وزير الطاقة الإيراني: الزراعة ستنهار إذا لم نقُم بإدارة استهلاك المياه

شح المياه يهدد المدن الكبرى في إيران

TT

صرح وزير الطاقة الإيراني حميد جيت جيان بأن «عدم إدارة استهلاك المياه، واستمرار التنقيب عن الماه الجوفة بطرق غير قانونية، يؤديان إلى انخفاض منسوب المياه، وارتفاع نسبة الملوحة في السهول، والجفاف، وبالنهاية إلى انهيار الزراعة في البلاد».

وأشار الوزير الإيراني خلال اجتماع محلي مع مسؤولي إدارة المياه والمصادر الطبيعة في مدينة شيراز (جنوب) أول من أمس إلى أن «التكاليف الباهظة لاستخراج المياه ستجعل من الزراعة مهمة مستحيلة»، وقال: «لا يمكن تحمل تكاليف إنتاج المحاصيل الزراعية بسبب الكلفة الباهظة لعملية استخراج المياه والري».

وأضاف جيت جيان: «يصل متوسط القيمة المضافة للمنتجات الزراعية في البلاد إلى 30 سنتا لكل متر مكعب من المياه المستهلكة. ويبلغ هذا الرقم دولارين في دول المنطقة».

وانخفض حجم هطول الأمطار في إيران بنسبة 23 في المائة خلال العام الماضي، ما أدى إلى تقلص نسبة المياه الحالية بنسبة 46 في المائة.

وقال الخبير الإيراني في مصادر المياه محمد رضا فاطمي في تصريح لـ«لشرق الأوسط» أمس: «لقد طلب كوروش الكبير منذ 2500 عاما أن يصون البلاد من الهجمات الخارجية، والجفاف، والكذب. وهذا يشير إلى أن أزمة شح المياه في إيران ليست وليدة اللحظة، كما أننا نفتقر إلى خطة حكومية شاملة لتخزين المياه، والاقتصاد في المياه، بما يدل على أن سوء إدارة المياه هي المشكلة الرئيسة». ‎ وأضاف فاطمي: «كنا نتوقع أن نواجه أزمة شح المياه خلال العام الحالي، غير أنه لم يتخذ أية إجراءات وبرامج عملاقة للحد من استهلاك المياه. يمكننا أن نشير إلى أزمة المياه إلى طهران وهي العاصمة والمدينة التي يقطن فيها أكبر نسبة من سكان البلاد، إذ قالوا بأن حفر الآبار هو الحل لهذه المعضلة التي تواجهها طهران. ولكننا نعلم أن ماه الآبار ملوثة بالنيترات، وأن دخول هذه المياه الملوثة إلى شبکة المياه أدى إلى عدم محاصصة المياه حتى الآن».

وحذر مدير قسم المختبرات في منظمة الأغذية والأدوية في وزارة الصحة الإيرانية حسين رستكار في أوائل مايو (أيار) من «تلوث المياه في طهران بمادة النيترات»، وعد أن هذه المشكلة ناجمة عن «قلة المياه».

وأضاف رستكار: «أشارت الدراسات التي أجريناها نحن ووزارة الصحة على مياه طهران منذ عامين إلى ارتفاع مستوى النيترات بسبب شح المياه، وامتزاج المياه الصالحة للشرب مع مياه الآبار. الأمر الذي أدى إلى تلوث المياه الصالحة للشرب بمياه الصرف الصحي. وقد أرسلنا آنذاك «رسالة سرية» إلى الجهات المعنية التي أجرت الإصلاحات اللازمة بهذا الشأن».

وقال فاطمي: «إن عملية تنقية المياه لجعلها صالحة للشرب تكلف كثيرا، ولا يجري فصل المياه الصالحة للشرب عن المياه المنزلية، مما يدل على سوء إدارة المياه في إيران».

وأكد وزير الطاقة الإيراني على أن «التكاليف الباهظة لاستخراج المياه لا تشكل تهديدا على منسوب المياه، بل إن التنقيب عن المياه الجوفية بطرق غير قانونية هو الذي يمثل تهديدا لصناعة الزراعة واستهلاك المياه على المدى الطويل».

وأضاف فاطمي: «إن بناء السدود بشكل غير منتظم يؤدي إلى جفاف الأنهار في الوقت الذي نعتمد أساليب زراعية قديمة. لم يجرِ إضفاء طابع مؤسسي على أنظمة الري الحديثة في إيران. على الحكومة أن تعتمد سياسات لتطوير أنظمة المياه واستهلاكها، الأمر الذي لم نلاحظه حتى الآن».

* 17 مدينة كبيرة في إيران تواجه أزمة شح المياه قال الرئيس التنفيذي لشركة إدارة المياه والصرف الصحي في إيران حميد رضا جانباز في لقاء مع مسؤولي إدارة المياه إن «17 مدينة كبيرة و517 مدينة تواجه أزمة شح المياه خلال العام الحالي بسبب مواصلة انخفاض الأمطار الموسمية في البلاد».

وتواجه مدن أراك وأصفهان وشيراز وقزوين وقم وكرج وكرمان ومشهد وهمدان ويزد أزمة شح المياه، مما يعني أن 37 مليونا من المواطنين الذين يشكلون نسبة 50 في المائة من إجمالي السكان في إيران يتعرضون لأزمة المياه.

وأشار جانباز إلى أجهزة الصيانة وتخزين المياه للمشاريع العمرانية وقال: «وزارة الطاقة ستعتمد خططا لاستخدام المياه المتبقية من مياه الصرف الصحي في المشاريع الصناعية».

وقال مدير منظمة حماية البيئة للشؤون التدريبية والمشاركة الشعبية محمد درويش في تصريح لوكالة «إيلنا» للأنباء: «إن غياب الإدارة الصحيحة والكفؤة يشكل التهديد الأكبر للمياه بأكثر من الجفاف».

وأضاف درويش: «كلنا يعلم بأننا نواجه الجفاف، ونعيش في بلد يكثر فيه الجفاف، ولكن ما هو أسوأ من الجفاف هو غياب الإدارة السليمة».

وتابع درويش: «إن السبب الرئيس للأزمة الراهنة يتمثل في الإدارة الفاشلة للمشروع الشامل الذي جرى تدشينه في الثمانينات ومطلع التسعينات لإدارة المياه في البلاد (جاماب)».

وقال درويش: «يقر المسؤولون بنفاد نحو 85 في المائة من مصادر المياه، وهذا يمثل خطوة انتحارية. غياب الإدارة الصحيحة أدى إلى هذه الكارثة».

وطالب درويش باعتماد أساليب حديثة لمواجهة الجفاف وقال: «لماذا يجب أن نبني 600 سد لتخزين المياه؟ لماذا نشهد إنشاء السدود في بلد يبلغ مستوى تبخر المياه فيه نحو ثلاثة آلاف مليمتر إلى أربعة آلاف مليمتر في معظم المناطق؟».