بارزاني يهدد باستفتاء في كردستان في حال تولى المالكي ولاية ثالثة

احتدام الصراع بين مؤيدي حكومتي الأغلبية السياسية والشراكة الوطنية

رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني (رويترز)
TT

في موقف هو الأقوى منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت في العراق في الثلاثين من أبريل (نيسان) الماضي، هدد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني باللجوء إلى الاستفتاء في الإقليم الكردي الذي يتمتع بالحكم الذاتي في حال تولى رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي ولاية ثالثة.

ونقل بيان للحزب الديمقراطي الكردستاني عن بارزاني قوله خلال زيارته الحالية إلى باريس، إن «الأكراد لن يبقوا شركاء في حكومة يرأسها المالكي لذلك فإن كردستان ستبذل كل الجهود مع الأطراف الأخرى بغية إيجاد شريك حقيقي يرأس حكومة العراق الفيدرالي المقبلة». وأضاف بارزاني أثناء لقاء جمعه مع زعيم المعارضة السورية أحمد الجربا في باريس أنه «في حال نجاح نوري المالكي في تولي رئاسة الوزراء للمرة الثالثة، فإن خيارنا هو اللجوء إلى استفتاء شعبي في كردستان باتجاه إعلان صيغة أخرى لعلاقتنا مع بغداد».

ويأتي موقف الزعيم الكردي مسعود بارزاني من التجديد للمالكي في وقت حرج على صعيد المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة حيث يحاول المالكي استمالة الكثير من القوى والكتل الصغيرة من أجل تأمين الغالبية التي تؤهله لتشكيل الحكومة المقبلة بعد فوزه بأعلى المقاعد في البرلمان العراقي (95 مقعدا).

وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني شوان محمد طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقف الذي عبر عنه السيد مسعود بارزاني هو موقف كل القوى والكتل الكردستانية التي اجتمعت أخيرا وأعلنت موقفا واحدا واتفقت على خطاب كردي موحد وتوجه موحد وهو ما جعل بارزاني يقطع كل خيوط الأمل التي كان المالكي يراهن عليها متصورا أن ما يقوم به من أعمال يمكن أن يخضع في النهاية إلى المساومات السياسية». وأضاف طه «هناك أمور لا يمكن المساومة عليها وفي المقدمة منها الحقوق الثابتة للشعب الكردي وقوت المواطن الكردي حيث قطع المالكي منذ شهور رواتب الموظفين والمتقاعدين في الإقليم في موقف يجعلنا في وضع لا يمكن التفاهم معه بأي شكل من الأشكال». وأوضح طه أن «الحوارات التي يجريها الكرد الآن مع القوى السياسية الأخرى ومنها الأحرار والمواطن ومتحدون والوطنية تؤكد كلها أنه لا تمديد للمالكي تحت أي ظرف»، مشيرا إلى أن «المالكي يراهن على تفتيت النسيج الكردي وهو واهم لأنه لا يمكن لمثل هذا الأمر أن يتحقق لأن الكرد أدركوا جيدا أنه لا يمكن التفاهم مع المالكي الذي قطع أرزاق موظفي الإقليم من أجل أن يجعل الكرد يركعون إليه وقد أثبتت الأيام أنه واهم حيث بدأوا يبيعون النفط طبقا للدستور العراقي بينما لم يتمكن المالكي من إقرار قانون النفط والغاز مع أنه حكم لدورتين ويريد الثالثة».

في سياق متصل أكد عضو البرلمان العراقي عن الاتحاد الوطني الكردستاني حسن جهاد في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقف الكردي حيال مسألة تشكيل الحكومة المقبلة موحد ولا يوجد خلاف بين الحزبين الكرديين الرئيسين في هذا الشأن وقد جرى تشكيل وفد مشترك يضم كل القوى الكردستانية للتفاهم مع القوى والأحزاب الرئيسة في بغداد على الطريقة التي سوف يجري في ضوئها تشكيل الحكومة».

وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء العراقي زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي فشل في تفتيت الكتل السياسية والبرلمانية الكبيرة، فإنه نجح حتى الآن في استمالة عدد من الكتل الصغيرة التي رفعت رصيده من المقاعد إلى نحو 112 مقعدا. وبينما يسعى المالكي إلى تأمين الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية التي يعمل عليها بحصوله على 165 مقعدا فإن خصومه الكبار وهم (التحالف الكردستاني ومتحدون والتيار الصدري والمجلس الأعلى الإسلامي والوطنية والعربية) بدأوا تحركات كثيفة من أجل تكوين تحالف نيابي كبير من شأنه أن يؤمن الغالبية اللازمة لتشكيل الحكومة ورئاستي البرلمان والجمهورية.

وبحث قادة ائتلافات متحدون برئاسة أسامة النجيفي والوطنية برئاسة إياد علاوي والعربية برئاسة صالح المطلك نتائج الانتخابات والأوضاع في محافظة الأنبار. وقال بيان لائتلاف متحدون وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «النجيفي استقبل كلا من علاوي والمطلك وعقدوا اجتماعا موسعا حضره قياديون من الائتلافات الثلاثة نوقشت خلاله نتائج الانتخابات وما شابتها من خروقات قبل وأثناء إجرائها، والوضع السياسي والأمني خاصة في الأنبار وديالى وحزام بغداد، وما يعانيه المواطن من ظلم في هذه المناطق».

وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة متحدون محمد الخالدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التفاهمات بين الجميع قطعت شوطا مهما خصوصا أن أهم كتلتين في التحالف الوطني وهما المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر رفضا كل الضغوط باتجاه إبقاء المالكي لولاية ثالثة وبالتالي فإننا قادرون على تأمين أكثر من 200 نائب وهي أغلبية كافية وأكثر بكثير لتشكيل الحكومة وبسرعة دون مساومات». وأكد الخالدي أن «المالكي لم تعد لديه الآن سوى المساومات وشراء بعض النواب الذين لا يمكن أن يؤمنوا له الأغلبية مهما عمل». من جهته أكد رئيس ائتلاف المواطن باقر الزبيدي وهو أحد أبرز منافسي المالكي لرئاسة الوزراء أن تحالف صغار الكتل (في إشارة إلى محاولات المالكي التحرك على الكتل الصغيرة) سينتهي إلى المعارضة والكبار الأقوياء إلى حكومة منسجمة.