المصريون يأملون في انتهاء المرحلة الانتقالية والتفرغ لبناء الدولة

مع اقتراب يومي الاقتراع في الانتخابات الرئاسية

TT

يقول أحمد، النادل بمقهى شعبي بمنطقة الكيت كات بالجيزة عن الفرق بين الانتخابات الرئاسية التي ستجرى يومي 26 و27 من الشهر الحالي وانتخابات 2012 التي دخل فيها 13 مرشحا: «إن المخرج في فيلم الانتخابات الأول لم يكن الشعب، بل كانت حسابات مصالح لقوى معينة، لذلك نجح الإخوان في الانتخابات، وفشلوا في الحكم.. الآن المخرج هو الشعب، لكن القماشة ليس بها سوى لونين، أحدهما براق وطاغٍ، والآخر مطفي، لكن في كل الأحوال المشهد الآن أفضل، لأننا في النهاية أمام مرشحين اثنين لا يختلف أحد على وطنيتهما». يواصل أحمد، نادل المقهى الشاب، وهو يراوغ في الإجابة عن سؤال: إذن لمن ستعطي صوتك أيها المواطن الطيب؟.. ابتسم ابتسامة عريضة وتركني وهو يهتف على طريقة النداءات المعتادة في المقاهي الشعبية: «وعندك واحد شاي معتبر سيسي على صباحي وصلَّحه».

خفة دم أحمد دفعت أحد الجالسين في المقهى لينضم إلى الحديث، فترك مقعده وجلس على طاولتي، وبدأ يعرفني بنفسه: «أنا اسمي مختار، أعمل محاسبا في أحد البنوك الحكومية، لي وجهة نظر في فرسي الرهان الرئاسي.. مشكلة حمدي صباحي، رغم احترامي الشديد له، أنه مركز على رأسماله السياسي ونضاله على مدى 40 عاما، متناسيا أن الشباب الجديد وقطاعات كبيرة من الشعب غير مهتمة بهذا الرصيد، لأنه ابن الماضي، لذلك هو رأسمال راكد، لا يوفر له فرصا حقيقية للوصول إلى منصب رئيس البلاد. أما المشير عبد الفتاح السيسي، رغم أنه صاحب الضربة القاصمة التي أطاحت بالرئيس السابق محمد مرسي ونظام الإخوان المسلمين من الحكم، فيركز في كل حديثه على استعادة هيبة الدولة، ويعتبرها الركيزة الأساسية لتطبيق القانون، وتخليص البلد من براثن الإرهاب الذي أصبح يقض مضاجع المواطنين، ويصيب أبسط مظاهر حياتهم بالخوف والتوتر».

يضيف مختار وهو يشكرني على إنصاتي الشديد له: «تقريبا أنا وحضرتك من جيل واحد، يعني على مشارف الستين.. مصر عايزه تتنفَّض، مثلما يفعل المنجد بالقطن قبل أن يصنع الوسائد والمراتب والألحفة.. لذلك الناس التفت حول السيسي، لأنها ترى فيه (رجل الدولة) القوي المخلص، وأيضا ترى فيه البطل والإنسان، لذلك تثق في وعوده وكلمته».

ويرتفع صوت مختار، وهو يصل إلى الخلاصة قائلا: «باختصار وحتى لا أضيع وقتك.. نحن محتاجون إلى تغيير شامل في كل شيء، سياسات الترقيع والتلفيق لم تعد مجدية، حتى المعارضة لازم تتغير».

وما بين خفة دم أحمد، عامل المقهى البسيط، ومختار، موظف البنك الصارم الذي يعي حكمة ومسارب أوراق النقود، تعلق عُلا، وهي ربة منزل شابة، على أجواء الانتخابات الرئاسية وتقول: «كلام ووعود وكلام، أفتح كل قنوات التلفزيون أجده يتكرر بوجوه وسحن مختلفة في صباح ومساء.. نحن تعبنا، نريد رئيسا يقول لنا بوضوح المشكلة الفلانية أبعادها كذا وكذا، وأنا سوف أحلها بالطريقة الفلانية، ونحن على استعداد أن نتحمل ونشاركه في الحل والمسؤولية».

وعلى طريقة أولاد البلد يقول طارق، صاحب عربة فول شهيرة في حي المهندسين: «السيسي رئيسي، سأنتخبه، لكن فعلا الانتخابات التي فاتت كانت فيلم آخر لخبطة بأسماء من فيه سواء من المرشحين أو ممن كانوا يعتزمون الترشح.. مثلا تطلع من مرسي تقع في أبو إسماعيل، تفوق قليلا فيأخذك شفيق، وبعدها يهدهدك عمرو موسى ببعض الدبلوماسية، ثم يدير رأسك أبو الفتوح بمنطق الأخ الأكبر.. هذا كان في 2012.. تتابع السباق حتى تتعب، لكن الانتخابات هذه الأيام الكل يريد أن ينتهي سريعا من المرحلة الانتقالية والتفرغ لبناء الدولة من جديد».