سامح عاشور: الحكم في مصر سيكون «دستوريا» وليس عسكريا

نقيب المحامين المصريين قال لـ «الشرق الأوسط» إن المنافسة في الرئاسة بين مرشحين من معسكر الثورة

نقيب المحامين المصريين سامح عاشور
TT

عد رئيس الحزب الناصري نقيب المحامين المصريين سامح عاشور أن الانتماء للناصرية لا يعني دعم المرشح الذي ينتمي لهذا التيار، وقال إن المشير عبد الفتاح السيسي هو مرشح الضرورة، وقيمة جديدة تستحق الوقوف خلفها حتى نعبر بمصر من المرحلة الانتقالية، مشيرا إلى أنه كان يتمنى وجود مرشح من النظام السابق في السباق الرئاسي، وألا يخوض حمدين صباحي المنتمي للتيار الناصري هذا السباق للمرة الثانية، وأن يدفع بمرشح من معسكره السياسي.

وأوضح عاشور في حديث مع «الشرق الأوسط» أن الخلفية العسكرية للسيسي لا تعني تسليم الحكم للعسكريين، وإنما الحكم في مصر سيكون دستوريا وسيدار وفقا للدستور مع أي مرشح، مشيرا إلى أن الشعب كما يطالب بوجود رئيس قوي يحتاج إلى معارضة قوية لا يصنعها الحاكم، وهم عازمون على أن يقوموا بمعارضة موضوعية بعد الانتخابات.

وحول المعايير التي استند إليها في تأييده للسيسي، قال: «السيسي هو مرشح الضرورة المناسبة؛ لأن الظرف الحالي يفرض وجوده رئيسا، لأنه لا يصح أن يكون وزير دفاع تحت مظلة أي رئيس آخر في ظل الحالة الشعبية الكبيرة التي تؤيده وتقف خلفه. كما أنه لو استمر في منصبه وزيرا للدفاع في ظل شعبيته هذه سيكون هناك تناقض مع الرئيس الموجود، أو أن يكون الرئيس شعبيته أقل من وزير الدفاع، والخياران في غاية الخطورة، فكان حل تلك المعادلة هو أن يترشح للرئاسة، وأن نقف إلى جواره للعبور بمصر من هذا النفق ومن مرحلة الفوضى التي تحاول جماعة الإخوان المسلمين أن تلعب بها في الشارع المصري».

وذكر عاشور أن الخلفية العسكرية للمشير السيسي رمزية مهمة لأنه استهدف باعتباره عسكريا وباعتباره قائدا عاما للقوات المسلحة، موضحا أن «هذا ليس معناه أننا نسلم رئاسة البلد للعسكريين وإنما الشخصية العسكرية لنا نحن المصريين تعني الشخصية المنضبطة، وبالتالي الحكم في مصر سيكون حكم دستوريا وفقا للآليات التي يحددها الدستور، ولن يكون مقبولا أن يكون هناك حكم بالضبط والربط، أو أن يكون الحكم مخالفا للدستور».

وحول عدم تأييده لمنافس السيسي حمدين صباحي، وهو من الاتجاه الناصري الذي ينتمي إليه كونه رئيسا للحزب الناصري، وكيف يرى أوجه الشبه بين السيسي وجمال عبد الناصر، قال عاشور: «السيسي ليس جمال عبد الناصر، ومن الظلم أن نحمل السيسي كهيئة عبد الناصر، لأن ناصر حالة غير قابلة للتكرار، والسيسي حالة جديدة وقيمة جديدة رغم أنه يحمل الخلفية نفسها، والناصرية هي الوطنية، وبالتالي ليس من الضرورة أن أختار مرشحي للرئاسة من يحمل الاتجاه الفكري أو السياسي نفسه، إذا لم يكن لديه إمكانيات النجاح والعبور بمصر من تلك المرحلة».

وحول إمكانيات النجاح والعبور التي يجب أن تتوافر في الرئيس القادم قال إن أهمها «التفاف الناس حوله، فمن دون قبول شعبي حقيقي لن يكون هناك أي نجاح؛ لأن المرحلة المقبلة صعبة ومحتاجة إلى رئيس يأخذ قرارات صعبة، وشعب لديه رغبة في أن يتعامل معه، والشعب لن يضحي لأي شخص إلا إذا كان يثق فيه ويحمل له الامتنان على عكس الإخوان، فهم بدوا وكأنهم ليسوا من مصر، جاءوا ليسيطروا على مفاصل الدولة، وتضيع مصر، ووجدنا من يتصدى لهذا، فوجدنا مقاومة سياسية من القوى السياسية، ثم انحاز السيسي في الوقت المناسب الذي أعلنت فيه الإخوان أنها ستصفي الثورة وهذا دين كبير يحمله الشعب له».

وحول ما إذا كان الدعم الشعبي للسيسي سيكون في صالحه أو العكس إذا لم يحقق طموحات الجماهير، قال عاشور: «عندما نجح محمد مرسي في انتخابات الرئاسة الماضية كان بتفوق بسيط في الأصوات، والناس بدأت تقيمه وتحاسبه بعد مائة يوم من فترة الرئاسة، أما المشير السيسي فستعطي له الناس فترة زمنية أكبر وستؤخر الحساب له، وستصبر سنة واثنتين، ولا أعتقد بعدها أن يصبر أحد على أي شخص، وأرى أن هناك ملامح مشروع قومي يقدمه المشير السيسي».

وحول رأيه في تجربة حمدين صباحي الثانية لخوض انتخابات الرئاسة، وهل هي خطوة جريئة، خاصة أن المعركة أمام السيسي في هذه الظروف، قال عاشور: «كنت أتمنى ألا يخوض صباحي الانتخابات الرئاسية، فأنا لست مع أن يخوض الانتخابات المرشحون السابقون لها، وكان الأفضل له أن يبحث عن شخصية من فصيله وتياره ويقف إلى جوارها لتجديد الرؤى، وهو عندما أعلن ترشحه أعلنه بشكل شخصي دون تشاور مع القوى السياسية، لأنه استبق عملية الترشح».

وأضاف عاشور: «كنت أتمنى أن يكون في انتخابات الرئاسة شخص من تيار الثورة، وآخر من تيار النظام السابق، ولكن الانتخابات الحالية بين اثنين من فصيل واحد وهو الثورة؛ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران)، وكنت أود أن يكون هناك مرشح من الرؤية الأخرى؛ إسلاميا أو غير إسلامي، بحيث نضمن التعددية».

وحول صلاحيات الرئيس بعد إقرار دستور جديد للبلاد، وعلى ضوء مشاركته في لجنة الخمسين التي وضعت التعديلات الدستورية، وكيف سيكون شكل إدارة الرئيس القادم للدولة، قال نقيب المحامين: «هناك بالفعل تقليص لصلاحيات الرئيس في الدستور، وهذا مؤشر على أن المرحلة المقبلة مرحلة ائتلاف واصطفاف وطني، وليست مرحلة رئيس أوحد أو رئيس واحد، وحتى البرلمان المقبل لن يكون فيه أغلبية أكثر من 30 أو 40 في المائة، فأي رئيس سيكون محتاجا إلى الجميع، وكل الأحزاب والقوى ستحتاج إلى الرئيس، وبالتالي لا يمكن إقصاء فصيل على حساب آخر».

وعن رأيه حول مكان ما للإخوان في الحياة السياسية المصرية في الفترة المقبلة، خاصة أن كلا المرشحين أكد أنه لا وجود للإخوان جماعة أو حزبا في عهدهما قال عاشور: «الإخوان بالشكل التنظيمي الحالي لا يصلحون للالتئام أو الدخول في الخريطة السياسية المصرية، فهذا مستحيل، لأن منهج التنظيم قائم على الولاء للجماعة، دون اعتبار للوطن، وبهذه الصيغة لا يصلح الالتئام، إلا إذا أعادوا صياغة أنفسهم بوجوه وقيادات ورؤية جديدة».

وأكد عاشور أن الخلفية الإسلامية ليس أحد ضدها، ولكن الخلفية التنظيمية هي التي نقف ضدها، وفكرة السمع والطاعة لا يمكن أن تتفق مع الوضع الجديد للدولة.

وعما إذا كانت ممارسات الجماعة واحتجاجاتها المستمرة في الشارع ستمثل تحديا كبيرا أمام الرئيس القادم قال عاشور: «بالتأكيد، لأن الجماعة لديها إصرار على إفشال الدولة والانتخابات والإفساد، وهم لديهم كفاءة عالية في الائتلاف والإفساد والتدمير، ولا توجد لديهم كفاءة البناء.. والجماعة لن تستطيع البقاء بحالتها الحالية. كما أن هناك رفضا شعبيا لهم ولمشروعهم، لأن الجماعة إذا أرادت أن تنجح مشروعها فيجب أن يدخل كل الشعب المصري الإخوان وهذا مستحيل، لأنه في هذه الحالة لن تكون هناك قيمة للدستور ولرئيس الجمهورية ولا لمجلس النواب. فالجماعة ولاؤها الأساسي للتنظيم وليس للدولة، ولذا فنحن لم نسقط محمد مرسي أو رئيس جمهورية منتخبا، ولكن نحن أسقطنا من أسقط رئيس الجمهورية، لأن تنظيم الإخوان هم من أسقط شرعية الرئيس المنتخب».

وحول رؤيته للتيار السلفي، وهل سيكون بديلا للإخوان أم أن الشارع لن يقبل بأي تيار ذي خلفية إسلامية مرة أخرى، قال عاشور: «الشعب سيقبل الرؤية الإسلامية، ولكن مستقبلها لن يكون إلا على يد التنظيمات المدنية، حيث يجب أن تكون هناك تنظيمات ووجوه جديدة وخطاب مختلف».