حزب الترابي يؤكد تمسكه بالحوار ويرفض وقفه رغم اعتقال المهدي

الرئاسة السودانية تحذر الصحافة من تجاوز «الخط الأحمر»

TT

عد معارضون تحذير الرئاسة السودانية للصحافة من تجاوز «الخط الأحمر»، واعتقال رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي وآخرين، إطلاقا لرصاصة الرحمة على دعوة الرئيس البشير للحوار. وحذرت الرئاسة السودانية في بيان صدر في وقت مبكر من صباح أمس الصحافة المحلية من تجاوز ما أطلقت عليه «الخط الأحمر»، في تناول قضايا الأمن القومي والشؤون العسكرية والعدلية. وأضافت في البيان أنها ترفض التناول السالب المهدد لسلامة الوطن، والمضعف لتماسكه، والمخل بالأمن والسلامة، والذي ينتقص من هيبة الأجهزة العدلية، والماس بأشخاص ومحاكمتهم إعلاميا وأخذهم بالشبهات. وتناولت صحف محلية ووسائط تواصل اجتماعي الأيام الماضية قضايا فساد طالت مسؤولين حكوميين كبارا، وسخرت من حصاد التحقيق معهم، وعدته تضحية بالصغار لحماية الكبار.

وصادرت أجهزة الأمن أمس صحيفة «الصيحة» المملوكة لخال الرئيس البشير بعد طباعتها، لنشرها قضايا وملفات فساد أثارت ضجة كبيرة، واحتجز رئيس تحريرها الأسبوع الماضي بسبب اتهامات لمسؤول في وزارة العدل بحيازة أراض سكنية بشكل غير مشروع.

وقال رئيس تحرير الصحيفة ياسر محجوب لـ«الشرق الأوسط» إن عدد أمس من صحيفته صودر بعد طباعته دون إبداء أسباب، وإنه تسلم أمرا قبلها بوقف النشر في قضايا فساد تناولتها صحيفته، عقب احتجازه والتحقيق معه في بعض تلك القضايا.

من جهته، جدد حزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي تمسكه بالحوار مع تلاميذه السابقين، وأعلن تضامنه مع زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي، وطالب بإطلاق سراحه فورا لمصلحة الحوار.

وعد حبس المهدي ببلاغ جنائي تعقيدا سالبا يعقد عملية إخراجه من السجن، ووصف الأمين السياسي للحزب كمال عمر في مؤتمر صحافي أمس، استخدام الإجراءات الجنائية بتلك الطريقة بأنه مضر بالأوضاع في البلاد وبقضية الحوار، وأن تسخيرها ضد المهدي «عثرة في طريق الحوار».

ورفض عمر تسمية اعتقال المهدي بالاعتقال السياسي بقوله: «أمامي إجراءات جنائية لكن الوقائع سياسية اتخذت صورة الإجراءات الجنائية».

وبشأن مقولات المصالحة بين إسلاميي السودان، قال عمر: «فضلنا وحدة البلاد، ولا أحد يستطيع المزايدة على مواقفنا بشأن الحوار، ولن نقبل بأجنبي، ولن نستنصر بحركة مسلحة، ولا نقبل بالعمل العسكري».

وقال الرجل الذي كان يعد من أشد معارضي النظام والداعين لإسقاطه: «القضايا العامة المتعلقة بالوطن تدعونا لنسمو فوق كل الجراحات». وأضاف: «عدد من إخواننا دعوا لتعليق الحوار، لكننا في المؤتمر الشعبي نعد قضية الحوار مفصلية، ولا توجد طريقة لتعليقه، وتدفعنا تداعيات الأزمة لمزيد من الحوار».

وكشف عمر عن أن حزبه اتفق مع «الجبهة الثورية» المسلحة على عقد اجتماع مشترك لم يحدد موعده بعد، للتوافق على حل سلمي للأزمة الوطنية، وأضاف: «هذا البلد مأزوم، وشعبنا يعيش في الكراكير، ومعسكرات النزوح، وترتفع وتيرة القتل كل يوم، والقتل لا يعالج بالقتل، والحرب لا تعالج بالحرب».

وبشأن رأي حزبه في القوات المثيرة للجدل التي تطلق عليها الحكومة «قوات الدعم السريع»، وتعدها قوى معارضة امتدادا لـ«ميليشيا الجنجويد» سيئة الصيت، قال عمر إنه لم ير قوات سريعة في المدينة، وإن حزبه سيتحدث إذا ارتكبت تلك القوات تجاوزات، وقال للصحافيين: «نحن الآن نريد القيام بدور، فلا تضعونا في موقف من يقدمون إفادات مجروحة، ولا تجرجروني لأقول كلاما تجريميا».

وفي الأثناء تواصل اعتقال زعيم حزب الأمة الصادق المهدي لليوم الرابع على التوالي، على خلفية اتهامه بارتكاب تجاوزات وانتهاكات، تضمنت حرق قرى وعمليات نهب واغتصاب في أنحاء متفرقة من البلاد.

فيما أكد الحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري المعارض أن الحوار مجرد استجابة لاستشعار جماعات الإسلام السياسي للخطر، ما دفعها للتوحد بمواجهة الخطر الذي يهدد وجودها.

وقال رئيس الحزب جمال إدريس في مؤتمر صحافي أمس: «التحولات التي حدثت في مصر وإسقاط حكم الإخوان واعتبارهم تنظيما إرهابيا في مصر والسعودية والخليج، جعل تلك الجماعات تستشعر خطرا يهدد وجودها ومستقبلها، مما جعل د. الترابي يغير رأيه من إسقاط النظام إلى الدخول في حوار معه».

ووسم إدريس الدعوة للحوار بأنها محاولة لقطع الطريق أمام التحرك الشعبي ضد الحكم، وإلهاء الناس بالحوار المزعوم، ولفت الانتباه الجماهيري لترقب نتائج الحوار.

وشن إدريس هجوما عنيفا على قوات الدعم السريع بقوله إنها لم تأت لحماية المواطنين في الخرطوم، بل لتخويفهم، مؤكدا صحة اتهامات المهدي لها، ومحذرا من الانتقال بالبلاد من مرحلة الدولة الفاشلة إلى مرحلة «اللادولة»، أو مرحلة الطريق إلى الصوملة، وقال: «إذا تحدث الناس عن ميليشيات ذات مزاج وعقلية رعوية بدوية تنتفي الدولة، لأنها تحمل رأيها مع سلاحها».

وأضاف: «ما قاله الإمام عنها صحيح، وربما تكون قد جاءت نتيجة لصراع داخل النظام، وهناك طرف يريد الاستقواء بها، وإخافة أهل الخرطوم».

وكان جهاز الأمن الوطني والمخابرات السوداني قد أعلن الأحد نشر ثلاثة ألوية من القوات المثيرة للجدل (الدعم السريع) في حدود ولاية الخرطوم، فيما أعلنت الشرطة السودانية حالة الاستنفار بنسبة مائة في المائة، دون أن تحدد السلطات الأمنية ماهية المخاطر التي دفعتها لاتخاذ تلك الإجراءات.