مودي يباشر قيادة الهند إثر مراسم حضرها قادة الدول المجاورة

محادثات ثنائية بين رئيسي الوزراء الهندي والباكستاني اليوم

مودي (يمين) يؤدي اليمين الدستورية بحضور رئيس البلاد موخيرجي (يسار) في نيودلهي أمس (رويترز)
TT

أدى الزعيم القومي الهندوسي نارندرا مودي أمس اليمين الدستورية ليصبح رئيسا جديدا للوزراء في الهند، في مراسم حضرها قادة من الدول المجاورة بما في ذلك باكستان المجاورة والمنافسة.

وكان مودي بدأ يومه أمس بالتوجه صباحا إلى نصب بطل الاستقلال المهاتما غاندي على ضفاف نهر يامونا، قبل أن يلتقي أتال بهاري فاجبايي الزعيم الوحيد لحزب بهاراتيا جاناتا الذي شغل منصب رئيس وزراء الهند (1998 - 2004)، ثم توجه لحضور حفل تنصيبه أمام الرئيس براناب موخيرجي في الفناء الأمامي للقصر الرئاسي بالعاصمة. وحضر حفل التنصيب أكثر من ثلاثة آلاف ضيف بينهم رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف والرئيس الأفغاني حميد كرزاي ورئيس سريلانكا ماهيندا راجاباكسا ورئيس الوزراء النيبالي سوشيل كويرالا ورئيس وزراء بوتان تشرينغ توبغاي ورئيس المالديف عبد الله يمين.

وكان مودي وجه دعوة إلى نواز شريف لحضور حفل التنصيب في خطوة فسرت على أنها بادرة دبلوماسية مهمة نحو باكستان، كما أنها ستكون المرة الأولى التي يحضر فيها زعيم من الدولتين حفل تنصيب الآخر منذ الاستقلال في 1947. وشريف الذي رحب بفوز مودي، قبل الدعوة التي وجهت أيضا إلى كل رؤساء حكومات رابطة دول جنوب آسيا للتعاون الإقليمي التي تضم باكستان. وتواجهت الهند وباكستان في ثلاث حروب منذ استقلالهما في 1947 وتعيشان حتى الآن توترا خاصة على خلفية منطقة كشمير المتنازع عليها.

وتحسنت العلاقات بين البلدين بشكل طفيف في نهاية ولاية رئيس الوزراء السابق مانموهان سينغ لكنها لا تزال تشهد فتورا مع انعدام الثقة والمناوشات المتكررة على حدود منطقة كشمير المتنازع عليها. ومن المرتقب أن يعقد مودي وشريف محادثات ثنائية اليوم الثلاثاء.

وتلقى مودي أمس تهنئة من الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي أعرب عن أمله في أن يعمل «بشكل وثيق» مع الحكومة الهندية الجديدة، حسبما جاء في بيان أصدره البيت الأبيض. وقالت الرئاسة الأميركية «باعتبارهما أكبر ديمقراطيتين في العالم، تتقاسم الهند والولايات المتحدة رابطا والتزاما وثيقين لصالح النهوض بالفرص الاقتصادية والحرية والأمن لمواطنينا وفي العالم». وكان أوباما اتصل بمودي يوم إعلان فوزه، ودعاه حينها لزيارة واشنطن «لتعزيز أوثق للعلاقات الثنائية» بين البلدين المنخرطين في شراكة استراتيجية.

يذكر أن حزب مودي «بهاراتيا جاناتا» حقق فوزا ساحقا في الانتخابات العامة، بحصوله على 282 مقعدا من إجمالي 543 مقعدا في مجلس النواب، بينما حصل حزب «المؤتمر» الهندي على 44 مقعدا، وهو ثلث العدد الذي حققه في الانتخابات السابقة.

وقبل تنصيبه، قال مودي على حسابه الرسمي على «تويتر»: «وفاء لالتزامنا بحكومة بالحد الأدنى وحكم بالحد الأقصى، سنعمد إلى تغيير إيجابي غير مسبوق في تشكيل» الحكومة. ونال مودي الغالبية في البرلمان منذ 30 عاما، مطيحا بحزب «المؤتمر» على أساس وعد بخلق وظائف واستئناف النمو.

ويجسد مودي (63 عاما) نجل بائع شاي الذي سيصبح رئيس الوزراء الخامس عشر للهند وأول رئيس حكومة مولود بعد استقلالها في 1947. الجناح المتشدد في حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا) ويثير عدم ثقة حتى لدى البعض من أعضاء الحزب. لكنه يسعى منذ فوزه الكبير في الانتخابات التشريعية التي جرت على مراحل وانتهت في 16 مايو (أيار) الحالي لهجة توافقية ووعد بالعمل من أجل كل الشعب وظهر مع خصومه في الحزب. وقد أثار مفاجأة عندما بدا عليه التأثر خلال زيارة قام بها مؤخرا إلى البرلمان حيث حبس دموعه وهو يعد بخدمة الهند مثل «أم».

ويواجه مودي الذي خاض حملته الانتخابية على أساس قدرته على حكم الهند وإنعاش الاقتصاد يواجه أيضا انتقادات بسبب موقفه خلال الاضطرابات الطائفية التي وقعت في 2002 في ولايته غوجارات. وكان مودي يرأس حكومة هذه الولاية منذ 2001 وانتقد بسبب عدم تحرك إدارته خلال الاضطرابات التي قتل فيها نحو ألف شخص غالبيتهم من المسلمين. ولقي رفضه تقديم اعتذارات إدانة لاحقا في قضية الاضطرابات الدينية هذه، زادا من النقمة ضده في صفوف خصومه. وقد قاطعته الولايات المتحدة وأوروبا على مدى عقد قبل أن تستأنفا الاتصالات معه مع احتمال فوزه في الانتخابات.

وقال أحد قادة الحزب القومي الهندوسي ارون جايتلي مؤخرا بأن «الذين يطالبون باعتذارات يريدون أن يجعلوا ذلك يبدو كأنه اعتراف»، مذكرا بأن القضاء لم يتهم مودي. وأضاف أن الهنود تجاوزوا هذا الأمر وأصبحوا الآن يركزون على الأداء الاقتصادي لمودي خلال حكمه ولاية غوجارات على مدى 13 سنة. ويفضل أصحاب الشركات في الهند وخصوصا عائلة امباني التي تعد أثرى عائلة في البلاد، التعامل مع مودي باعتبار أنه سيعمد إلى تنشيط الأعمال ويشيدون بأدائه الفعال وغير الفاسد.

أمضى مودي الذي جاء من أصول متواضعة، طفولته في قرية في غوجارات حيث الكهرباء كانت نادرة ودخل والده ضئيل. وخلافا لكثيرين من قادة الهند لم يدرس مودي في الخارج وغادر المدرسة في سن السابعة عشرة لكنه حصل على شهاداته العليا بفضل نظام الدراسة بالمراسلة. ويتحدث مودي عادة بالهندية أو بلغة مسقط رأسه أكثر من الإنجليزية خلال رحلته التي حملته إلى جنوب شرقي آسيا في أغلب الأحيان، أكثر من زياراته إلى الدول الغربية. وقال المؤرخ رودراغنشو موخرجي بأن «مودي هندي من غوجارات لا يرتاح كثيرا بأساليب الحياة الغربية ولا يشعر بالخجل من ذلك».

وحصل رئيس الوزراء الجديد على تأييد الناخبين في المدن والأرياف على حد سواء وخصوصا الشباب الذين ينظرون بتقدير إلى حصيلة أدائه الاقتصادية عندما على رأس ولاية غوجارات. وهذه الولاية الساحلية في شمال غربي الهند سجلت نموا سنويا بنسبة 10.13 في المائة بين عامي 2005 و2012 أي ثاني أعلى معدل نمو في ولايات هندية. لكن خصومه يرون أن حسن إدارته يخفي بالواقع تركيزا للسلطات يميل نحو التسلط. و«نموذج غوجارات» لا يحظى بإجماع لأن منتقديه يتحدثون عن «وهم» وعن تنمية تفيد المجموعات الكبرى على حساب الفقراء.