لبنان: ترقب لنتائج الفراغ السياسي.. ومصير الحكومة على المحك

«حزب الله» يقول إن الرئاسة موصدة أمام الذين يعادون المقاومة

TT

نزل نواب فريق «14 آذار» إلى البرلمان اللبناني في محاولة أخيرة لتفادي شغور منصب الرئاسة، من دون أن يلاقيهم نواب تكتل «الإصلاح والتغيير» و«حزب الله» لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس ميشال سليمان الذي انتهت ولايته مع انقضاء يوم أمس.

ومع أن الخلاف بين الفريقين كان معروفا أنه سيؤدي إلى شغور منصب رئيس الجمهورية لعدم اتفاقهما على مرشح واحد، إلا أن البعض كان يراهن على حدث ما يمنعه، وهو ما وصفه الرئيس الأسبق للحكومة سعد الحريري بـ«المعجزة» التي لم تقع، فيما وجه مرشح «14 آذار» نداء أخيرا للنواب للنزول إلى المجلس وانتخاب رئيس جديد للبلاد التي دخلت في الفراغ للمرة الرابعة في تاريخها، وللمرة الثانية في ولايتين متتاليتين.

وتترقب الأوساط اللبنانية مسار الأمور في الأسبوع المقبل، لمعرفة ما إذا كان الشغور سيتحول إلى فراغ كامل، بإطاحة فريق «8 آذار» الحكومة التي انتقلت إليها صلاحيات الرئيس، وهو ما سترسمه مواقف رئيس تكتل الإصلاح والتغيير العماد ميشال عون في مؤتمره الصحافي غدا، فإذا ذهب باتجاه استقالة وزرائه من الحكومة، فهذا قد يؤشر إلى تصعيد سياسي واسع قد يؤدي إلى اهتزاز أمني واقتصادي، وهو الأمر المستبعد حتى الساعة.

وفيما بدت قوى 14 آذار أكثر تخوفا مما قد ينتج عن طول مرحلة الفراغ الرئاسي، جزم «حزب الله» بأنه لا مكان لرئيس جديد يعادي المقاومة. ونبه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري إلى وجوب التعامل مع الشغور بموقع الرئاسة باعتباره «خطرا جديا» يهدد سلامة النظام الديمقراطي ويجعل من الرئاسة الأولى هدفا للابتزاز الدائم بالفراغ والوقوع في المجهول، مؤكدا أن العيب ليس في الدستور بل في عدم تطبيق الدستور وعدم القدرة على إنتاج المخارج والحلول.

وأكد الحريري في بيان أن المشكلة تكمن في «العجز عن بلوغ المستوى المطلوب من الشجاعة الأدبية والسياسية للشروع في التنازلات المتبادلة وتقديم المصلحة الوطنية على الأهواء والمصالح الخاصة». وقال: «هناك ساعات قليلة تفصلنا عن المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد، وهي ساعات قد تتطلب معجزة سياسية تؤمن ولادة الرئيس العتيد».

وحذر الحريري من «مخاطر إبقاء الموقع المسيحي الأول في نظامنا السياسي شاغرا، ومخاطر ألا يخرج من صفوف اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا من يعلن الانتصار لحق لبنان في وجود رئيس على رأس السلطة والبلاد».

بالمقابل، أكد النائب عن «حزب الله» علي فياض أن «أبواب الرئاسة موصدة أمام أولئك الذين يعادون المقاومة، أو يختلفون معها، وهي مفتوحة أمام أصدقائها ممن يؤمنون بدورها».

وقال فياض خلال احتفال جنوب لبنان: «خيارنا الرئاسي واضح، لم نعلن عنه بعد، لكنه ينسجم مع صحة التمثيل المسيحي من ناحية، ومع ما تستدعيه المصلحة الوطنية العامة من ناحية أخرى». أما مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب عمار الموسوي فشدد على أن الخيارات السياسية لا يمكن أن تقوم على قياس 17 أيار (اتفاق جرى بين لبنان وإسرائيل خلال الحرب الأهلية) بما فيها انتخاب رئيس للجمهورية، مؤكدا أن «الانتخابات ستكون وفق معطيات 25 أيار الذي قام على أنقاض 17 أيار». وأضاف: «أما إذا كان هناك من يتوهم أن ظروفا طرأت في المنطقة يمكن أن تعيدنا إلى 17 أيار فهو واهم. ما نريده رئيس من مناخ 25 أيار وينتمي إلى هذا العصر وليس إلى عصور باءت وأفلت مع الاحتلال الصهيوني».

بدوره، أعرب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عن أسفه لتفويت إمكانية أن يكون رئيس للجمهورية صنع في لبنان ومن الصف الأول، قائلا خلال مؤتمر نقابي: «ما كان هناك ما يلزمنا كي لا يكون لدينا رئيس، وكانت الفرصة كبيرة ليكون الرئيس صنع في لبنان ومن الصف الأول، ولكن للأسف شاء البعض ما شاء ولكن لن نستسلم للواقع».

واستنكر جعجع ارتفاع بعض الأصوات لمهاجمة الرئيس سليمان «لأنه كافح وناضل من أجل الحفاظ على الجمهورية والدولة»، مشددا على أن «تحسين الوضع يتجلى ببسط سلطة الدولة وحل ما تبقى من ميليشيات مسلحة».

وفيما ينتظر أن يتخذ تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون يوم الاثنين المقبل موقفا رسميا لجهة كيفية التعاطي وزاريا وتشريعيا مع مرحلة الفراغ الرئاسي، قال أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان: «لن نرتاح حتى تأمين ملء موقع رئاسة الجمهورية، ونتمنى أن يأخذ لبنان فرصته للمرة الأولى منذ الطائف برئيس ميثاقي وقادر على استعادة التوازن والشراكة». وشدد كنعان على أنهم لا يقولون «عون أو لا أحد، بل نقول إما الرئيس الميثاقي صاحب الحضور والتمثيل والقدرة، أو سنمارس حقنا الدستوري بالامتناع عن تأمين وصول الأرانب».