هجوم على منزل حفتر في بنغازي وانضمام بالجملة من عسكريين ورجال أمن لقواته

معلومات عن انشقاق رئيس الأركان الليبي.. والبرلمان يؤجل التصويت على حكومة معيتيق

العقيد ونيس بوخمادة قائد القوات الخاصة (الصاعقة والمظلات) بالجيش الليبي أثناء إعلانه في بيان متلفز انضمامه رسميا لجيش حفتر مساء أول من أمس (رويترز)
TT

توالت أمس عملية انضمام المزيد من القوات العسكرية والأمنية إلى «عملية الكرامة»، التي تشنها قوات تابعة للواء خليفة حفتر القائد السابق للقوات البرية في الجيش الليبي، في مختلف المدن الليبية، بينما تتأهب ميليشيات إسلامية مسلحة موالية للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة الانتقالية لدخول العاصمة طرابلس لحمايتها، وسط توقعات باندلاع معارك عنيفة دفعت بعض الدول إلى إعلان خطط لسحب دبلوماسييها ولإجلاء رعاياها، فيما جرى إغلاق الحدود البرية لليبيا مع دول جوارها الجغرافي مصر وتونس والجزائر والسودان. ويستعد أنصار اللواء خليفة حفتر لتنظيم مظاهرات داعمة له يوم الجمعة المقبل في مختلف المدن الليبية، بينما حذرت السلطات الليبية من احتمال وقوع المزيد من أعمال العنف خلال هذه المظاهرات. ونجا حفتر أمس من محاولة اغتيال جديدة، بعدما تصدت قوات الحراسة المكلفة بتأمين منزله في مدينة بنغازي بشرق ليبيا إلى هجوم شنته مجموعة مسلحة مجهولة الهوية، حيث نشب قتال لبضع دقائق قبل انسحاب المهاجمين، وفقا لما قالته مصادر مقربة من حفتر. لكن المؤتمر الوطني تجاهل هذه التطورات، وسعى لإعطاء انطباع للرأي العام المحلي وللمجتمع الدولي بأنه ما زال مسيطرا على الأوضاع، حيث عقد أمس جلسة اقتصر جدول أعمالها على مناقشة بندين اثنين فقط: التصويت على حكومة رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق، واعتماد الميزانية العامة للدولة لعام 2014.

لكن معيتيق الذي ينتمي إلى مصراته، وأثار تعيينه غضب الكثيرين في الشرق الليبي لأنه يحظى بدعم الإخوان المسلمين، طلب رسميا من البرلمان إرجاء التصويت على حكومته إلى موعد لاحق، فيما بدا أنه بمثابة استجابة جزئية للمبادرة المفاجئة التي طرحها رئيس الحكومة انتقالية عبد الله الثني، وتتضمن تعليق عمل البرلمان الذي انتقل إلى فندق فاخر أمس، لحين اتخاذ ميليشيا من مدينة مصراته الغربية لمواقعها لحماية مقره الرئيس الذي هاجمه مسلحون يوم الأحد الماضي.

وتمسك عز الدين العوامي النائب الأول لرئيس المؤتمر بموقفه الرافض لمعيتيق على اعتبار أن عملية انتخابه شابتها أخطاء قانونية وغير صحيحة، حيث قال أمس لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة: «للأسف قرار تكليف السيد أحمد غير شرعي ومن يدرس في سنة أولى قانون يلاحظ التجاوزات التي جرت في اللوائح والتشريعات والإعلان الدستوري».

وعقد المؤتمر الوطني أمس اجتماعه في قاعة بفندق راديسون بلو لحين انتهاء قوة الدرع المركزية التي تنتمي إلى مصراته من الاستعدادات لتأمين مقر المؤتمر الرئيس، طبقا لطلب رئيسه نوري أبو سهمين من القوات الموجودة في مصراته تأمين مبنى البرلمان.

وساد الهدوء الحذر أمس طرابلس، ولكن دبلوماسيين يقولون إن مشاركة ميليشيا من مصراته من شأنها خلق توترات جديدة. ولجماعة الإخوان المسلمين جذور قوية في مصراته وهي في حالة خصومة مع ميليشيا من منطقة الزنتان الواقعة في الجبال الغربية التي تسيطر على أجزاء من طرابلس وحملها بعض المسؤولين المسؤولية عن مهاجمة البرلمان. وتجري هذه التوترات بينما تتزايد حالة الفوضى في ليبيا حيث تعجز الحكومة عن السيطرة على عشرات الميليشيات التي ساعدت في الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011، ولكنها باتت اليوم تتحدى سلطة الدولة.

وفى الإطار نفسه حددت المفوضية العليا للانتخابات يوم 25 من شهر يونيو (حزيران) المقبل موعدا لإجراء انتخابات مجلس النواب الجديد الذي من المفترض أن يحل محل البرلمان أعلى سلطة دستورية وسياسية في البلاد.

وتلقى حفتر دعما عسكريا ومعنويا لافتا بإعلان العقيد محمد السويسي مدير أمن العاصمة طرابلس انضمامه إلى عملية الكرامة، فيما أكد منتسبو كتيبة 101 مشاة بمنطقة طرابلس العسكرية استعدادهم للعمل تحت شرعية الجيش الليبي.

كما أعلن منتسبو مكتب استخبارات الأصابعة التابع لرئاسة الأركان العامة تأييدهم لعملية الكرامة التي يقوم بها الجيش الليبي ضد الإرهاب، وقالوا في بيان لهم إن قرارهم جاء نتيجة للأحداث المؤسفة التي شهدتها ليبيا الفترة الماضية من اغتيالات وخطف وترهيب لضباط وضباط صف الجيش وجنوده والقضاة.

وأعلن العقيد ونيس بوخمادة قائد القوات الخاصة (الصاعقة والمظلات) بالجيش الليبي في بنغازي (شرق البلاد) في بيان متلفز مساء أول من أمس انضمامه رسميا لجيش حفتر، بالتزامن مع إعلان عسكريين في قواعد طبرق العسكرية والجوية والبحرية وجهازي الاستخبارات والمخابرات والشرطة العسكرية وكتيبة عمر المختار ومديرية الأمن الوطني انضمامهم لعملية الكرامة بقيادة الجيش الوطني الليبي الذي يتزعمه حفتر.

وأعلن بوخمادة أن قوات الصاعقة مع إرادة الشعب ومعركة الكرامة التي يقوم بها الجيش الوطني ضد الإرهاب وتعهد بسحق المتطرفين الذين قال إن من بينهم مقاتلين من جنسيات أجنبية. من جهته، وضع العقيد محمد السويسي، مدير أمن طرابلس، مديرية الأمن تحت تصرف الشعب الليبي، وقال: «ما يطالب به الشعب الليبي سوف ننفذه، ولو كان الشعب الليبي مع عملية الكرامة فنحن مع الشعب الليبي، وإن قال الشعب لا للكرامة، فسوف نكون مع الشعب الليبي».

وأكد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا بشير الكبتي أنه وجماعته تحت مظلة القانون، نافيا اتهامات وجهها لهم اللواء العسكري المتقاعد خليفة حفتر في حواره أول من أمس لـ«الشرق الأوسط». وأضاف الكبتي: «لقد قلت من قبل إن هذا مستحيل أن يحدث في ليبيا لأن الشعب الليبي كله مسلح، فلا يكاد يخلو بيت من وجود مسدس أو رشاش أو آر بي جيه، إلى آخره. كل أنواع الأسلحة موجودة بالشارع.. نحن نتكلم عن ما بين 22 إلى 25 مليون قطعة سلاح منتشرة بالشارع». لكنه عاد وقال: «إذا سيطر على الأرض وقبل الناس بذلك فنحن سنقبل بذلك، ولكن نريد أن يكون هناك عدل وأدلة على ما يساق من اتهامات وألا نعود لفترة ما قبل 17 فبراير (شباط)».

من جهته، قال اللواء العناني حمودة مدير أمن محافظة مطروح التي تقع في أقصى غرب مصر إن بلاده ستوقف سفر مواطنيها إلى ليبيا اعتبارا من أمس وتمنع دخول الليبيين إلى أن تستقر الأوضاع في جارة مصر الغربية.

كما نصحت تونس مواطنيها بعدم السفر إلى ليبيا «إلا للضرورة القصوى». لكن حركة النهضة الإسلامية التونسية وصفت في المقابل الأحداث الجارية في ليبيا بأنها «محاولة انقلابية» وحذرت من تطور الأوضاع إلى حرب أهلية.

وقالت الحركة في بيان لها: «ندين بشدة المحاولة الانقلابية ونستنكر كل استعمال للسلاح للتعبير عن الرأي أو الموقف السياسي»، كما حذرت مما وصفته بـ«عواقب الانتشار المفزع للسلاح في ليبيا الشقيقة مما يجعل الليبيين مهددين بأبشع صور الاقتتال والحرب الأهلية».