النظام السوري «بلا غطاء سياسي» بعد إعلان معارضة الداخل مقاطعتها انتخابات الرئاسة

«هيئة التنسيق» عدتها نسفا للحل السلمي.. و«تيار بناء الدولة»: إعادة إنتاج للاستبداد

TT

لم يحظ النظام السوري بغطاء سياسي داخلي للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 3 يونيو (حزيران) المقبل، بعد إعلان كل من «هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي» و«تيار بناء الدولة» و«جبهة التغيير والتحرير»، أبرز التكتلات السياسية المعارضة في سوريا، مقاطعتها للانتخابات وعدم المشاركة فيها بوصفها «خطوة لنسف الحل السياسي».

ووصف أمين سر هيئة التنسيق لفرع المهجر ماجد حبو لـ«الشرق الأوسط» انتخابات الرئاسة بأنها «أحادية الجانب تخص طرفا واحدا من الأزمة وهو النظام»، مشيرا إلى أن «أي إجراءات دون موافقة المعارضة والنظام لن تؤدي إلى حل الأزمة في البلاد، بل ستكون نسفا للحل السياسي».

وفي حين أكد حبو أن «هيئة التنسيق الوطنية لا تشارك في انتخابات الرئاسة بشكل حاسم»، اتهم النظام «بعدم امتلاك مشروع سياسي لإنهاء الصراع»، موضحا أن «النظام يملك فقط مشروعا أمنيا ويريد تغطيته بعملية انتخابية».

وتعد هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، التي أبصرت النور في بلدة حلبون بريف دمشق في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، من أبرز التكتلات السياسية المعارضة داخل سوريا. وتتمايز الهيئة عن الائتلاف الوطني المعارض برفضها الحل العسكري الذي اتبعته المعارضة، وعدم تمسكها برحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم. وهو ما سمح لأحزابها بالبقاء في سوريا ومواصلة نشاطها السياسي، علما بأن اثنين من قياداتها، عبد العزيز الخير ورجاء الناصر، اعتقلا من قبل أجهزة الأمن السورية العام الماضي.

وعلى الرغم من أن «تيار بناء الدولة» المعارض في الداخل لا يمثل حيثية حزبية على غرار هيئة التنسيق؛ إذ يضم مجموعة من السياسيين والمثقفين، فإنه سارع إلى إعلان «مقاطعة الانتخابات الرئاسية السورية»، تضامنا مع «أكثر من نصف السوريين غير القادرين على المشاركة». وأوضح التيار في بيان أن انتخاب الرئيس «هو عقد تكليف من قبل جميع السوريين لشخص سوري بتولي مهام الرئاسة، وما دام أن صاحب الحق، أي الشعب السوري، مغيّب وغير متوفر منه إلا أقل من نصف عديده، وما دام أن حقوقه الأساسية مستباحة ومقموعة، فهذا يعني أن التكليف غير جائز وغير شرعي». وأشار إلى أن «صلاحيات رئيس الجمهورية شبه المطلقة وفق الدستور الحالي، تجعل من هذه الانتخابات مجرد إعادة إنتاج للنظام الاستبدادي الذي دفع السوريون أثمانا غالية لتفكيكه وإنهائه».

ودعا بيان «تيار بناء الدولة» إلى مقاطعة الانتخابات، موضحا: «إننا إذ نؤكد على أن حق التصويت يعادل الحق في المقاطعة، نأمل من جميع السوريين، ممن يمكنهم المشاركة، ممارسة حقهم المطلق بمقاطعة هذه الانتخابات تضامنا واحتراما لحقوق شركائهم السوريين غير القادرين على المشاركة».

ووصف المحلل السياسي السوري سمير التقي لـ«الشرق الأوسط» معارضة الداخل بأنها «تقليدية» تضم «يساريين وقوميين لم يستطيعوا أن ينتجوا برنامجا سياسيا يشكل حلا للأزمة»، موضحا في الوقت عينه أنه «من الطبيعي ألا تقبل معارضة الداخل بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية لأن النظام لم يترك لها هامشا يستجيب مع طروحاتها في التغيير الديمقراطي، فيما لو أيدت إجراء هذه الانتخابات».

وبدا لافتا إعلان «جبهة التغيير والتحرير» الممثلة في البرلمان السوري بخمسة مقاعد نيابية، وهي ائتلاف يضم «الحزب السوري القومي الاجتماعي» و«حزب الإرادة الشعبية» الشيوعي، مقاطعتها للانتخابات الرئاسية. وأوضحت الجبهة أن «الانتخابات لن تكون شاملة لأصوات عموم الناخبين السوريين وعموم المناطق السورية في الظروف الحالية، بحكم الأعداد الكبيرة للنازحين واللاجئين في دول الجوار والخارج، وبحكم خروج عدد من المناطق السورية عن سيطرة الدولة». وأشارت في بيان صدر قبل أسابيع إلى أن الانتخابات «لن تكون تعددية بالمعنى الحقيقي للكلمة، سواء بسبب استمرار الأزمة أو انتشار العنف».

وتسبب موقف الجبهة من انتخابات الرئاسة في انشقاق رئيس الحزب القومي السوري علي حيدر عنها معلنا تأييده ترشيح الرئيس بشار الأسد، كما وصف وزير الإعلام السوري عمران الزعبي موقفها بعدم المشاركة في الانتخابات بـ«قلة خبرة سياسية وسذاجة مدعية».

وتعمل السلطات السورية على التحضير لانتخابات الرئاسة في البلاد، حيث يواجه الرئيس بشار الأسد مرشحين اثنين مغمورين في هذه الانتخابات، وسط إدانات وتحذيرات دولية من إجرائها.