وزير العدل المغربي ينتقد الحملة التشهيرية التي تخوضها «أمنستي» ضد بلاده

الرميد يتعهد بوضع إجراءات تحد من التجاوزات والانتهاكات المحتملة

مصطفى الرميد
TT

انتقد مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات المغربي، التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية بشأن التعذيب، وقال إن بلاده فوجئت به لأنه حشر المغرب في إطار حملة دولية لمدة سنتين مع أربع دول أخرى من الصعب مقارنة وضعها الحقوقي مع التطور الحاصل في البلاد والمكاسب المسجلة بها على هذا الصعيد.

وكانت المنظمة دعت المغرب في تقريرها الأخير إلى «وضع حد للتعذيب وتوفير الضمانات الأساسية لمنع ممارسته»، وأدرجته في قائمة خمس دولة معنية بحملة المنظمة لمناهضة التعذيب تحت شعار: «أوقفوا التعذيب» من بينها المكسيك، والفلبين، ونيجيريا، وأوزبكستان.

وأوضح الرميد الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) ردا على سؤال حول ما جاء في تقرير المنظمة، أن هذه الأخيرة وبدلا من أن تخوض حملتها التشهيرية ضد بلاده «كان عليها بدلا من ذلك أن توجهها نحو دول ما زالت تعيش زمن الرصاص، وما أكثرها»، مضيفا أن «استبعاد المنظمة تلك الدول عن نطاق حملتها فكأنها تزكي ما يقع فيها، كما أنها عندما تخوض هذه الحملة ضد المغرب تبخس مجهوداتنا جميعا، ملكا وشعبا، أغلبية ومعارضة، مؤسسات وطنية ومجتمعا مدنيا».

وأوضح المسؤول المغربي، أن بلاده فوجئت بالتقرير لأنه تجاوز منطق التقارير السنوية السابقة الصادرة عن ذات المنظمة، فضلا عن أنه لم يأخذ بعين الاعتبار تقارير وازنة مثل تقرير المقرر الأممي الخاص بالتعذيب، والمقرر الأممي الخاص بالاتجار في البشر وتقرير فريق الأمم المتحدة المعني بالاعتقال التعسفي.

وأعرب الرميد عن استغرابه لصدور التقرير دون أدنى تبادل للمعطيات وتحليلها مع المؤسسات المختصة في بلاده، خلافا للمنهجية المعتمدة من قبل عدة جهات حقوقية دولية حتى يكون لتقريرها قيمة ومصداقية، ولا سيما أنها أوردت روايات من يعدون أنفسهم ضحايا التعذيب من دون حجة أو دليل واكتفت بتصريحاتهم المجردة.

واستغرب الرميد كذلك لتضمن التقرير معطيات عن أوضاع حقوقية تجاوزتها بلاده بمسافة شاسعة، وأصبحت جزءا من الماضي، و«مع ذلك أبى التقرير إلا أن يجعلها ضمن معطيات حاضرنا». وزاد قائلا: «حقا، لو أن هذا التقرير جاء في زمن الجمر والرصاص، أو وقت الفتنة الإرهابية التي عرفتها بلادنا لربما كان حقا وصوابا، ولكنه جاء في زمن حقق فيه المغرب عبر السنوات الماضية الكثير من المكتسبات الحقوقية ويطمح فيه لما هو أكثر مما يجعله بحق شهادة لا تليق بالمنظمة وتاريخها». وتساءل الرميد: «هل ما زال إجبار المعتقلين على وضع رؤوسهم في المرحاض أو حشر مواد مشربة بالبول في أفواههم ممكنا حدوثه في مغرب اليوم؟ وهل ما زال المغرب يعرف الاغتصاب باستخدام قنينات زجاجية؟»، مؤكدا أنه بصفته مسؤولا أوّلَ عن النيابة العامة لم يتوصل بأي شكوى في الموضوع شفاهيا أو كتابة خلال سنتين ونصف السنة.

وفي السياق ذاته، أكد وزير العدل أن المغرب جاد في محاربة التعذيب وكل أشكال المعاملة القاسية بتوفير كل الضمانات أثناء الحراسة النظرية والاعتقال لمواجهة كل التجاوزات التي ما زال يمكن أن تقع هنا أو هناك بسبب بعض القائمين على إنفاذ القانون ممن يتجرأون بشكل أو بآخر على خرقه، وهي تجاوزات لا ينكر وقوعها بين الفينة والأخرى.

وتعهد الرميد بوضع حد للتجاوزات والانتهاكات المحتملة من خلال ما تضمنه مشروع المسطرة الجنائية وغيرها من القوانين، وذلك من خلال إجراءات عدة من بينها إخبار عائلة الشخص المحتجز فورا، وتضمين المحضر اسم الشخص المتصل به، والوسيلة المستعملة في ذلك لإمكان إجراء المراقبة الضرورية عند الاقتضاء، وإشعار النيابة العامة في جميع الأحوال بالوضع الفوري رهن الحراسة النظرية، والسماح بزيارة المحامي للمعتقل رهن الحراسة النظرية منذ الساعة الأولى لحدوث الاعتقال، ولمدة نصف الساعة في ظروف تكفل سرية المقابلة، والحضور وقت الاستماع إلى المشتبه به من قبل الشرطة كلما تعلق الأمر بالأحداث الجانحين أو ذوي الاحتياجات الخاصة في أفق تعميم هذا الحضور على كل القضايا بعد تقييم هذه التجربة، وتسجيل كل التصريحات، أثناء الحراسة النظرية بالصوت والصورة ليطلع عليها القضاء عند الضرورة، ووضع شروط دقيقة للوضع رهن الحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي) مع إنجاز سجل معلوماتي على صعيد مركزي أو محلي لكل المحتجزين في إطار الحراسة النظرية وإنجاز لائحة لأطباء معتمدين من قبل المجتمع المدني الحقوقي على صعيد كل الدوائر القضائية للمشاركة في عمليات الخبرة عند ادعاء التعذيب.

وكشف الرميد عن أنه بعد أن صادق المغرب على البروتوكول الاختياري المرفق باتفاقية التعذيب سيحدث قريبا آلية وطنية للنظر في الشكاوى المقدمة من قبل الأفراد بادعاء التعذيب، كما أن بلاده قبلت إمكانية تقديم أفراد للشكاوى أمام لجنة مناهضة التعذيب الأممية بعد استيفاء طرق الطعن المحلية.

وخلص المسؤول المغربي إلى تأكيد أنه «لا مجال في مغرب اليوم للانتهاكات الجسيمة، ولا للاختطافات ولا للتعذيب المنهجي ولا لغض الطرف والتعامي عن أي شيء من ذلك، وإذا وقع أي انتهاك أو تعذيب فواجب التصدي لذلك تقع مسؤوليته على الجميع».