بوتفليقة يواجه مصاعب في حشد التأييد لمسعى تعديل الدستور بسبب رفضه من أغلب أطراف المشهد السياسي

أويحيى يسعى لإشراك قيادات بـ«جبهة الإنقاذ» في المشاورات

TT

تواجه الرئاسة الجزائرية صعوبة كبيرة في حشد التأييد لمسودة تعديل الدستور، الذي عرضته على الطبقة السياسية وأطياف المجتمع. فقد رفضته غالبية أحزاب المعارضة الكبيرة والشخصيات الهامة بذريعة أنه «مناورة هدفها الالتفاف على مطلب التغيير». وتسعى الحكومة حاليا إلى البحث عن «بدائل» للمشاركة في الاستشارة حول الدستور الجديد، التي ستنطلق الشهر المقبل.

وقال قيادي بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة لـ«الشرق الأوسط»، إن مقربين من وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيى، اتصلوا برفاقه القياديين في الحزب ليعرضوا عليهم مقترحات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بخصوص تعديل الدستور. وأوضح المصدر، الذي رفض نشر اسمه، أن قياديين في «الإنقاذ» وجدوا أنفسهم في حرج إزاء التعاطي مع العرض، بعد أن رفضه نائب رئيس الحزب علي بن حاج بشدة.

وأضاف القيادي الذي قضى فترة في السجن، مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي، أن قياديي «الإنقاذ» الذين اتصل بهم أويحيى «غير متحمسين لإبداء الرأي في مشروع الرئيس بوتفليقة، من منطلق كونهم رموزا في حزب خاض صراعا مريرا مع السلطة وتعرض لظلم شديد على يديها، ولكن إذا قررنا المشاركة في الاستشارة بشأن وثيقة تعديل الدستور، فستكون مشاركتنا كأفراد حتى لا نقحم الحزب وقيادته التاريخية في أي خطوة قد نخطوها في طريق شقته السلطة». يشار إلى أن بوتفليقة كلف أويحيى إدارة المشاورات مع الأحزاب والشخصيات والتنظيمات والنقابات حول الدستور، تحسبا للأخذ برأيها في التعديل الدستوري المرتقب العام المقبل. ولا يعرف إن كان المشروع سيجري عن طريق الاستفتاء الشعبي، أم بالتصويت عليه في البرلمان.

ونشر بن حاج أمس، رأيه في مقترحات الدستور، بموقعه الإلكتروني، إذ قال: «نرفض الدخول في مناقشة المسودة وإبداء الاقتراحات، ولا خير في دستور يرسم دستوريا تقاسم السلطة بين الأجنحة المتصارعة»، مشيرا إلى أن «استمرار بوتفليقة في الحكم وهو مريض يعرض البلاد لانعدام الاستقرار.. والصراع الجاري بين أجنحة النظام يختفي حينا ثم يعود، ولن تتخلص منه البلاد إلا برحيل النظام جملة واحدة».

وأضاف بن حاج، المعروف بتشدده في معارضة السلطة: «من العبث الخوض في مناقشة مسودة الدستور مع هذه السلطة الفاقدة للتمثيل الشعبي، التي تتلاعب بالدستور وتريد توريط الأحزاب والشخصيات الوطنية في هذا الأمر، ثم تخرج لنا دستورا وفق هواها، والأوجب تركها وحدها. والأعجب في كل هذا، أن المشرف على مشاورات الدستور (أويحيى) رجل معروف بمواقفه الاستئصالية (معادي للإسلاميين)، فقد فشل على رأس حزبه (استقال من رئاسة التجمع الوطني الديمقراطي) وفشل على رأس الحكومة وله مواقف كثيرة غير مشرفة». وذكرت مصادر حكومية أن مدني مزراق، زعيم «الجيش الإسلامي للإنقاذ» الذراع المسلحة لـ«جبهة الإنقاذ» سابقا، أبدى تحفظا على المسعى بعد أن تلقى اتصالا من مساعدي أويحيى. وأوضحت المصادر أن إشراك أي شخص شارك في العمل المسلح واستفاد من تدابير في إطار مشروعي «الوئام» (1999) أو «المصالحة» (2006)، لا يحقق الإجماع بين مسؤولي الدولة بذريعة أن جمعيات ضحايا الإرهاب وفئات المجتمع التي تضررت من أعمال الإرهاب في تسعينات القرن الماضي، ستحتج بقوة وقد تخرج إلى الشارع للتعبير عن رفضها «إقحام الإرهابيين» في أي مشروع سياسي. وصرح مزراق للصحافة في مرات كثيرة، بأن حمله السلاح برفقة ستة آلاف من عناصر جماعته «كان دفاعا عن حق حرمنا منه النظام»، في إشارة إلى تدخل الجيش مطلع 1992 لإلغاء نتائج انتخابات البرلمان التي حققت فيها «جبهة الإنقاذ»، فوزا ساحقا.