بوروشنكو.. ملياردير موال للغرب يطمح لإحلال السلام في أوكرانيا

مؤيدوه يعولون على خبرته.. ومعارضوه ينتقدون خلطه بين السياسة والمصالح التجارية

بوروشنكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في كييف أمس (إ.ب.أ)
TT

يعد الملياردير بترو بوروشنكو الذي جمع ثروته من مصانع الشوكولاته وحقق فوزا في الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا، بإحلال السلام خلال ثلاثة أشهر في الشرق في أوج حركة التمرد، وبتطبيع العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يعرفه جيدا.

يعد بوروشنكو (48 عاما) واحدا من أغنى عشرة أشخاص في أوكرانيا وواحدا من الذين يتمتعون بشعبية كبيرة. وهو الوحيد من أصحاب الثروات الذي قدم دعمه للمظاهرات المؤيدة لأوروبا في أوكرانيا. ولا يعد بوروشنكو المتخصص في العلاقات الاقتصادية الدولية، مبتدئا في السياسة؛ فقد كان وزيرا للاقتصاد في حكومة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش ووزيرا للخارجية ورئيسا للبنك المركزي في عهد فيكتور يوتشينكو الموالي للغرب.

ومن خلال توزيع الشوكولاته وتوجيه الانتقادات إلى الفساد في أوكرانيا، بات بوروشنكو إحدى ركائز المظاهرات في ساحة «ميدان» بكييف. وعند إعلان ترشحه للانتخابات قال: إن «الزمن الذي كان فيه رجال السياسة يكذبون على الشعب ولى».

ونظرا لتجربته الحكومية السابقة ومعرفته بالمسائل الاقتصادية، يعتقد كثيرون أنه قادر على إنعاش اقتصاد يواجه تراجعا مخيفا وعلى توحيد بلد ممزق. لم يتحدث بوروشنكو إلا نادرا على منبر ساحة الاستقلال لكنه صعد إلى جرافة «لتهدئة النفوس الغاضبة» المصممة على اقتحام الشريط الأمني حول مقر الرئاسة، وسط هتافات أطلقها عليه المتشددون الذين رشقوه بالشوكولاته وقطع نقود.

وبوروشنكو هو أيضا الرجل الوحيد الذي توجه إلى منطقة القرم للتفاوض مع القوات الموالية لروسيا التي كانت تحاصر البرلمان المحلي بعد سقوط يانوكوفيتش، قبل أن يطرده المتظاهرون. وقد وعد بـ«استعادة» شبه الجزيرة التي وافقت على التحاقها بروسيا خلال استفتاء عده القسم الأكبر من المجموعة الدولية غير شرعي.

ومنذ ذلك الحين ارتفعت شعبيته بشكل كبير وأصبح المرشح الأوفر حظا متقدما على منافسته بطلة الثورة البرتقالية في 2004 يوليا تيموشنكو بفارق ثلاثين نقطة.

ويقول فولوديمير فسينكو الخبير في الشؤون السياسية في مركز «بنتا» في كييف أن الناخبين يجمعون بالتأكيد على بوروشنكو أكثر مما يجمعون على يوليا تيموشنكو المثيرة للخلاف أو على رجال سياسة آخرين أقل خبرة. وأضاف أن «شريحة كبيرة من الشعب تريد أن يتولى الرئاسة شخص متمرس لإدارة الأزمة. وقد اكتسب بوروشنكو خبرته من مناصب حكومية كثيرة ويعد رجل أعمال حقق نجاحا كبيرا».

من جهته، قال فولوديمير غورباتش الخبير في المعهد الأوروبي الأطلسي «خلال الثورة والحرب يريد أي ناخب من يحميه مثل أب، وبوروشنكو أظهر أنه مسؤول وحام. كان في الوقت المناسب وفي المكان المناسب»، ولم يستبعد أن تتراجع شعبيته بعد توليه مهامه.

وفي 2012. عينه الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وزيرا للاقتصاد. وفي تلك السنة، انتخب نائبا في البرلمان بصفته مرشحا مستقلا وكان ينوي الترشح لرئاسة بلدية كييف قبل الأزمة الراهنة. يأخذ عليه معارضوه أنه لا يملك أي فريق عمل وخلط بين السياسة والمصالح التجارية عندما كان في السلطة. وقالت الناخبة رايسا بودليسنيوك أول من أمس «إنه رجل من الطبقة الثرية الحاكمة والأمر سيكون كما في عهد يانوكوفيتش». وعبرت عن استيائها من اللقاء الأخير بين بوروشنكو وثري آخر يدعى دمترو فيرتاش الذي ينتظر قرارا قضائيا حول طلب أميركي بتسليمه في قضية فساد مرتبطة باستغلال منجم في الهند.

وخلافا لمعظم الأثرياء في أوكرانيا الذين جمعوا ثرواتهم بصورة مفاجئة في سنوات الفوضى التي تلت سقوط الاتحاد السوفياتي، لا يدين بوروشنكو بثروته إلا لجهوده. فقد بدأ بوروشنكو الذي يتحدر من بولغراد في الجنوب ببيع حبوب الكاكاو ثم اشترى عددا من مصانع السكاكر التي جمعها في وقت لاحق في مصنع روشن العملاق في أوروبا الشرقية. وينتج هذا المصنع سنويا 450 ألف طن من الشوكولاته، كما يفيد موقعه على شبكة الإنترنت.

ويملك أيضا شركة لصنع السيارات والحافلات وأخرى لبناء السفن وشبكة «قناة 5» التلفزيونية التي كانت في طليعة الشبكات المؤيدة للاحتجاجات على فيكتور يانوكوفيتش. وثروة بوروشنكو التي تقدرها مجلة فوربس بـ1.3 مليار دولار، تأثرت خلال الأزمة مع روسيا التي منعت استيراد شوكولاته روشن الشعبية، في خضم التفاوض بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي. ودخل بوروشنكو المجاز في الاقتصاد المعترك السياسي في 1998 وشارك في عام 2000 في تأسيس حزب المناطق الذي كان يترأسه فيكتور يانوكوفيتش. لكنه انضم بعد سنتين إلى فريق يوتشينكو، بطل الثورة البرتقالية في 2004 التي اضطلع فيها بدور كبير.