مرجعية النجف الشيعية غاضبة لاعتقال طلبة باكستانيين من مقلدي بشير النجفي

لجنة ثلاثية برئاسة نجل السيستاني تشرف عليهم

TT

أثار بث فيلم على إحدى القنوات التلفزيونية العراقية يظهر طلبة باكستانيين يدرسون في الحوزة الدينية في مدينة النجف يجبرون نساء عراقيات على الزواج منهم، غضب المرجعية بوصفه فيلما مفبركا يهدف إلى الإساءة لمرجعية الشيخ بشير النجفي (أحد المراجع الأربعة الكبار في النجف، وهم كل من آيات الله علي السيستاني ومحمد إسحاق الفياض ومحمد سعيد الحكيم وبشير النجفي). وجاء بث هذا الفيلم بعد فترة قصيرة من إصدار النجفي فتوى حرم بموجبها انتخاب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الثلاثين من شهر أبريل (نيسان) الماضي. لكن الأمور لم تنته عند هذا الحد؛ فعشية إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التي حل فيها المالكي أولا، سواء على مستوى التصويت الشخصي (حصل على 700 ألف صوت في مدينة بغداد) أو على صعيد عدد المقاعد التي حصل عليها ائتلافه (دولة القانون) وهي 93 مقعدا، رغم فتوى التحريم أعلن علي النجفي، نجل المرجع الشيعي الشيخ بشير النجفي، أن قوات الأمن في مدينة النجف شنت «حملة اعتقالات» بحق طلبة حوزة باكستانيين مقيمين في المحافظة. وقال النجفي الابن في تصريح صحافي إن «قوة من الشرطة داهمت عددا من المنازل في المدينة القديمة وقامت باعتقال ما يقارب 60 طالبا حوزويا يحملون الجنسية الباكستانية بشكل عشوائي ونقلتهم إلى مركز الشرطة»، مشيرا إلى أن «سبب الاعتقال يتعلق بإقامات هؤلاء الطلبة».

وأضاف النجفي أن «الطلبة المعتقلين أفرج عنهم إثر تدخل أشخاص من داخل العراق وخارجه بالضغط على الجهات ذات العلاقة». وفيما عد هجوم المرجع النجفي على رئيس الوزراء المالكي سابقة في تقاليد المرجعية الدينية التي تنأى عن الزج بنفسها في العمل السياسي المباشر فإن باقي مراجع النجف أبدوا استياءهم مما عدوه تحديا للمرجعية من قبل السلطة السياسية الحاكمة، سواء من خلال فبركة الفيلم التلفزيوني أو من خلال اعتقال الطلبة الباكستانيين الذين يقلدون النجفي، في محاولة من الحكومة التي يرأسها المالكي الانتقام من فتوى النجفي ضده، الذي ترى أوساط المالكي أنه احتضن كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم. وطبقا لمصادر في مكتب المرجع الأعلى السيستاني فإن الأخير رأى أن قيام الأجهزة الأمنية بإجراءات «تعسفية ومهينة وقاسية بحق عدد من الطلبة الباكستانيين في الحوزة العلمية، حيث اعتقلت العشرات منهم بذريعة تطبيق قوانين الإقامة - أمر غير مقبول». وطالب مكتب السيستاني «السلطات العليا بوقف هذه الأعمال والتحقيق مع من قاموا بها واتخاذ الإجراء المناسب بحقهم». وفي هذا السياق أكد الأستاذ في الحوزة العلمية حيدر الغرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الإساءة للشيخ بشير النجفي ليس المقصود منها الشيخ النجفي وحده، بل كل المرجعية الدينية للمواقف التي وقفتها بدعوتها للتغيير وعدم انتخاب الوجوه الفاسدة التي حكمت العراق خلال السنوات الماضية».

وأضاف الغرابي أن «موضوع الطلبة الذين يدرسون في حوزة النجف ويأتون من كل أنحاء العالم ومنهم طلبة باكستانيون تشرف عليهم لجنة ثلاثية مكونة من السيد محمد رضا السيستاني، نجل المرجع الأعلى آية الله العظمى علي السيستاني، والشيخ علي الربيعي والشيخ علي النجفي نجل الشيخ بشير النجفي، وهي التي تتولى كل ما يتعلق بوضعهم في العراق، بما في ذلك إقاماتهم». وأضاف الغرابي أن «ما قام به المالكي من خلال هذه الإجراءات الجديدة إنما هو تطبيق لما قاله الشيخ النجفي من أن هذا الرجل أطلق سهامه ضد المرجعية وبهدف الانتقام من النجفي تحديدا، علما بأن الطلبة الباكستانيين لا مشكلة لديهم في الإقامة أو غيرها»، مشيرا إلى أن «الشيخ النجفي هو عراقي الجنسية وبالتالي لا يمكن لأحد أن يتطاول عليه بحجة الجنسية، بالإضافة إلى أن الدستور العراقي واضح في تحديد مقام المرجعية وعدم المساس بها تحت أي ظرف». وأوضح أن «المرجعية تتعامل الآن مع الأمر بحكمة وروية، ولكن في حال تكررت مثل هذه الإساءات فسوف يكون لها موقف آخر».

في سياق ذلك أكد المستشار القانوني أحمد العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الطالب الأجنبي في حالة قبوله في الجامعات والمدارس العراقية المعترف بها، سواء كان يدرس في الجامعات المدنية أو تلك التابعة للحوزة العلمية في النجف، فإنه يمنح فيزا وبالتالي إقامة، وهو ما يعني أن موقفه سليم من الناحية القانونية». وأضاف أن «ما حصل للطلبة الباكستانيين قد يحمل بعدا سياسيا لأن مدارس الحوزة تضم طلابا من مختلف أنحاء العالم الإسلامي وهي مدارس وجامعات معترف بها حتى في الزمن السابق، وبالتالي فإنه حتى لو انتهت إقاماتهم فإنه لا يجوز اعتقالهم، بل إنه، طبقا للقانون العراقي، يمكن فرض غرامة»، مشيرا إلى أن «الجهة المشرفة على مدارس الحوزة في حال جرى قبول طلاب أجانب لديها تخاطب دوائر الإقامة بذلك؛ لأن دخول أي شخص من دون فيزا يعد تجاوزا على الحدود، ويتعرض (الشخص) للسجن».