مقرات الاقتراع في محافظات مصر الحدودية تواجه «مخاوف الاستهداف»

دمج اللجان في سيناء لزيادة التأمين.. ولجان شعبية من القبائل بمطروح

جنود يحملون أكياسا من الرمل لصنع حواجز أمام أحد المقرات الانتخابية في محافظة الإسكندرية أمس استعدادا للاقتراع اليوم وغدا (أ.ف.ب)
TT

تبدأ محافظات مصر الحدودية التصويت، اليوم، في انتخابات الرئاسة، وسط مخاوف شعبية من تأثير حالة الانفلات الأمني في تلك المحافظات على سير العملية الانتخابية. ويرى مراقبون، أنه «رغم أن المحافظات الحدودية لا تحظى بكثافة سكانية كبيرة، فإن المخاوف الأمنية والطبيعة الجغرافية وتوزيع لجان التصويت تمثل تحديات أمام مشاركة أهالي تلك المناطق الانتخابية، بما ينعكس على تصنيفها الانتخابي كأقل المحافظات من حيث الإقبال والمشاركة».

وقال رئيس جمعية القبائل العربية، الشيخ علي فريج، إن «هناك مخاوف من استهداف لجان الاقتراع في سيناء»، لكنه أكد في المقابل وجود إجراءات أمنية مشددة من القوات المسلحة والشرطة بالتنسيق مع القبائل للتصدي لأي استهداف للجان. وأكد منسق عام قبائل مطروح، الشيخ مسعد العزولي، أن «شيوخ القبائل والعائلات قرروا تشكيل لجنة شعبية تعاون الأجهزة الأمنية في تأمين مقار اللجان».

وتتقدم تلك المحافظات الحدودية، سيناء في الشرق، وهي مقسمة لمحافظتين في الشمال والجنوب، ثم مطروح في الغرب، وجنوبا تأتي محافظة أسوان ومنطقة حلايب وشلاتين في البحر الأحمر والوادي الجديد.

وتأتي قضية الوضع الأمني في سيناء وتطهيرها من البؤر الإرهابية وتحقيق التنمية لأهلها بجانب الاهتمام بالموارد الطبيعية في مطروح بالتزامن مع مخاوف على الجهة الأخرى من تأثير ما تشهده ليبيا على الحدود المصرية في الغرب، إلى جانب وضع تسوية حقيقية لملف النوبة في الجنوب والاهتمام بالمصريين في منطقة حلايب، ضمن التحديات الاستراتجية التي تؤثر على أبعاد الأمن القومي المصري وتفرض على الرئيس القادم الاهتمام بها.

وكان المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي قد التقى في مارس (آذار) الماضي ممثلين للقوى المجتمعية والقبائل بالمحافظات الحدودية، ومنهم ممثلو النوبة وعدد من مشايخ القبائل في مطروح وممثلو القبائل في سيناء لتأكيد اهتمامه بهم وبمشكلاتهم. ويقول مراقبون: «لا تحظى المحافظات الحدودية بوجود سياسي أو حزبي كبير، نظرا لأن الطبيعة القبلية وعادات المعيشة بين العائلات والقبائل هي التي تحكم المعيشة وإدارة الحياة بها، وبالتالي فإن تجمعات القبائل العربية ومجلس القبائل العربية هو صاحب الصوت المؤثر بتلك المحافظات».

وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) عام 2011، أعلن مجلس القبائل العربية عن تأسيس الحزب العربي للعدل والمساواة، والذي يضم في عضويته أبناء القبائل العربية بمختلف المحافظات ويمثلهم سياسيا، ولكن هذا لم يمنع بعض الأحزاب من الوجود النسبي.

والخريطة التصويتية لسكان المحافظات الحدودية تميل أغلبها للمشير السيسي، وخصوصا في سيناء، حسب ما يؤكده رئيس جمعية القبائل العربية الشيخ علي فريج، رئيس حزب العدل والمساواة المعبر عن القبائل العربية. وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن القبائل العربية أعلنت صراحة دعمها للسيسي، لكن هذا لا يمنع وجود بعض الأصوات المؤيدة لمنافسه حمدين صباحي.

وكان مجلس القبائل العربية قد عقد أكثر من مؤتمر شعبي لدعم السيسي في الانتخابات الرئاسية بعدد من المحافظات التي يكثر بها وجود تلك القبائل خلال فترة الدعاية الانتخابية. وقال فريج، إن «القبائل العربية منتشرة في معظم محافظات مصر، وقد يصل تعدادها إلى نحو 30 مليون مصري، لكن الكتلة الأساسية منها في سيناء ومطروح وفي جنوب البلاد».

وعن الوضع في سيناء خلال الانتخابات، عبر رئيس جمعية القبائل العربية عن مخاوف أهالي محافظتي شمال وجنوب سيناء من الوضع الأمني أثناء عملية التصويت بالانتخابات، قائلا إن «هناك مواجهة مستمرة بين القوات المسلحة والأجهزة الأمنية مع قوى الإرهاب الرافضة لخريطة المستقبل في سيناء. وهناك مخاوف من استهداف لجان الاقتراع في المنطقة».

وحاول رئيس جمعية القبائل العربية التقليل من تأثير تلك المخاوف على نسب الإقبال في الانتخابات المقرر لها اليوم (الاثنين) وغدا، وقال إن «هناك إجراءات أمنية مشددة من القوات المسلحة والشرطة بالتنسيق مع القبائل في سيناء للتصدي لأي استهداف للجان التصويت، باستثناء إذا كانت هناك محاولات فردية من أي شخص».

وأضاف الشيخ علي فريج، أن منطقة التوتر الحقيقية في سيناء تتمركز في الشريط الحدودي الملاصق لقطاع غزة، وفي منطقة رفح على امتداد 30 كيلومترا، وأن باقي المناطق والقرى في سيناء مؤمنة ولا توجد بها أي تهديدات أمنية، على حد قوله.

وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات الرئاسة الماضية عام 2012 بمحافظة جنوب سيناء نحو 40.3 في المائة، وفي شمال سيناء نحو 42.9 في المائة من إجمالي من يحق لهم التصويت من سكان المحافظتين، إلا أن الشيخ فريح كشف عن قيام لجنة الانتخابات بدمج بعض اللجان الانتخابية وتقليل توزيعها الجغرافي للتسهيل على الأجهزة الأمنية في تأمين مقار اللجان.

ويجري التصويت في شمال سيناء في 60 لجنة فرعية، في حين يصل عدد اللجان بمحافظة جنوب سيناء إلى 20 لجنة فرعية، وقامت القوات المسلحة المساعدة للجنة الانتخابات بنقل القضاة الذين سيشرفون على التصويت بتلك اللجان عبر طائرات حربية أول من أمس.

في السياق ذاته، قال فريج إن لجنة الانتخابات بدأت مع عملية الاستفتاء على الدستور مطلع العام الماضي، بتجميع لجان الاقتراع في سيناء، بحيث جرى فتح لجنة انتخابية لكل خمس قرى بدلا من فتح لجنة واحدة في كل قرية، لافتا إلى أن منطقة وسط سيناء بها 21 قرية جرى تجميع اللجان بها لتكون أربع لجان فقط، وهو ما سيجري الاعتماد عليه في انتخابات الرئاسة أيضا.

وحول إذا ما كان هذا الدمج سيؤثر على نسبة الإقبال من قبل الناخبين، قال فريج إن «دمج اللجان يمثل عبئا على الناخبين في سيناء نظرا لصعوبة التنقل وبعد المسافات بين القرى، ولكنّ مشايخ القبائل والقادة الشعبيين يساعدون الأهالي بتوفير وسائل تنقل للجان الاقتراع، ذلك لأنهم يتعاملون مع الانتخابات بجدية ويريدون توصيل رسالة خارجية بأن حكم جماعة الإخوان المسلمين خطأ لن يتكرر مرة أخرى».

وفي البوابة الغربية، حيث محافظة مطروح الملاصقة للحدود المصرية مع ليبيا، لم يختلف الوضع كثيرا عن سيناء في ظل تأثيرات مباشرة لتطورات الوضع السياسي والأمني في ليبيا على تلك المنطقة ومع كثرة انتشار السلاح بها. ويقول مراقبون، إن «البعد السياسي الأهم الذي تمثله محافظة مطروح، أنها أكثر المحافظات تصويتا وتأييدا للإخوان وللرئيس السابق محمد مرسي، وهو ما عبرت عنه نتائج التصويت في الانتخابات السابقة».

لكنّ منسق عام قبائل مطروح، الشيخ مسعد العزولي، نفى أن تكون نسب التصويت السابقة للإخوان في مطروح تعبر عن حجم وجود كبير للتيار الإسلامي هناك، وقال إن «الناخبين في مطروح أعطوا أصواتهم لمرشحي الإخوان كنوع من التغيير بعد ثورة يناير، وحتى لا يعود نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك بشخصياته، فهم كانوا يبحثون عن الجديد وكانوا يعتقدون أن الإخوان يمثلون عهدا جديدا».

وأضاف قائلا إنه رغم التحديات الأمنية الموجودة، فإن شيوخ القبائل والعائلات قرروا تشكيل لجنة شعبية تعاون الأجهزة الأمنية في تأمين مقار اللجان، ذلك أن كل لجنة فرعية تقع في نطاق جغرافي لقبيلة من القبائل العربية هناك، وبالتالي ستوفر الحماية للناخبين على سبيل «كرم الضيافة».

وقال العزولي، إن «هناك وجودا لمؤيدي المرشحين في الانتخابات، ودعاية لحشد الناخبين على التصويت، ولكن ما يقلق في عملية المشاركة هي الصورة التي يحملها كثير من الأهالي بأن الانتخابات محسومة لصالح مرشح بعينه، وبالتالي قد يؤثر ذلك سلبيا على نسب الإقبال رغم محاولات الحشد»، لافتا إلى أنه يجري التصويت في محافظة مطروح في 149 لجنة فرعية.

وفي جنوب مصر، حيث محافظة أسوان، ورغم بعد المسافة عن العاصمة القاهرة، فإن الوضع الأمني هناك ليس بالخطورة التي هو عليها سواء في سيناء أو مطروح، حيث جرى توزيع 253 لجنة انتخابية على مراكز المحافظة المختلفة.

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أنه رغم كبر مساحة محافظة أسوان، فإن نسب المشاركة بها في الانتخابات السابقة وصلت إلى 31 في المائة فقط من كتلة ناخبيها، لكنّ الناشط النوبي أحمد صالح، مدير معابد أبو سمبل في أسوان، قال إن «هناك قطاعات كثيرة من أبناء أسوان يريدون ترك بصمة في تلك الانتخابات، رغم كثرة مشكلاتهم وتجاهل الدولة لهم لسنوات».