مصر تمدد عملية الاقتراع الرئاسي يوما إضافيا

الداخلية أشارت إلى محاولات جماعة الإخوان لـ«إرباك المشهد السياسي»

مصريات أمام إحدى لجان الاقتراع الرئاسي في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

قررت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر تمديد عملية الاقتراع يوما إضافيا من أجل اتاحة الفرصة أمام أكبر عدد من المواطنين للإدلاء برأيهم في الانتخابات التي يتنافس فيها القائد السابق للجيش المشير عبد الفتاح السيسي، وزعيم التيار الشعبي حمدين صباحي. واستمر الاستنفار الأمني في محيط مراكز الاقتراع في اليوم الثاني أمس، بينما انفجرت عبوة ناسفة بدائية الصنع شرق القاهرة من دون وقوع إصابات، فيما وصفت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية مقطعا مصورا يظهر تسويد بطاقات للسيسي بـ«المصطنع».

وتجاوز عدد الناخبين عدة ملايين في اليوم الأول، إلا أن ذلك الرقم لم يوافق حاجز التوقعات المأمولة، وسط حالة من نقصان الرضا عن نسبة المشاركة في استحقاق بدت نتائجه محسومة لصالح المشير السيسي. وهو ما أسفر عن قرار الحكومة المصرية مساء أول من أمس منح موظفي الدولة والبنوك عطلة لإفساح المجال أمام المواطنين للمشاركة في التصويت.

ولاحقا، قررت اللجنة العليا للانتخابات مساء أمس تمديد فترة الاقتراع لتنتهي اليوم بدلا من مساء الأمس، وقال عضو باللجنة إن «الهدف هو اتاحة الفرصة لأكبر قدر من الناتخبين للإدلاء بصوتهم، ومنح الفرصة للوافدين للعودة إلى دوائرهم الأصلية من أجل التصويت».

وتضاربت الأنباء حول اعتزام اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية تفعيل غرامة الـ«500 جنيه (نحو 72 دولارا)» ضد كل من يتخلف عن الإدلاء بصوته في الانتخابات الرئاسية، وتطبيق القانون في هذا الصدد. وفي بلد يقبع أكثر من 40 في المائة من سكانه تحت خط الفقر، رجح أن يجدي التلويح بتفعيل الغرامة المالية - التي لم يسبق تطبيقها فعليا خلال العقود الأخيرة - في دفع المواطنين للذهاب إلى صناديق الاقتراع.

وكانت قوى سياسية طالبت صباح أمس اللجنة العليا للانتخابات بمد التصويت ليوم آخر، في مسعى لرفع نسبة المشاركة في الاقتراع الذي ترى السلطات المؤقتة أن الإقبال عليه يعد تعزيزا جديدا لثورة 30 يونيو (حزيران) التي أنهت سنة من حكم جماعة الإخوان المسلمين الصيف الماضي، بعد مظاهرات حاشدة ضد حكم الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي للجماعة.

وقدر تحالف مراقبة الانتخابات المكون من عدة منظمات مدنية، نسبة الحضور للاقتراع في اليوم الأول بنحو 15 في المائة من عدد الناخبين البالغ عددهم نحو 54 مليون ناخب. واستقبلت مراكز الاقتراع في التاسعة من صباح أمس الناخبين الذين واصلوا الحالة الاحتفالية التي هيمنت على اليوم الأول من الاقتراع، وشهدت مراكز الاقتراع أيضا حضورا لافتا للسيدات، ونسبة أقل لشريحة الشباب.

وحصل المشير السيسي على أكثر من 95 في المائة من أصوات الناخبين المصريين في الخارج، والتي جرت منتصف الشهر الحالي، وامتدت لخمسة أيام، مما عزز انطباعا بتحقيق قائد الجيش السابق فوزا مريحا على منافسه صباحي. لكن حملة زعيم التيار الشعبي قالت إن نسبة الإقبال في اليوم الأول تعد فرصة لاقتناص الفوز إذا ما شارك الشباب بكثافة في اليوم الثاني، ودعت المقاطعين للتراجع عن موقفهم، ودشنت الحملة وسما على مواقع التواصل بعنوان «الثلاثاء لحمدين».

وقال معصوم مرزوق، المتحدث الرسمي باسم حملة صباحي خلال مؤتمر صحافي عقد مساء أول من أمس، إن حملته التزمت بميثاق الشرف الأخلاقي، وكان لديها إصرار على نجاح هذه التجربة الديمقراطية، مضيفا أن عدد من قاموا بالتصويت نحو ثلاثة ملايين ناخب حتى مساء أول من أمس، بحسب تقدير حملته، متابعا أن ذلك يؤكد أن الشباب من المحتمل أن يشاركوا في اليوم الثاني من الانتخابات الرئاسية (أمس) للمساهمة في وصول الثورة إلى السلطة.

وأضاف مرزوق أنه وردت لحملة صباحي تقارير عديدة عما سماه «مخالفات جسيمة تهدد نزاهة الانتخابات»، لافتا إلى أن بعض هذه المخالفات تتضمن منع وكلاء ومندوبين من حملة صباحي من دخول اللجان الانتخابية، والاعتداء بالضرب على بعضهم، مطالبا بتوفير الحماية لأعضائهم، مؤكدا أنه في حال استمرار هذه المعاملة سيكون الوضع في غاية السوء، وسيؤثر ذلك على مظهر الانتخابات دوليا.

وتعد حركات شبابية، وعلى رأسها حركة شباب 6 أبريل التي صدر بحقها قبل نحو شهر حكم بحظر نشاطها، أن ضعف الإقبال مؤشر على نقص ثقة المصريين في العملية الانتخابية، من وجهة نظرها. وكانت تلك الحركات قد دعت في وقت سابق إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية ودشنت حملة جديدة تحت شعار «ضدك» احتجاجا على ترشح المشير السيسي.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أمس مقطعا مصورا يظهر عملية تسويد بطاقات لصالح المشير السيسي، لكن اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة أصدرت أمس بيانا تكذب فيه تلك الواقعة، وتؤكد أنها مشاهد «مصطنعة». وقالت اللجنة في بيانها الصادر بعد اجتماع طارئ لها، إنها لاحظت قيام بعض المواقع بعرض فيديو يعرض لقطات مصورة لقيام أحد الأشخاص بتسويد بطاقات الرأي لصالح المرشح الأول المشير السيسي، وقامت اللجنة بفحص تلك اللقطات، وتبين أن بطاقة الاقتراع المستخدمة في هذه اللقطات ليست هي بطاقات الرأي المعتمدة من قبل لجنة الانتخابات الرئاسية.

وأشارت اللجنة العليا إلى أن البطاقات الموجودة بالمقطع المصور يختلف حجمها تماما عن الحجم المعتمد، فضلا عن غياب وجود العلامة المميزة الخاصة بكل ورقة غير قابلة للتزوير أو التقليد في أعلى الورقة، وعند فصل الورقة من الدفتر تنقسم إلى نصفين، نصف في الورقة ونصف يبقى في الدفتر، موضحة أنه من الواضح أن القلم المستخدم في المقطع المصور «قلم رصاص (غير معتمد في الاقتراع)».

وقال مراقبون إن المقطع المصور لتسويد البطاقات لصالح المشير السيسي محاولة للتشكيك في جدية الانتخابات، واتهموا جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف خلف هذه المحاولة.

وترفض جماعة الإخوان المسار السياسي الذي أعقب عزل الرئيس السابق مرسي. ودعت الجماعة أنصارها للتظاهر احتجاجا على الانتخابات الرئاسية التي تعد ثاني خطوات خارطة المستقبل التي توافق عليها الجيش والقوى السياسية التي شاركت في ثورة 30 يونيو (حزيران)، وانتهت بعزل مرسي.

وقال اللواء هاني عبد اللطيف، المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن يوم أمس «شهد محاولات من جماعة الإخوان لإرباك المشهد السياسي»، مؤكدا أن قوات الأمن ألقت القبض على 42 إخوانيا.

وقال شهود عيان إن عبوة بدائية الصنع انفجرت أمس في ميدان روكسي بمنطقة مصر الجديدة (شرق القاهرة)، وخلفت تلفيات في ثلاث سيارات وإصابة مواطن بجروح طفيفة، لكن اللواء عبد اللطيف نفى في تصريحات صحافية وقوع أي إصابات جراء الانفجار، مؤكدا أن الحالة الأمنية بالمنطقة مستقرة.

وبينما استمرت بعثات المراقبين الدوليين في تفقد لجان الاقتراع أمس، قالت غرفة العمليات المركزية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، شبه الحكومي، إنها تلقت منذ بداية اليوم الثاني للانتخابات الرئاسية بضعة عشرات من الشكاوى، غالبيتها تتعلق بتأخير فتح اللجان عن موعدها المحدد.

وأوضحت غرفة عمليات المجلس القومي لحقوق الإنسان أنه كان من اللافت للانتباه انخفاض نسبة الإقبال في غالبية اللجان صباح أمس، مشيرة إلى استمرار مشكلة الوافدين (المواطنون غير الموجودين في موطنهم الانتخابي) وعدتها عقبة في إقبال المواطنين على التصويت في العملية الانتخابية، خاصة في المحافظات الكبرى مثل القاهرة والجيزة. من المقرر أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية النتائج النهائية للاقتراع الذي جرى اليومين الماضيين في موعد أقصاه الخامس من يونيو (حزيران) المقبل، لكن من المرجح أن تظهر النتائج الأولية اليوم الأربعاء مع بدء الفرز في اللجان الفرعية، التي يبلغ عددها نحو 14 ألف لجنة.