أكثر من 100 أميركي انضموا للجهاديين في سوريا

بريطانيا تدين أول المتورطين بالنزاع

TT

تخشى واشنطن من تزايد أعداد المقاتلين الأجانب في سوريا واتصالاتهم بالجماعات الإرهابية وتلقيهم لتدريبات قتالية عالية، بما يجعلهم محل تهديد للأمن القومي عند رجوعهم إلى بلادهم مرة أخرى. وعلى الرغم من تصاعد تلك المخاطر فإن الأعداد الدقيقة لعدد الجهاديين الأميركيين في سوريا غير معروفة، ويكتنف الغموض ملف التعامل الأمني مع هؤلاء المقاتلين الأجانب وقدرة الأجهزة الاستخباراتية الأميركية على تعقبهم، وحصرهم بدقة وإفشال مخططاتهم.

وأشارت مصادر بالمخابرات الأميركية إلى أن عدد الجهاديين الأميركيين الذين تدفقوا إلى سوريا هو رقم أعلى من التقديرات لدى الأجهزة الأميركية، وأن رجوعهم إلى الولايات المتحدة مرة أخرى يزيد من مخاطر انخراطهم في أعمال إرهابية داخل الوطن. وتعترف أجهزة الاستخبارات الغربية بوجود عدد كبير من الجهاديين الأجانب الذين يتدفقون من الدول الأوروبية والولايات المتحدة للقتال في سوريا، لكنها تحجم عن تحديد هذا العدد بدقة. وتقول أحدث تقديرات الاستخبارات الأميركية إن أكثر من 100 أميركي انضموا إلى الجهاد في سوريا إلى جانب «الإرهابيين» هناك.

وأوضح مسؤولون بالمخابرات الأميركية لصحيفة «ديلي بيست» الأميركية أنهم يعتقدون أن ما بين ستة إلى 12 أميركيا من الذين ذهبوا للقتال إلى جانب المسلحين ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد عادوا بالفعل إلى الولايات المتحدة. وقال المسؤولون «نحن نعرف بعضهم وأين يعيشون، لكن القلق لدينا كبير من حجم المشكلة التي نتعامل معها». وأشار مسؤولو وكالة الأمن القومي إلى صعوبة تتبع الآلاف من هؤلاء ومعرفة نواياهم ومخططاتهم. وقال مسؤول كبير «المشكلة أن هناك عددا كبيرا من الجهاديين الذين يحملون جوازات سفر غربية يسافرون إلى سوريا للقتال، وما نخشاه هو عودة هؤلاء المقاتلين مرة أخرى إلى الولايات المتحدة دون أن يتم تعقبهم بدقة».

وهناك بالفعل قلق أميركي بالغ من تلك المشكلة، وقد أشارت التقديرات الرسمية الأميركية في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى أن عدد الأميركيين الذين انضموا للجهاد في سوريا كان في حدود العشرات من الأشخاص فقط. ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» في يناير (كانون الثاني) 2014 أن 70 أميركيا على الأقل إما سافروا بالفعل إلى سوريا للقتال أو حاولوا السفر إليها. وفي بداية مايو (أيار) الحالي صرح جيمس كومي، المدير الجديد لمكتب التحقيقات الفيدرالي، للصحافيين بأنه يعتقد أن عشرات من الأميركيين قد انضموا للمقاتلين الأجانب في سوريا، لكنه امتنع عن إعطاء رقم أكثر دقة.

ولم يكن القلق من نصيب الولايات المتحدة وحدها، بل إن مشكلة المجاهدين والمقاتلين الأجانب في سوريا قد أثارت قلق أجهزة الاستخبارات العربية أيضا، وتصدرت أولوية اهتماماتها في الملف السوري، وعززت من التعاون بين كل الأجهزة الاستخباراتية الأوروبية والأميركية لتتبع هؤلاء الغربيين. وقد أشارت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية إلى وجود 300 فرنسي يقاتلون في شمال سوريا إلى جانب 200 من بلجيكا ومائة من هولندا وما بين 300 إلى 400 بريطاني وعشرات الألمان، وما يصل إلى 100 أميركي، إضافة إلى 15 ألف مقاتل أجنبي من 70 دولة أخرى يوجدون في سوريا وينضمون إلى صفوف الجماعات الإسلامية الأكثر تشددا، مثل جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).

وفي شهادته أمام لجنة الاستخبارات الأميركية بمجلس الشيوخ الشهر الماضي، أوضح ماثيو أولسن، مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، أن سوريا أصبحت موقعا جاذبا للجماعات المتحالفة مع تنظيم القاعدة، وتقوم بتدريب وتجهيز أعداد متزايدة من المتطرفين، وبعضهم يسعون إلى شن هجمات خارجية.

وفي سياق متصل، أدانت محكمة بريطانية لأول مرة رجلا (31 عاما) أمس بتهمة تتعلق بالإرهاب في سوريا، وذلك بعد محاكمة لمدة أسبوعين. وأدين ماشادور تشودري، وهو أب لطفلين، في محكمة التاج بكينغستون في جنوب غربي لندن، بالانخراط في سلوك تمهيدا لتنفيذ أعمال إرهابية. وخلال المحاكمة، أحيطت المحكمة علما بأن تشودري سافر إلى سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع أربعة رجال آخرين، بقصد الانضمام إلى معسكر تدريب إرهابي، واعتقل لدى عودته إلى مطار غاتويك لندن في وقت لاحق من الشهر ذاته.

ومن المقرر أن يصدر الحكم بحق تشودري في 13 من الشهر المقبل. واعتقل إجمالا 25 بريطانيا لدى عودتهم من سوريا إلى بريطانيا في 2013، وسجل هذا الرقم ارتفاعا هذه السنة لأن السلطات تحدثت عن اعتقال 40 شخصا في الأشهر الثلاثة الأولى من 2014.