رئيس جنوب السودان يحذر من أن بلاده ستواجه أسوأ مجاعة في حال استمرار الصراع المسلح

المتحدث باسم المتمردين لـ«الشرق الأوسط»: وقف الحرب يحتاج إلى إرادة سياسية.. وسلفا كير يفتقدها

TT

حذر رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، من أن بلاده ستواجه واحدة من أسوأ المجاعات، إذا لم يتوقف الصراع المسلح فورا، داعيا إلى وقف الحرب فورا، والسماح للمنظمات الإنسانية بالعمل دون عراقيل، في حين وصفت حركة التمرد بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار تصريحات كير استهلاكا سياسيا، وأن المسؤولية تقع عليه في المقام الأول بوقف قواته من خرق اتفاق إطلاق النار الذي جرى توقيعه في أوائل الشهر الحالي، لكن الطرفين (بحسب الأمم المتحدة) لم يلتزما به، ويتوقع أن يجري التوقيع على ورقة سياسية بين الطرفين تشمل الفترة الانتقالية وشكل الحكم، في وقت تعهدت فيه حكومة النرويج بدفع مبلغ 63 مليون دولار كمساعدة لتخفيف الأزمة الإنسانية الخطيرة التي تواجه البلاد.

وقال رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أمس، إنه يجب السماح للوكالات والمنظمات الإنسانية بالعمل دون عراقيل، مشددا على ضرورة وقف هذه الحرب فورا، من أجل إنقاذ أرواح المواطنين الأبرياء، مناشدا خصمه ونائبه السابق رياك مشار، بذل كل ما في وسعه لوقف القتال، متهما إياه بإذكاء التوترات العرقية والطائفية بين قبيلتي النوير والدنيكا.

من جانبه، قال المتحدث باسم الحركة الشعبية المعارضة في جنوب السودان يوهانس موسيس فوك لـ«الشرق الأوسط» إن تصريحات سلفا كير مجرد استهلاك سياسي، ومحاولة للهروب من المسؤولية، وأضاف: «إذا كان سلفا كير جادا في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، فعليه أن يوقف قواته من خرق الاتفاق، وإذا وجدنا جدية منه، فإننا سننفذ الاتفاق حتى نسمح للمنظمات الدولية بتقديم المساعدات»، وتابع: «لا أرى أن سلفا كير يمتلك إرادة ورغبة حقيقية لوقف القتال»، وقال: «نحن نشعر بأن الطرف الآخر لا يعمل معنا بجدية، وحتى إذا قررنا نحن من جانبنا وقف إطلاق النار، فلن تلتزم الحكومة به، ولدينا تجارب كثيرة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وآخرها الاتفاق الذي وقّعه سلفا كير بنفسه مع مشار»، منوها بأن فصل الخريف أصبح على الأبواب، وأن تنفيذ وقف إطلاق النار نص على ضرورة السماح للمنظمات الدولية بتقديم المساعدات للمواطنين، وقال: «المواطنون يجب أن يعودوا إلى قراهم للبدء في عملية الحصاد، قبل فصل الخريف، حيث يصعب الوصول إلى مناطقهم لأن الطرق تغلق في هذا الفصل».

وقال فوك إن جيش جنوب السودان ما زال يقوم بعمليات عسكرية، ويستهدف المواطنين، متهما حركة العدل والمساواة المعارضة للحكومة السودانية بمواصلة القتال إلى جانب القوات الحكومية في ولاية الوحدة، وقال: «حركة العدل والمساواة أصبحت خطرا على شعبنا في ولاية الوحدة، وقد بدأ الصراع يأخذ أبعادا كارثية»، وأضاف: «ليس لدينا ما نفعله سوى أن يتحلى طرفا الصراع في جنوب السودان بالرغبة السياسية لتنفيذ الاتفاقيات حتى تقدم المنظمات الدولية المساعدات، وبأسرع فرصة ممكنة»، وكشف أن الطرفين أحرزا تقدما في المحور السياسي في المفاوضات، وقال: «الورقة السياسية أصبحت جاهزة للتوقيع، عندما يعود الطرفان إلى الجولة الجديدة بعد أسبوعين»، مشيرا إلى أن الاتفاق السياسي يشمل قضايا الفترة الانتقالية، شكل الحكم، الدستور ونظام الحكم.

وشهد جنوب السودان حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، في أعقاب الصراع المسلح الذي اندلع في شهر ديسمبر (كانون الأول)، بعد اتهام رئيس جنوب السودان نائبه السابق مشار، وعددا من القيادات في الحكومة، بالتخطيط لقلب نظام الحكم.

إلى ذلك، أعلنت حكومة النرويج أمس أنها ستدفع 63 مليون دولار للمساعدة على تخفيف حدة الأزمة الإنسانية، في جنوب السودان، وسط توقعات بتفاقم الصراع في الدولة الأفريقية الوليدة خلال الشهور المقبلة.

والنرويج من المانحين الغربيين الرئيسين لجنوب السودان إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا، وتستضيف أوسلو، أمس، واليوم، مؤتمرا دوليا لجمع تبرعات إنسانية لجنوب السودان.

واندلعت أعمال العنف في جنوب السودان في ديسمبر بين قبيلتي الدينكا التي ينتمي إليها الرئيس سلفا كير، وقبيلة النوير التي ينتمي إليها نائبه السابق ريك مشار. وأطاح كير بمشار في يوليو (تموز) من العام الماضي.

وقال وزير الخارجية النرويجي بويرجه برنده: «من المتوقع أن تتصاعد الأزمة كثيرا في الشهور المقبلة. ولهذا تخصص الحكومة النرويجية 63 مليون دولار للجهود الإنسانية في جنوب السودان»، وأضاف في بيان: «بتقديمها هذه المساهمة الملموسة ترسل النرويج رسالة واضحة بشأن خطورة الوضع».

ويأتي المبلغ، بالإضافة إلى 17 مليون دولار، تعهدت أوسلو بدفعها، في شكل مساعدات طارئة لجنوب السودان هذا العام، وزادت الأمم المتحدة من الأموال المطلوب جمعها للمساعدات الإنسانية في جنوب السودان من 1.3 مليار دولار إلى 1.8 مليار دولار. ولم يقدم المانحون حتى الآن سوى 590 مليون دولار.

وقالت النرويج إن الأموال ستوزع عن طريق هيئات إنسانية تعمل على الأرض في جنوب السودان، من بينها وكالات الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمات غير حكومية، وأضافت أن جزءا من المال سيخصص أيضا لجهود الإغاثة في دول مجاورة لجنوب السودان تستضيف عددا كبيرا من اللاجئين.