم من قيادات نقابية داخل الحزب بعقد المؤتمر، ومن ثم إعادة توزيع الصلاحيات السياسية والحزبية وفق ما ستفرزه نتائج المؤتمر.

وحددت الحركة يوم 15 يونيو (حزيران) المقبل موعدا لعقد مؤتمرها التأسيسي، ويوافق هذا التاريخ الذكرى الثانية لتأسيس الحركة على يد الباجي قائد السبسي. وأكد بيان صادر عن الحركة بعد عقدها اجتماعا استثنائيا أول من أمس (الأحد) أن المكتب التنفيذي صادق على مقترح رئيس الحزب بعقد المؤتمر التأسيسي منتصف يونيو المقبل، وذلك «تكريسا لمبدأ انتخاب قيادة تشرف على شؤون الحركة إلى حدود المؤتمر الأول». وأشار البيان ذاته إلى أن قائد السبسي «رئيس الحركة يظل المرشح الوحيد في الانتخابات الرئاسية المقبلة».

تأتي هذه القرارات لتضع حدا للجدل السياسي داخل الحركة، الذي انطلق منذ أسابيع بعد تثبيت حافظ قائد السبسي ابن رئيس الحركة في منصب مدير الهياكل والتعبئة داخل الحزب، وهو ما عده شق من المؤسسين خطوة نحو «التوريث» داخل الحزب، وتغليب شق سياسي على حساب الشق الثاني المؤسس بدوره للحزب.

في هذا السياق، قال رؤوف الخماسي، القيادي في حركة نداء تونس، في تصريح إعلامي إنه يتوقع مشاركة قرابة ألف من مناصري الحزب في المؤتمر التأسيسي، مشيرا إلى أن المؤتمر «سيعزز روح الديمقراطية داخل هياكل الحركة، وهو خيار لا رجعة فيه ولا تراجع عنه»، على حد تعبيره.

واستبعد الخماسي الاتهامات الموجهة إلى الشق الدستوري في الحركة بمحاولة الهيمنة عليها، وقال إن حزب نداء تونس قائم على تعايش عدة روافد سياسية وفكرية ولن يغادر أي طرف سياسي الحركة بعد عقد مؤتمرها التأسيسي.

وفي أول ردود الفعل عن تحديد موعد المؤتمر التأسيسي لحركة نداء تونس، أفاد رضا بلحاج المدير التنفيذي للحزب، في تصريح لوسائل الإعلام التونسية، بأنه لن يشارك في المؤتمر المقبل، وانتقد القرار الذي اتخذه المكتب التنفيذي للحزب بتنظيم مؤتمر تأسيسي في هذا الوقت، وقال إنه «غير صائب ولا يتماشى مع القوانين الداخلية للحزب ومع التقاليد الديمقراطية للأحزاب السياسية».

ورأى بلحاج أن قرار عقد المؤتمر ستكون له تداعيات سلبية على الحزب لأنه يخدم مصالح شخصية لبعض الأشخاص داخله. وتوقع أن ما يحدث في نداء تونس سوف يشل الحزب، معلنا تأييده لمقترح تأجيل المؤتمر. وقال إن «ما يحدث الآن في النداء غير مبرر»، وإنه لن يقبل بأية عملية انقلابية داخل الحزب، على حد تعبيره.