«عين شمس» بالقاهرة.. تتحدى مظاهرات «الإخوان» بالتصويت في انتخابات الرئاسة

أصبحت منطقة مراوغة للسلطات بعد عزل مرسي

TT

بصوتها المرتفع المثقل بتراكمات السنين، قالت نبيلة حسن، وهي سيدة سبعينية: «نعم للتصويت في انتخابات الرئاسة.. نعم للسيسي بالعند في (الإخوان)، ومبروك عليك مصر والمصريين»، وتابعت بقولها: «عنف جماعة الإخوان المسلمين في عين شمس لن يمنعي من الإدلاء بصوتي لصالح السيسي».

السيدة نبيلة تسكن في حي عين شمس (شرق القاهرة)، وهو من الأحياء التي تمثل «بؤرا ملتهبة» للسلطات المصرية، نظرا للمظاهرات اليومية التي تدعو لعودة الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان.

يضيف محمد محمود، من سكان حي عين شمس، أنه «منذ عزل مرسي.. والمظاهرات يجري تنظيمها بشكل يومي للمطالبة بعودته، علاوة على الضرب والتكسير وحرق البنايات والكنائس والمواطنين الذين يعترضون على المسيرات».

وعين شمس هو حي تاريخي ضارب في القدم منذ عصر الفراعنة، واكتسب اسمه من اللغة المصرية القديمة، ويعد من أعرق أحياء القاهرة، حيث يقع على بقايا أقدم مدينة أثرية، وقد لعبت دورا مهما وكبير الأثر في التاريخ المصري القديم وكانت تسمى مدينة أون الأثرية «هليوبوليس»، وأهم الاكتشافات به مقبرة «بان حثي» من الأسرة الـ2، وهو كبير الأمراء في تلك الفترة، كما يحتوي الحي على معبد الشمس الذي يسمى به الحي «مقر عبادة أون».

لكن هذا الحي التاريخي، كما يقول محمد محمود (40 سنة)، تحول إلى «بؤرة» داعمة لجماعة الإخوان المسلمين عقب الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك عام 2011 عقب ثورة «25 يناير»، وتحول الحي الذي يتميز بكثرة البسطاء فيه إلى مركز قوي استغله تيار الإسلام السياسي خلال انتخابات الرئاسة الماضية التي فاز بها مرسي، وخلال الانتخابات البرلمانية السابقة التي حصدها تيار الإسلام السياسي وفي مقدمتهم جماعة الإخوان.

يضيف محمود: «(الإخوان) كانوا يلعبون على أهالي الحي البسطاء ويستغلون عوزهم وحاجاتهم بالمواد التموينية (زيت وأرز وسكر)، إضافة إلى تقديم الخدمات العلاجية والصحية والمبالغ النقدية بشكل شهري، لنيل أصواتهم في الانتخابات».

وينقسم حي عين شمس إلى عين شمس الشرقية والغربية، يفصل بينهما خط سكك حديد القاهرة - السويس وخط مترو أنفاق القاهرة (المرج - حلوان)، وتقع منطقة عين شمس في شرق القاهرة وتطل على مصر الجديدة والمطرية ومدينة السلام.

وكان حي عين شمس مليئا بالقصور وبه قصر الأمير يوسف كمال الذي صور به عبد الحليم حافظ أغنية «الحلوة» في فيلم الخطايا.. كما داعب الحي بعض قصائد أمير الشعراء أحمد شوقي، خاصة في فترة نفيه عن مصر بإسبانيا، حيث تحول الحي إلى رمز للحنين إلى الوطن والتغني بأمجاده ومآثره، وكذلك يوجد به منزل الإمام المجدد محمد عبده الذي أوصى بتحويله إلى مدرسة تحمل اسمه، كما توجد به مزرعة الزهراء لتربية الخيول العربية الأصيلة وهي مزرعة عالمية كانت من أملاك الملك فاروق.

وتزايدت أعمال العنف والتفجيرات في مصر عقب عزل مرسي، ويتظاهر أنصار جماعة الإخوان التي أعلنتها السلطات «منظمة إرهابية»، في عين شمس والمناطق المتاخمة لها؛ المطرية وعزبة النخل بشكل شبه يومي، رفضا لترشح المشير عبد الفتاح السيسي قائد الجيش السابق للانتخابات الرئاسية. ويدعو أنصار المعزول أهالي عين شمس لمقاطعة الانتخابات ويعتدون على مؤتمرات دعم السيسي، ويقومون من وقت لآخر بتمزيق لافتات السيسي؛ لكن نبيلة حسن تقول: «سوف ننزل للتصويت في الانتخابات وعدم المقاطعة.. ولن ترعبنا دعوات وتهديدات (الإخوان)».

وفي هذا السياق، نظمت الكثير من العائلات الكبيرة في عين شمس عددا من المؤتمرات الداعمة للسيسي، وتقول أمينة صبره (33 سنة): «حرصت العشرات من السيدات على حضور المؤتمر الجماهيري لدعم المرشح الرئاسي السيسي»، لافتة إلى أن السيدات رفعن صور السيسي وأعلام مصر وشاركن في المؤتمر بـ«الزغاريد والرقص على أغنية تسلم الأيادي» وترديد الهتافات المؤيدة للسيسي. وأضافت أن المؤتمرات الحاشدة للسيسي هي بمثابة تحد واضح لجماعة الإخوان التي تتخذ من حي عين شمس وكرا لها.