السلطات المصرية تحذر من محاولات تعطيل الانتخابات الرئاسية وتتعهد بحماية المواطنين

قيادي في «تحالف دعم الشرعية» لـ «الشرق الأوسط»: سنتظاهر بعيدا عن مقار الاقتراع

مصري يمر بجوار إطارات مشتعلة إثر اشتباكات بين رجال الأمن وأنصار الإخوان أمام جامعة الأزهر أول من أمس (أ.ب)
TT

في وقت تراجع فيه صخب الدعاية الانتخابية في مصر، مع دخول البلاد أمس يومي الصمت الانتخابي قبل الاقتراع الرئاسي المقرر غدا الاثنين وبعد غد الثلاثاء، علت تحذيرات السلطات من مساعي تعطيل الانتخابات. وبينما شدد وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي على أن قواته ستتعامل بكل قوة ضد أي محاولة لتهديد المواطنين أو المساس بأمنهم في محيط اللجان، قال اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث باسم وزارة الداخلية إن «أي شخص يحاول تعطيل العملية الانتخابية.. فلا يلومن إلا نفسه». في المقابل قال مجدي قرقر القيادي في تحالف دعم الشرعية المؤيد لجماعة الإخوان المسلمين لـ«الشرق الأوسط» أمس إن التحالف دعا أنصاره للتظاهر يومي الاقتراع بعيدا عن لجان الاقتراع.

ووسط ترقب دولي ودعم إقليمي للانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها قائد الجيش السابق المشير عبد الفتاح السيسي، وزعيم التيار الشعبي حمدين صباحي، تسلمت القاهرة أمس 15 عربة مدرعة قادمة من الإمارات لدعم قوات الشرطة خلال الاقتراع.

وتخشى السلطات من مساعي جماعة الإخوان وقوى سياسية متحالفة معها، لتعطيل ثاني استحقاقات خارطة المستقبل التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية ورموز دينية عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي إلى الجماعة، الصيف الماضي.

وفي رسالة موجهة على ما يبدو لطمأنة المواطنين، وللقوى الساعية لعرقلة سير الاقتراع، تفقد الفريق أول صبحي وزير الدفاع، القائد العام للقوات المسلحة، أمس عناصر الصاعقة المشاركة في تأمين الانتخابات الرئاسية. وقال صبحي خلال لقائه بمقاتلي الصاعقة إن «مصر على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخها بانتخاب رئيس يعبر عن طموحات الشعب وتطلعاته، ونحن أبناء شعب عريق يستحق أن يعيش في حرية وكرامة بعد ثورتين بهرتا العالم».

وشدد قائد الجيش على أن القوات المسلحة والشرطة المدنية ستتعامل بكل قوة ضد أي محاولة لتهديد المواطنين أو المساس بأمنهم وسلامتهم في محيط اللجان، وأضاف قائلا: «لقد عاهدنا الشعب العظيم على أن ندافع عنه ونرعى مصالحه، واليوم سنفي بما وعدنا به وسنؤمن إرادته ولن نسمح لأحد أن يرهب أو يمنع الشعب من التعبير عن رأيه، وإننا أبناء شعب عريق يستحق أن يعيش في حرية وكرامة بعد ثورتين بهرتا العالم في مشهد فريد امتزج فيه الشعب العظيم مع جيشه المخلص».

وأشاد الفريق أول صبحي برجال القوات المسلحة وعزمهم الجاد على تأمين المواطنين وتنفيذ الاستحقاق الثاني من خارطة المستقبل، مؤكدا أن «ما حققوه من بطولات وإنجازات خلال السنوات الثلاث الماضية سيظل مبعث فخر لرجال القوات المسلحة ومحل تقدير من الشعب المصري العظيم، سوف تذكره الأجيال بحروف من نور على مر العصور».

وتحث السلطات المصرية المواطنين على المشاركة بقوة في الانتخابات الرئاسية، لتأسيس شرعية جديدة لنظام ما بعد 30 يونيو (حزيران)، وفي آخر كلمة له قبل الصمت الانتخابي، وجه المشير السيسي كلمة دعا فيها جموع المصريين للمشاركة بكثافة في الاقتراع، وحرص على تأكيد أن دعوته لا علاقة لها بكونه مرشحا رئاسيا.

وقال السيسي خلال كلمته التي بثها التلفزيون الرسمي، ومعظم القنوات الفضائية الخاصة مساء أول من أمس، إن «مصر تمر بمرحلة فارقة، وإن المصريين في الخارج قدموا مثلا رائعا، والدنيا شاهدتهم وهم يدلون بأصواتهم في الانتخابات، هذا المظهر أعطى صورة قوية في الخارج والداخل، لذلك نريد إنهاء خارطة المستقبل بشكل رائع، لكي نعطي رسالة قوية للخارج والداخل، نزول المصريين سيكون رسالة قوية عن إرادة الشعب».

ويتوقع الكثير من المراقبين أن يحقق المشير السيسي فوزا مريحا على خصمه اليساري صباحي، لكن يبدو أن التهديدات الأمنية هي أكثر ما يزعج السلطات في الوقت الراهن، وسط مخاوف من استهداف مقار الاقتراع. وقال اللواء عبد اللطيف، المتحدث الرسمي باسم الداخلية إن «الانتخابات الرئاسية تمثل تحديا جديدا لأجهزة الأمن والشرطة المصرية، لقد نجحنا في تأمين الاستحقاق الأول من خارطة المستقبل (الاستفتاء على دستور البلاد الجديد)، في وضع أمني أصعب من الوضع الحالي، لكننا مقبلون على تحدٍّ جديد للأجهزة الأمنية».

وأعرب اللواء عبد اللطيف عن ثقته في أن قوات الأمن وأنها ستنجح في تأمين الاستحقاق الرئاسي وعبوره، كما عبرت بالاستحقاق الأول، وأضاف قائلا: «أحذر أي شخص يحاول تعطيل أو تعكير صفو العملية الانتخابية.. فلا يلومن إلا نفسه».

وأشار المتحدث الرسمي باسم الداخلية إلى أن وزارته «تعتمد على الحيادية الكاملة تجاه كلا مرشحي الرئاسة»، لافتا إلى أن الوزارة وفرت كل الإجراءات والتدابير الأمنية اللازمة لهما، سواء التأمين الشخصي أو تأمين كل تحركاتهم أو مؤتمراتهم، وكذلك تأمين مقرات حملاتهم الانتخابية بنفس المستوى.

واستنفرت مؤسسات الدولة في مسعى لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وقال الدكتور محمد سلطان، رئيس هيئة الإسعاف: «إن وزارة الصحة أعدت خطة متكاملة يومي الانتخابات الرئاسية بوجود 2500 سيارة في جميع المحافظات وتخصيص خط مفتوح لاستقبال أي حالات صحية».

وأضاف سلطان في تصريحات صحافية أمس أن هيئة الإسعاف قامت بوقف جميع الإجازات، موضحا أن هناك تأمينا للأدوية وتوفير أكياس الدم لتفادي أي أحداث طارئة، لافتا إلى وجود اتصال مباشر بوزارة الداخلية والقوات المسلحة لإبلاغهم بأي أحداث من الناحية الطبية وعدد المصابين.

وفي دعم إماراتي للمسار السياسي في مصر، قالت مصادر في مطار القاهرة الدولي إن 15 عربة مدرعة قادمة من الإمارات لصالح وزارة الداخلية وصلت أمس، مضيفة أن العربات نقلت على متن طائرتين عسكريتين وجرى تسليمها لمسؤولي وزارة الداخلية تمهيدا لإعدادها للعمل في توفير الحماية اللازمة خلال الانتخابات الرئاسية، ومواجهة أي محاولات للعنف أو الإخلال بالوضع الأمني خلال العملية الانتخابية.

وتأتي تصريحات المسؤولين المصريين بعد ساعات من مقتل ثلاثة محتجين في مواجهات مع قوات الأمن خلال مظاهرات دعت إليها جماعة الإخوان يوم الجمعة الماضي. وقابلت الجماعة والقوى المتحالفة معها رسائل السلطات المصرية بتأكيد سلمية فعالياتهم الاحتجاجية، وقال مجدي قرقر القيادي في تحالف دعم الشرعية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن التحالف دعا أنصاره للتظاهر بعيدا عن مقار الاقتراع تجنبا لمواجهات دامية مع قوات الأمن.

وأشار قرقر إلى أن المظاهرات تهدف إلى إظهار ما سماه «بطلان» الانتخابات الرئاسية التي بنيت على مسار وصفه بـ«الباطل»، مؤكدا أن الطريق إلى الحوار مع السلطات الحالية مغلق.

ولم تنعكس النبرة الهادئة لقرقر على بيان تحالف دعم الشرعية الذي صدر مساء أول من أمس. وقال البيان إن الأسبوع الحالي سوف يشهد «حراكا مهيبا وقويا وقاهرا نصرة للدماء الطاهرة التي أريقت ورفضا للهزل والباطل».

وجه التحالف رسالة إلى الغرب، قائلا: «عاش شباب مصر الحر الذي أعلن للعالم كله أنهم أحرار حقا، وأنهم سيبقون في الشوارع بطول مصر وعرضها، وليعلم مدّعو الحرية من الأوروبيين والأميركان والصهاينة كيف خرج هذا الجيل من قلب الفساد والقهر والفقر والظلم الذي صنعوه، ودعموه، ليسطر بدمائه تاريخا جديدا للأمة والعالم أجمع».

وفي سياق متصل، قضت محكمة جنح مدينة نصر، المنعقدة في معهد أمناء الشرطة بمنطقة سجون طرة (جنوب القاهرة)، بحبس 19 طالبا من جماعة الإخوان لمدة خمس سنوات، وغرامة مالية قدرها 20 ألف جنيه (نحو 2850 دولارا)، وثلاث سنوات لطالب واحد، بينما برأت آخر، لإدانتهم في أحداث شغب وعنف وقعت بمنطقة مشيخة الأزهر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.