«الائتلاف» يدعو الفصائل للتوقيع على «ميثاق الشرف الثوري».. وأعضاؤه يستبعدون صداما مع «النصرة»

المعارضة تعتبره رسالة تطمين إلى المجتمع الدولي والداخل السوري

TT

دعا «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، أمس «سائر القوى والفصائل العسكرية والثورية» للتوقيع على «ميثاق الشرف الثوري» و«الالتزام بما جاء فيه من مبادئ تحقق أهداف الثورة»، وهو الميثاق الذي أعلنت «جبهة النصرة» رفضها التوقيع عليه، على الرغم من شراكتها في القتال مع «الجبهة الإسلامية» التي بادرت إلى وضع الميثاق.

وأثار اعتكاف «النصرة» عن التوقيع مخاوف من اتساع رقعة القتال بين المقاتلين المعارضين والجبهة، بعد قتالها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، وهو ما استبعدته مصادر في المعارضة السورية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الميثاق هو «رسالة تطمين للغرب، ورسالة تطمين للداخل، بأن الدولة المقبلة ليست دولة زعماء حرب».

وكانت فصائل معارضة سورية، أبرزها «الجبهة الإسلامية»، وقعت على «ميثاق شرف ثوري» يرتكز على 11 نقطة، نصت على «التعهد بالتزام حقوق الإنسان، والسعي لإقامة دولة العدل في البلاد بعد زوال نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد»، وعلى استهداف القوات الحكومية «ومن يساندهم كمرتزقة إيران وحزب الله ولواء أبي الفضل العباس، وكل من يعتدي على الشعب السوري ويكفره كـ(داعش)». كما تضمن الميثاق «الالتزام بتحييد المدنيين في دائرة الصراع، وعدم امتلاك أسلحة دمار شامل». ونص على اعتماد القوى العسكرية في عملها العسكري «على العنصر السوري»، وأنها «تؤمن بضرورة أن يكون القرار السياسي والعسكري في الثورة سوريا خالصا، رافضة أي تبعية للخارج».

وأعلن الائتلاف أمس تأكيده على «المبادئ الأصيلة للثورة السورية، ودعمه لميثاق الشرف الثوري»، مشددا على أن «هدف الثورة الأول والأخير كان العمل على تمكين خيارات الشعب السوري، وقد خرج السوريون بجميع أطيافهم من أجل استرداد حقوقهم الطبيعية كاملة غير منقوصة، مؤكدين أن المرحلة المقبلة من مستقبل سوريا هي عهد للحرية والعدالة وسيادة القانون، في ظل دولة ديمقراطية تعددية تصون حرية وكرامة المواطن السوري».

وأكد الائتلاف، في بيان أصدره أمس، أن «مستقبل سوريا يحدده الشعب السوري، عبر صناديق الاقتراع، وأن أي محاولة لحصر مبادئ الثورة خارج هذه العناوين لن تلقى قبولا في ضمير الشعب السوري الذي يصر في كل مناسبة على نقاء ثورته والحفاظ على استقلال قرارها بعيدا عن أي أجندات حزبية ضيقة أو أجنبية خارجية».

وبعد ساعات من دعوة الائتلاف الفصائل العسكرية للتوقيع على الميثاق، رحب «مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق» بالاتفاق على «الثوابت الثورية للفصائل الموقعة على الميثاق»، معلنا توقيعه عليه، داعيا الفصائل السورية «للعمل تحت راية موحدة».

ووقع على بيان ميثاق الشرف «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام»، و«فيلق الشام»، و«جيش المجاهدين»، و«ألوية الفرقان»، و«الجبهة الإسلامية»، وهي تشكيلات بمعظمها إسلامية الطابع، على الرغم من أنها غير متشددة، وهو ما يثير أسئلة عما إذا كان الائتلاف يتبنى توجه تلك الفصائل. غير أن عضو الائتلاف فايز سارة، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن تبني الميثاق «هو تبنٍّ للتوجهات بما يتخطى الجماعات» التي «أظهر الميثاق تأييدها السياسي لأهداف الثورة السورية التي لطالما عبر عنها الائتلاف». وبهذا المعنى، قال «نرحب بالمضامين خصوصا أن الجماعات تنتقل باتجاه الرؤية الجديدة»، موضحا أن الميثاق «أبرز التغييرات التي طرأت على مبادئ الجبهة الإسلامية من تأييدها دولة إسلامية، إلى تأييد مبادئ الثورة السورية وهي الدولة المدنية، ودولة العدالة».

وكان لافتا عدم توقيع «جبهة ثوار سوريا» التي يتزعمها جمال معروف على الميثاق، على الرغم من أن الجبهة تعد القوة العسكرية الأساسية المحسوبة على الائتلاف، وتنسجم معه بالرؤية السياسية. كذلك لم توقع «جبهة النصرة»، وأعلنت معارضتها للميثاق. ويؤكد سارة أن جبهة النصرة «لم تكن مدعوة للتوقيع، كون الائتلاف كان واضحا بمعارضته أن يكون هناك تنظيم تابع لتنظيم القاعدة». وقال إن التوقيع على الميثاق «يعني أن هناك تقاربا سياسيا بين الموقعين، مما يعني الحشد الكبير على المستوى السياسي والعسكري، وفرض معادلة جديدة بمواجهة (النصرة) و(داعش)». وأضاف «الأهم في الميثاق أنه رسالة تطمين إلى الداخل لأجل إعادة هيكلة العمل الثوري وتطمينه بأن هناك توجهات ضمن التشكيلات التي تقترب من فكر الثورة، وهو موجه إلى المجتمع السوري بكل طوائفه»، كما أنه «موجه إلى النظام وتحالفاته الإقليمية والدولية»، إضافة إلى أنه «موجه إلى المجتمع الدولي، وتطمين بأن القوى الإسلامية الموقعة لا تحمل مضامين وأفكار (القاعدة) بنظرتها إلى الداخل السوري، وحصر عملياتها بالداخل».

ويلتقي عضو الائتلاف السوري عبد الرحمن الحاج مع سارة في أهداف الميثاق، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الميثاق «رسالة تطمين إلى الغرب لعدم التلكؤ في الدعم العسكري للمعارضة السورية غير المتشددة، وحصر إطار عملياتها في الداخل»، كما أنه «رسالة تطمين للداخل، كونه عملية استعراضية لعدم إشعار السوريين بالخوف من الدولة المقبلة وأنها دولة أمراء حرب».

وبينما أكدت مصادر المعارضة أن الميثاق «موجه إلى المتطرفين الإسلاميين»، فإن هذه الوجهة من شأنها أن تثير مخاوف من امتداد النزاع من قتال «داعش» إلى إسلاميين آخرين مثل «النصرة»، على الرغم من أن المؤشرات تشير إلى أن المقاتلين «ليسوا بوارد توسيع الصدامات ضد قوى تتقارب معها عسكريا وسياسيا»، كما قال سارة. ويلتقي معه عضو الائتلاف عبد الرحمن الحاج في الرؤية، مؤكدا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «قتال النصرة غير وارد، كون الأخيرة تعتبر الميثاق مرحليا أو شكليا، كما أنها تخوض مع الكتائب الإسلامية الموقعة على الميثاق حربا وجودية ضد (داعش)».

ورجّح الحاج، وهو خبير أيضا في الجماعات الإسلامية، أن تكون «النصرة على علم مسبق بالميثاق، لأن هؤلاء حلفاء ويخوضون معظم المعارك العسكرية جنبا إلى جنب»، لكن الجبهة المتصلة بتنظيم القاعدة «لا يمكن أن توافق على نص الميثاق ومضمونه، على الرغم من أنها تراعي ضرورات معينة».

وطالب الحاج بأن تُستكمل الخطوة برفع «علم الثورة وهو العلم الجامع الذي يؤكد عليه الميثاق»، كما بالشروع في خطوة ثانية هي «العمل العسكري المشترك تحت العلم نفسه، كي لا يبقى التوحد سياسيا فقط». ودعا إلى «إطلاق عمل عسكري استراتيجي منظم يكون الطريق لإسقاط النظام ودعم سلطة عسكرية مركزية لدعم استقرار البلاد ودعم مستقبل سوريا في وقت يتقدم فيه النظام بخطوات عسكرية مقلقة». وإذ أشار إلى أن الخطوة «متأخرة»، أكد أنها «مهمة وتحتاج إلى مجموعة خطوات عملية أخرى لاستكمالها».