المعارضة السورية تعتبر خطاب نصر الله «تحفيزا لمقاتليه».. وتؤكد استمرار الحرب

قادة عسكريون وسياسيون نفوا إجراء أي لقاءات سرية مع الجانب الإسرائيلي

TT

لاقى خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الأخير، الذي ألقاه عبر شاشة عملاقة يوم الأحد الماضي خلال إحياء ذكرى تحرير جنوب لبنان والانسحاب الإسرائيلي منه عام 2000، موجة من ردود الفعل الداخلية والإقليمية. وفيما انتقد أفرقاء 14 آذار مواقفه «الاستقوائية»، استهجنت قوى المعارضة السورية ما أسمته بـ«الخطاب التحميسي الذي لا يمت للواقع بصلة»، نافية اتهامات نصر الله بتعاون المعارضة مع الإسرائيليين.

واعتبر عضو الهيئة القانونية في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» هشام مروة أن خطاب نصر الله الأخير «جاء أشبه بخطاب تحميسي غير دقيق لقائد عسكري يسعى لتحفيز مقاتليه، مستبقا إعلان النصر غير الحاصل لرفع معنويات عناصره فيما القراءة الواقعية للأحداث مغايرة لذلك تماما». واستغرب مروة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» تصوير نصر الله «الهدن الحاصلة في عدد من المناطق على أنها هزائم»، لافتا إلى أن «رضوخ قوات المعارضة لهذه الهدن يأتي بإطار سعيها لرفع الحصار، وهو بالتالي تغيير في المواقع تماما كما حصل في حمص حيث انسحب المقاتلون مع أسلحتهم». وقال: «إعلان النصر غير واقعي وغير صحيح خصوصا أنه أغفل تقدم قوات المعارضة في كثير من المناطق وتحقيقها انتصارات عدا عن سيطرتها على مجمل مناطق شمال وشرق سوريا».

وكان نصر الله أكد في خطابه سقوط «مشروع الشرق الأوسط الجديد»، مشددا على أن «سوريا ستنتصر ومحور المقاومة سينتصر». وقال إن «سوريا صمدت وتماسكت ومحور المقاومة صمد وتماسك، وما كان يحكى عن أن المشروع الآخر سيحقق انتصارا حقيقيا أو حاسما انتهى»، معتبرا أن «سوريا ومحور المقاومة يتقدمان، فسوريا تتقدم في الميدان وفي المصالحات الشعبية وفي المزاج العام والمراجعة الداخلية، تتقدم نحو الانتخابات الرئاسية، وهم يلجأون إلى تعطيل الانتخابات بقوة الحديد والنار».

ورأى مروة أن حديث نصر الله عن انتخابات بظل وجود الأسد «مهزلة لا تصدق»، لافتا إلى أن «نسبة الذين سيشاركون في الانتخابات معروفة قبل حصولها كما المشاركين معروفين تماما كما النتائج». وقال: «مسرحية الانتخابات اعتدناها منذ 50 سنة وهي لم تعبر يوما عن إرادة الشعب السوري، فكيف بالأحرى اليوم وعشرة ملايين سوري خارج منازلهم».

ورد مروة على اتهامات نصر الله بتعاون المعارضة السورية مع إسرائيل، عندما لفت إلى «انكشاف الدور الإسرائيلي في الأحداث السورية»، مشيرا إلى «علاقات سياسية ولقاءات سياسية مع الجانب الإسرائيلي، وتعاون على حدود الجولان، ومساعدات لوجيستية، ومساعدة نارية، وأهداف يقصفها الجيش الإسرائيلي لمصلحة المعارضة المسلحة»، وفق تعبير نصر الله. وقال مروة في هذا السياق إن «كلام نصر الله غير صحيح على الإطلاق، فكل ما حصل هو نقل بعض الحالات الإنسانية وإسعافها من قبل أهلها في الأراضي المحتلة في الجولان»، داعيا إياه لتقديم أدلة، «باعتبار أن الكل يعلم تماما أن (الرئيس السوري) بشار الأسد كان أول من بدأ بمفاوضات مع إسرائيل وهو على علاقة وثيقة بها ولطالما قدم التنازلات التي تصب في مصلحتها». وشدد مروة على أن «كل محاولات نصر الله وغيره لتوريط الثورة بعلاقة مع إسرائيل لن تجدي نفعا لأن جماهير هذه الثورة على ثقة تامة بالثوار».

وفي عام 2012، أعلن نصر الله مشاركة حزب الله في القتال إلى جانب النظام السوري في حربه ضد من أسماهم «تكفيريين»، وأكد في وقت سابق أنه «إذا كان لدينا خمسة آلاف مقاتل في سوريا سيصحبون عشرة آلاف، وإذا احتاجت المعركة مع هؤلاء الإرهابيين أن أذهب أنا وكل حزب الله إلى سوريا سنذهب من أجل سوريا وشعبها ومن أجل لبنان وشعبه، ومن أجل كل اللبنانيين ومن أجل فلسطين والقدس». بدوره، اعتبر المتحدث باسم المجلس العسكري الأعلى العميد قاسم سعد الدين أن نصر الله «تحول من رجل مقاوم إلى دجال ومنافق يدعي المقاومة»، مستهجنا حديثه عن تقدم محوره على الميدان السوري، وتساءل: «عن أي نصر يتحدث وعلى أي مناطق يسيطرون.. الحرب لا تزال قائمة وكل حديث غير ذلك هراء».

وانتقد سعد الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» اتهام المعارضة السورية بالتورط مع إسرائيل، مشددا على أن «الأسد هو حامي أمن إسرائيل»، وقال: «لم تحصل أي لقاءات سرية أو علنية مع قياديين إسرائيليين ولو حصلت لكنا أعلنا عنها».

وأوضح سعد الدين أن «المعارضة السورية تتعامل مع إسرائيل باعتبارها تغتصب وتحتل أراضي سورية، ونحن سنلجأ لتحريرها عن طريق التفاوض مع الأمم المتحدة».

وكان نصر الله اعتبر في خطابه أن الهدف مما يجري في المنطقة «هو تقسيمها ليس فقط على أساس مذهبي أو طائفي أو عرقي بل على أساس إمارات وقطاعات لكل جماعة مسلحة». وأشار إلى أن «أميركا والغرب يأتون بكل الإرهابيين من كل أنحاء العالم، يقدمون لهم التسهيلات والتسليح والنفقات والإعلام والغطاء السياسي، ويأتون بهم إلى سوريا ليدمروا سوريا ويدمروا محور المقاومة الذي بات يهدد أصل المشروع الصهيوني».

وقال نصر الله: «تبين بوضوح أن الذين جيء بهم لتهديد سوريا أصبحوا يهددون الجميع، والعالم وجد أن سوريا ومحور المقاومة لم يسقطا، ومن جيء بهم، بعضهم يعود إلى أوروبا وهذا تهديد للأمن الأوروبي».