الجزائر تعرض احتضان اجتماع للبحث عن حل لأزمة مالي

ضباط من ثماني دول بالساحل يبحثون في العاصمة خطة لتأمين الحدود مع ليبيا

جنود ماليون يقومون بحراسة مدخل مدينة كيدال بعد الأحداث الدامية الأخيرة التي شهدتها المدينة (أ.ف.ب)
TT

كشف وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة، عن عرض قدمته حكومة بلاده إلى أطراف الأزمة السياسية في مالي لعقد اجتماع بالجزائر الشهر المقبل لبحث حل للأزمة. وانطلقت المحادثات بين الأطراف المعنية في مالي، منذ مدة، دون التوصل إلى اتفاق بسبب التوتر الذي يسود شمال البلاد جراء الخلاف بين الحكومة والطوارق المسلحين. وقال لعمامرة أمس لصحافيين بالعاصمة، قبل انطلاق أشغال مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز، إن الجزائر «تشيد بالاهتمام الذي أبدته التنظيمات السياسية المالية، وكذا دعم الحكومة المحلية لمحادثات السلام، إلى جانب استعداد حكومات دول الساحل لمنح مساعدتها من أجل إنجاح هذه الخطوة»، في إشارة إلى مساع لحل أزمة مالي السياسية التي يطغى عليها التوتر في مناطق شمال البلاد الحدودية مع الجزائر، رغم كسر شوكة الجماعات الجهادية المسلحة التي كانت تسيطر عليها.

وتسعى الجزائر إلى لعب دور مزدوج في مالي، التي تعدها امتدادا لعمقها الأمني في الصحراء الكبرى. إذ تكثف من تعاونها الأمني مع الحكومة المالية في إطار محاربة الإرهاب بالمنطقة العابرة للساحل، وتقود، في الوقت ذاته، جهود وساطة بين الأطراف السياسية المتناحرة على السلطة. ويبدي الجزائريون حساسية من دور فرنسي في مالي، يزداد تعاظما منذ إطلاق العملية العسكرية «القط المتوحش»، في شمال البلاد مطلع 2013، بهدف إنهاء سيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة عليه.

وبخصوص الوضع المتفجر في ليبيا، التي تربطها حدود مع الجزائر بطول 900 كلم، قال لعمامرة إن «الجزائر حريصة على تجنب التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ولكن ذلك لا يمنعها من إبداء الاهتمام الكبير بالوضع في ليبيا، وهي متضامنة مع الشعب الليبي».

وتحدث لعمامرة عن «أفكار ومبادرات يطرحها عدد من الأشقاء من الجامعة العربية والحكومة الليبية لمواجهة الأزمة في البلاد. وسنستغل فرصة وجود عدد من الدول المجاورة لليبيا (خلال مؤتمر دول عدم الانحياز) للتشاور حول الخطوات التي قد تتخذ مستقبلا»، في إشارة إلى اجتماع مرتقب الأسبوع المقبل، بالجزائر العاصمة، يجمع مسؤولين من الدول الأفريقية والعربية الحدودية مع ليبيا، بهدف بحث تداعيات الحرب الأهلية على أمن المنطقة خاصة ما تعلق بتسرب سلاح الحرب الليبي بعد الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في خريف 2011.

وشدد لعمامرة على «موقف حركة عدم الانحياز بشأن الحفاظ على استقلال بلدانها وسيادة شعوبها، وعدم الانحياز إلى مصالح الغير ولا قبولها توجيها من الدول المهيمنة على الساحة الدولية، لا سياسيا ولا اقتصاديا».

وأضاف «سيغتنم وزراء خارجية حركة عدم الانحياز لقاء الجزائر (ينطلق غدا ويدوم يومين) لبلورة موقف مشترك من التحديات والرهانات الدولية، وسيتطرقون إلى الأزمات والنزاعات التي تتطلب تحيين الموقف المبدئي للحركة، وكذلك الوقوف عند المقاربة التي يضعها المؤتمر من أجل الدفع بالعمل المشترك إلى الأمام، في مختلف القطاعات والميادين». وتابع: «المؤتمر فرصة لبلداننا للوقوف عند التطورات التي تقع على الساحة الدولية، واتخاذ مواقف مشتركة وتعزيز دور الحركة في إيجاد حلول مطابقة لمبادئ عدم الانحياز ولميثاق الأمم المتحدة».

على صعيد ذي صلة، يبحث ضباط في الأمن من الجزائر وبوركينا فاسو وليبيا، ومالي وموريتانيا والنيجر ونيجيريا وتشاد، منذ أول من أمس بالعاصمة الجزائرية، التهديدات بالحدود في دول الساحل ومنطقة الصحراء. وينتظر أن يسفر اجتماعهم الخميس المقبل، عن «تحديد محاور استراتيجية لتأمين الحدود»، بحسب ما جاء على لسان ضابط من النيجر في افتتاح أعمال الاجتماع، الذي يجري حاليا في جلسات مغلقة. ويشارك في الاجتماع ضباط أميركيون وإسبان وألمان ونمساويون وأتراك.

على صعيد متصل بالازمة في مالي, قال سوميلو بوباي مايجا، وزير الدفاع في مالي، إن 50 جنديا قتلوا خلال الأسبوع الماضي أثناء محاولة فاشلة من الجيش لاستعادة بلدة كيدال، معقل الانفصاليين الطوارق في شمال البلاد.

ويهدد هذا القتال، وهو الأسوأ منذ أن وقعت الحكومة والجماعات الانفصالية اتفاقية سلام، بإخفاق المفاوضات لإنهاء سلسلة طويلة من انتفاضات الطوارق وتجدد الحرب في مالي.

وقال وزير الدفاع في التلفزيون الحكومي المالي: «فيما يتعلق بالعدد سجلنا 50 قتيلا للأسف»، مضيفا أن 40 آخرين أصيبوا في العملية الفاشلة.

وكان مايجا قد قال من قبل إن 20 جنديا قتلوا في المعركة، كما أصيب 30 آخرون.

وشن الجيش هجوما على كيدال الأربعاء الماضي، بعد اشتباكات اندلعت في مطلع الأسبوع الماضي، أثناء زيارة للبلدة قام بها، أخيرا، رئيس الوزراء الجديد موسا مارا.

وكان الانفصاليون الطوارق والحكومة قد اتفقوا على صفقة، توسط فيها الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة يوم الجمعة، لجعل وقف إطلاق النار دائما، وأيضا لتبادل الأسرى واستئناف محادثات السلام، وقبول تحقيق دولي في القتال الذي وقع الأربعاء الماضي.